أعداد أحفاد العائلات الأندلسية/الموريسكية في الجزائر تُقدَّر اليوم بالملايين، وغالبيتها لا تُدرِك أنها من أهل تلك الديار المفقودة رغم أن الكثير منها ألقابها العائلية إيبيرية القلب والقالب تفوح بعطر الأندلس على غرار عائلات: قرطبي (قرطبة)، أندلسي (الأندلس Andalucia)، غرنوطي (غرناطة Granada)، عنجروني (عنجرونة Lanjaron)، بْلانْسِي (بلنسية Valencia)، مالْكِي (مالقة Malga)...إلخ. عن ملحمة هذه العائلات منذ خروجها وكل العائلات الأندلسية/الموريسكية التي أُخرِجت بغير حق من ديارها الإيبيرية وتفرقت في كل بقاع العالم يتحدث كتاب "الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم" لفوزي سعد الله على مدى أكثر من 800 صفحة مقسَّمَة إلى جزئيْن صادريْن عند دار قرطبة في مدينة الجزائر. ويوزَّع في المكتبات ابتداء من شهر أكتوبر 2016م. أسئلة كبرى يجيب عنها فوزي سعد الله ما الذي حدث لأهل الأندلس وأبنائهم وأحفادهم بعد السقوط؟ كيف تعاطوا مع الأوضاع الجديدة التي فرضتها إيسابيل وفرناندو بِحدِّ السَّيْف؟ وهل تشبثوا بالأرض التي وُلدوا عليها أم تركوها بحثا عن آفاق أكثر أمنا واستقرارا؟ كيف تصرف الذين بقوا وماذا كان مصيرهم؟ وإلى أين ذهب الذين ذهبوا وكيف عاشوا في المَنَافي؟ وأين هم اليوم؟ هذه الأسئلة الكبرى الغائبة يُجيب عنها "الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم" بعد أن قضى كاتبُه الصحفي الجزائري فوزي سعد الله أكثر من 10 سنوات يستقصي أخبار أهل تلك الديار ويقتفي آثارهم حيثما حلوا وارتحلوا في كل بقاع الأرض، لأن الأندلسيين الذين اختاروا، أو أُجبِروا على، ترك الديار لم يذهبوا إلى البلاد الإسلامية فحسب بل انتشروا في كل بقاع الأرض، ووَصَلَتْ طلائعُهم حتى أقاصي آسيا شرقًا وأراضي "العالم الجديد" غربًا. الفردوس المفقود في الثاني من جانفي من العام 1492م، انتهى حُكم المسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية بسقوط مملكة غرناطة وتسليم سلطانها أبي عبد الله النصري مفاتيحها إلى المَلكيْن "الكاثوليكييْن جدا" إيسَابِيلْ وفِرْنَانْدُو. وقبل مغادرتها مرفوقا بأسرته وحوالي 50 فارسا تاركا وراءه الحمراء والبَيَازِين وثمانية قرون من التاريخ الإسلامي وأمجاد طارِق بن زيَّاد وموسى بن نُصَيْر وصقر قُرَيْش والحَكَم بن هشام والمنصور بن أبي عامِر، ورَنَّات عود زِرْيَاب وأغاني ابن الحاسِب المُرْسِي وألحان الفنان العبقري ابن باجَة ودُرَر ابن سَهْل وأبيات ابن عَبَّاد وأزجال ابن قُزْمَان، بكاها أبو عبد الله "كالنساء" وهو يرحل بعد أن فشل في الحفاظ عليها "كالرجال"... بكاها ليذهب مؤقتا إلى ضَيعاتِه القريبة من غرناطة في آنْدَرَاتْشْ، شرق الأندلس، قبل أن ينتهي مشواره في مدينة فاس في المغرب حيث قضى نَحْبَهُ لاجئًا بعد أن فَهِم أن الأرض الإيبيرية لم يعد له ولا للمسلمين فيها مكان. وكانت تلك اللحظة التراجيدية التي بكى فيها الملك الصغير (Rey El Chico) "الفردوس المفقود" بداية بكاء لم يتوقف بعد لكل المسلمين، والعرب بشكل خاص، وضاعت في غمار الصدمة والنحيب آثار أهل تلك الربوع