يوشك المخرج الجزائري حميد بن عمرة على الانتهاء من فيلمه "حزام" وهو روائي وثائقي تناول فيه موضوع الرقص الشرقي، من خلال تركيز كاميرته على مدرسة لتعليم الرقص الشرقي في فرنسا. يقول بن عمرة: "بالكراتيه ليس مهم لون حزامك المهم أن تكون قادرا على مواجهة الخصم، وبالرقص الشرقي الحزام ليس دوما حلة تتباهى بها الراقصة بل ما يجعل من البطن مصدر الإيقاع". الفيلم يتجول بين نساء من آفاق متعددة وثقافات مختلفة، والمرأة في الفيلم ليست فقط جزائرية بل إفريقية، هندية، لاتينية، يابانية وأوربية، حيث أن باريس تجمع بين كل هذه الألوان واللغات وتجعل منها نواة هذا الفن، لا الفيلم لا يتنقل في بقاع العالم بل هو الذي يأتي إليك من خلال الرقص الذي لم يعد يقتصر على الشرق فقط. يعتبر المخرج حميد بن عمرة أن الرقص الذي يصوره لا علاقة له بالكاباريه ولا بنوع من التبرج السينمائي، بل أن محور موضوع الفيلم لا يخرج عن حبه للمرأة، والمرأة بالنسبة له هي الأخت، الأم، الزوجة، الرفيقة، المعلمة وهي النجمة الغائبة عن شاشاتنا. "هناك شيء يتسرب طبيعيا إلى جسدك عندما تصور الرقص لسنوات، هو تلك السلاسة والمرونة التي نحتاجها كل يوم من حركاتنا البسيطة، حتى أن الكاراتيه الذي أمارسه بعد معرفتي للنساء يختلف عن الكاراتيه الذي مارسته في صغري، بمعنى أن الحركة صارت أقوى لكونها أكثر سرعة وهذا لأن الجسم لم يعد جامدا كالصخر"، هكذا يصف بن عمرة تجربته في تصوير هذا الفيلم وربطها بممارسته لرياضة الكاراتيه. يتساءل بن عمرة في الفيلم: "متى تتحول الحركة إلى رقص ومتى تبقى مجرد حركة؟ أي أين يبدأ الإيقاع والطرب في الجسد، وهل الرقص يحتاج دوما إلى الموسيقى أم أن الموسيقى نغم سري أساسه دقات القلب؟، يقول المخرج بأن الفيلم حول الحياة والموت والرقص فيه ليس إلا طعما للجمهور، كما أنه يتناول الأنا وعلاقة الذات بالأنانية، مضيفا أن "حزام" فيلم النساء فيه يحببن الحياة ويعرفن أن الرجل الذي يعتدي عليهن إنما يعتدي على نفسه، أو بالمعنى الشعبي يقال أن فلان "محزم" أي مستعد لخوض الحياة، لذا هو كمخرج "راني محزم" فنيا وتقنيا وفلسفيا ودينيا. يقول المخرج حميد بن عمرة: "16 عاما خلت وكاميراتي تتابع بدقة كل قدم وكل يد ترسم حركة رشيقة تعبر عن أنوثة راقية، 16 عاما والعدسة تترقب كل نفس وكل شكل من أشكال التعبير الجسدي، خلال كل هذا الوقت استوعبت بعمق الحدس الأنثوي وتقربت من مصدر الحياة والحب، المرآة. يضيف بن عمرة: "اقتربت من البطن الذي حملني شهورا ومن الجسد الذي أسكن إليه، فهمت أن المرأة هي أنا وأن هويتي قبل أن تتشبع بالأخضر والأحمر والأبيض هناك راية ليس لها لون لأنها تحمل كل الألوان". يبحث بن عمرة عن تلك العلاقة بين حزام الرقص وحزام الكاراتيه، يقول: "الحزام عند الساموراي هو ما يدفئ البطن وليس فقط لحمل "الكاتانا" السيف الياباني، عقدة الحزام ببطن الراقصة آسيا ڤمرة لا يحمل عقدة نفسية بل يربط بطنها بأنوثتها. يتحدث المخرج عن بطلة الفيلم آسيا ڤمرة: "قبل أن تدخل مسرح الرقص مارست الكاراتيه بالجزائر عند المعلم الكبير الوالي محفوظ في بداية السبعينات قبل هجرتها إلى فرنسا، وفي بداية الثمانينات دخلت نقس القاعة عند نفس المعلم، ما يربطني بآسيا ڤمرة قبل الرقص هو نفس المكان ونفس الفن، الكاراتيه. ويضيف المخرج: "عندما بدأت تصوير الفيلم عام 1999 حول دور البطن في الرقص والكراتيه وجدت أن العامل المشترك بينهما هو تلك الطاقة الخام الكامنة في جوف كل شخص منا والتي هي أساس كل قوانا". حميد بن عمرة واحد من المخرجين الجزائريين الذي يصر دائما على تحدي الصعاب، يعشق السينما منذ صغره، يحلم بالأفضل دائما، يعمل وفقط، لا ينظر للوراء، قدم بن عمرة وهو مخرج وممثل ومصور أول عمل له في 1981 ثم اهتم بالأفلام القصيرة قبل أن يتحول في 2007 إلى الأشرطة الوثائقية. أنجز المخرج في 2012 وثائقي بعنوان "Bouts de vies, buts de rêves" الذي شارك في العديد من المواعد السينمائية الدولية الهامة منها الأيام السينمائية لقرطاج بتونس ومهرجان السينما الإفريقية لواغادوغو (فسباكو). آخر فيلم له بعنوان "هواجس الممثل المنفرد بنفسه"، تتمحور أحداث هذا الفيلم الذي تنافس في العديد من المهرجانات العالمية، حول أحلام وطموحات وفلسفة بطل الفيلم وهو الممثل محمد أدار الذي تتقصى الكاميرا حيثيات أداء هذا الممثل لدوره في عمل مسرحي قيد التحضير، ويركز الفيلم على الكثير من صور الأرشيف وهو بمثابة تكريم للفنانين والسينمائيين ورجال الثقافة الجزائريين والعرب.