والدِّيار ومآلاتهم بعد أن سقط مُلكُهم. لكن، لم ننس في المشرق كما في المغرب وفي كل العالَم أن الأندلس كانت منارةً حضارية لكل البشرية طيلة قرون. وباتت قرطبة في أعز فترات هذه الحضارة العظيمة "زينةَ الكَوْن" التي، على حد تعبير الكاتب الفلسطيني عادل بشْتَاوِي، "اغتسَلَ أهلُها ب: 900 حمّام وتَوجَّهوا بالشُّكر للخالق في 400 مسجد مُستضِيئين بآلاف المصابيح المصنوع بعضُها من الفضة الخالصة، وسَارَ مسلمُها ونصرانيها ويهوديها على شوارعها المرْصوفة في أمانٍ لم يتكرر بعدَها في أية بُقعة من بقاع العالم إلى يومنا هذا". نفض الغبار عن الأحداث الأليمة قاوم الأندلسيون، الذين سرعان ما سُمِّيوا تحقيرا من طرف الأسياد الجدد ب: "الموريسكيين"، كل مساعي السلطات الإسبانية والكنيسة الكاثوليكية لتنصيرهم إجباريا بعد منعهم من العيش مثلما كانوا يعيشون وفق التقاليد والعادات الإسلامية. ولم تنفع القيود والسجن والنفي والتعذيب والقتل والحرق والدَّمار في إحباط عزائمهم. بل ما كانت تهدأ ثورة أو تمرد على الاضطهاد حتى تنفجر أخرى، لا سيما في مملكة غرناطة آخر معاقل الإسلام في الأندلس. غرناطة تلك القلعة الإسلامية التي احتضنت أول هذه الثورات من قلب حيّ البيازين في نهاية عام 1499م، وانتشر لهيبها في جبال البشارات القريبة التي سوف تكون مرة أخرى على موعد مع التاريخ، وذلك باحتضانها آخر أكبر هذه الانتفاضات الأندلسية/الموريسكية التي اندلعت نهاية عام 1569م وعُرفت ب: ثورة البشارات الكبرى ودامت ثلاث سنوات رهيبة. ويأتي كتاب "الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم" لينفض بعض الغبار المتراكم عن هذه الأحداث الأليمة ويسلط بعض الضوء على تلك المعاناة مُستعينًا بشهادات ضحاياها مُستنطِقًا مئات المؤلفات والدراسات باللغات العربية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والأنجليزية والتركية، بالإضافة إلى عشرات الشهادات الحية من أحفاد الأندلسيين والموريسكيين. ويؤكد المؤلِّف أنه فيما بقي مئات الآلاف من الأندلسيين في شبه الجزيرة الإيبيرية، وما زال أحفادهم يعيشون بها إلى اليوم بعد أن فقدوا هويتهم وأصبحوا إسبانيين وبرتغاليين، تركها ملايين آخرون بحثًا عن الأمن والسلام حيث استقرت غالبيتهم في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا والصحراء الغربية وحتى في مالي، لا سيما في تُنْبُوكْتُو، وانتشر آخرون في مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز، مثلما تَوَجَّهَ البعضُ الآخر إلى تركيا العثمانية وولاياتها الأوروبية كالبُوسْنَة والهرْسك. الشتات الأندلسي في العالم ما لا يكاد يُعرَف، إلا في الأوساط المتخصصة، هو أن مجموعات من الأندلسيين/الموريسكيين استوطنت أيضا فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وسويسرا وكُوبَا والبِيرُو وفنزويلا، ووَصَلَتْ طلائعُها حتى إلى ما يُعرَف اليوم ب: الولاياتالمتحدة الأمريكية حيث اختلَطتْ بالهنود الحُمر وأثَّرتْ فيهم وتأثرتْ بهم، ولعل ذلك ما يُفسِّر وجود كلمات عربية وأمازيغية كثيرة في لغات الهنود الحُمر، فضلا عن أن من بين الأسماء القديمة التي اتخذها الهنود الحُمر لبلداتهم وقراهم أسماء عربية بحتة، أحيانا مُحرَّفة قليلا، "...وفعلا، وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها: فاس، مراكش، تلمسان، سَلاَ..." التي اعتقد الباحث الداعية الإسلامي المغربي علي المنتصر الكتاني أنها أسماء جاءت مع الرَّحَّالة الإسبان، إلا أنها، على حد قوله وحسب ما قالتْهُ له دوقة سيدونيا، في إسبانيا، لْوِيزَا إيزابيل ألْ فِرِّيسْ دو طوليدو (Luisa Isabel al ferris Do Tolido)، وبالوثائق، وُجِدتْ "...قبل مجيء الإسبان، إنما كانت مع وجود المسلمين قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومب" يُضيف الكتاني في محاضرة عن "الوجود الإسلامي في الأمريكتيْن قبل كريستوف كولومب" مذكورة في "الشتات الا،دلسي في الجزائر والعالم"... أما في بريطانيا، فقد أكَّد مؤرخون غربيون مختصون في تاريخ العائلة الملكية بأن المَلِكة إليزابيث الثانية تجري في عروقها دماءٌ أندلسية تنحدر من إحدى نساء أسرة صاحب إشبيلية الشاعر المعتمد بن عبَّاد... يوضح فوزي سعد الله بأن كتابَه محاولة لمد الجسور وإعادة "التواصل الذي انقطع مع ضحايا النكبة الأندلسية لنُبيِّن أنهم أحياء يُرزقون بيننا وربّما هم نحن وأنتَ وأنتِ وذاك وهؤلاء...، ونكتشف أن الشجرة الأندلسية ما زالت مورِقة تمتد فروعها وأغصانها في الجزائر وأقطار المغربي العربي وتُظَلِّلُ كاملَ المنطقة العربية والمتوسطية وحتى إفريقيا جنوب الصحراء إلى غاية إمبراطورية غانا في عمق الأدغال الإفريقية، بل إن لهذه الشجرة الأندلسية جذورا ضاربة في أعماق أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، ويوجد شيء منها حتى في أمريكا الشمالية عند إثنية "الميلُونْجُونْسْ" التي تنحدر منها شخصيات أمريكية كبيرة..."، يضيف فوزي سعدالله، من بينها، حسب دراسات أمريكية حديثة، الرئيس الأمريكي آبراهام لينكولن ومغني موسيقى "الرُّوكْ" الشهير خلال النصف الثاني من القرن 20م إلْفِيسْ بْريسْلِي. ويؤكد بأن "الوثائق التاريخية، الأرشيف والمخطوطات، إضافة إلى مؤلفات الرحالة، تشهد على وجودهم في بنغازي ومصراتة وطرابلس الغرب، وفي القاهرة وبكثافة أكبر في الإسكندرية، وفي الحجاز في جزيرة العرب، وصنعاء وعدن، وفي البصرة وبغداد، وفي دمشق وحلب وبيروت وطرابلس الشرق وبيت المقدس، خصوصا في حارة المغاربة التي هدّمها المحتلون الصهاينة عام 1967م لتوسيع ساحة حائط المبكى، وأيضا في إسطنبول في حَيِّ "غَالاَتَا" وفي أَضَنَة وفي مختلف بلدات القلب النابض للإمبراطورية العثمانية الذي حوَّلتْهُ خُطَطُ "سايْكْسْ – بِيكُو – سِيزَانُوفْ" إلى ما يُعرَف اليوم بدولة تركيا، لتصل طلائعُهم حتى دول البلقان بل حتى الهند وباكستان والفلبين" في سياق مغامراتهم ورحلاتهم التجارية. واليوم، بغض النظر عن الإرث الأندلسي/الموريسكي الهائل والمتنوع الراسخ في العادات والتقاليد والطقوس الدنيوية والدينية في البلدان التي احتضنت العدد الأكبر منهم، فإن عطر "الفردوس المفقود" ما زال ينبعث في المنافي، التي أصبحت أوطانا، عبْر أحفاد هؤلاء المنكوبين في وطنهم الذين تُشبِه نكبتُهم كثيرا نكبةَ فلسطين عام 1948م. ومن أبرز وجوه هؤلاء الأحفاد، يمكن ذِكْر عائلات الأحمر وقرْطُبِي وبُونَاطِيرُو وبْلاَنْكُو وبن لُوصِيفْ وبن يَلَّسْ وسْعيدوني والمدني في الجزائر، والكتَّاني وقَشْتُولْ وبَالاَمِينُو وبن كيران وغديرة في المغرب، والتَّميمي وزْبِيسْ وبن النِّيقْرُو وبوناتيرو في تونس، والرِّيشِيكُو (Rey Chico) في ليبيا، والجزائرْلِي في مصر، والحُسيني وشعث في فلسطين، والمغربي والحُصّ وبّيّْهُم والعيتَاني في لبنان، والألْشِي في سوريا...إلخ. كما تقاذفتهم أمواج قدرهم البائس بعد السقوط والطرد الجماعي من إسبانيا إلى حواضر جنوبفرنسا تحت رعاية الملك هنري الرابع، حليف آل عثمان، حيث تَنَقَّلُوا بين مُدُن مُنْبُولْيِيه (Montpelier) وآغْدْ (Agde) ومَرْسِيلْيَا (Marseille) ووصلوا حتى العاصمة الفرنسية الحالية باريس حتى قَدَّر البعضُ عددَ الذين استقروا منهم بشكل دائم في فرنسا ب: 40 ألفَ موريسكي، فيما ألقتْ عواصفُ فاجعةِ الانهيار ببعض هذا الشتات الأندلسي/الموريسكي في هولندا والبندقية وصقلية وجزيرة مالطا. وهكذا نعثر في فرنسا القرن 17م على الموريسكي آلُونْسُو دِي لُوبِيسْ (Alonso de Lopes)، أو لوبيث في اللغة الإسبانية، (1582م – 1649م) مستشارا لدى الكارْدِينَالْ رِيشْلْيُو (1585م – 1642م) رئيس الحكومة الفرنسية لدى الملك لويس13. وكان الشاعر الكبير والسياسي ألفونس دو لا مارتين (Alphonse de La Martine) يقول إنه ينحدر من عرب الأندلس المعروفين في جنوبفرنسا في عهده ب: السَّارَازين (Sarazins)... كما نصادف من ضمن نبلاء إسبانيا في القرون التالية لسقوط الأندلس أسرة دي غراناذا فينيغاس (De Granada Venegas) وأسرة "لوس فينيغاس" (Los Venegas)، وكلاهما تنحدران من مسلمي غرناطة من الأسرة الأمازيغية بن يَغَّشْ، وآل الثِغْرِي (Zegri) الذين ينحدرون من القائد الغرناطي المُتَنَصِّر جُونْثَالُو فِرْنَانْدِيثْ ثِغْرِي (Gonzalo Fernandez Zegri)، ولويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو (Luisa Isabel al ferris Do Tolido) دوقة مدينة سيدونيا (Cedonia)، وهي سليلة إحدى أكبر العائلات الإسبانية النبيلة، والتي عاشت إلى غاية السنوات القليلة الأخيرة في قصرها قريبا من مدينة سان لوقار دو باراميدا (San Lucar De Barrameda)، قرب نهر الوادي الكبير (Guadalquivir) في الأندلس... وقبل كل هؤلاء بِقرون، ذهبتْ مجموعات أندلسية لأسباب سياسية داخلية في بلادهم حتى جزيرة كْريتْ، شرق البحر المتوسط، وسَكَنَتْهَا وأقامتْ فيها دُوَيْلَةً صغيرة لفترة طويلة دامت من حوالي عام 824م إلى عام 961م عندما سقطت بيد البيزنطيين... الأندلس المفقودة وحلم العودة بعد الرحيل القسري من أرض الأجداد هروبا من اضطهاد السلطات الإسبانية ومحاكم التفتيش الكاثوليكية، لا سيما إلى المنطقة المغاربية، يقول مؤلف الكتاب "كان الأندلسيون/الموريسكيون دائمي الحُلم بالعودة إلى مسقط رأسهم واعتقدوا لفترة طويلة وأحيانا لأجيال كاملة أن وجودهم في المَهاجِر الاضطرارية بين الإخوة والأشقاء لم يكن سوى مرحلة عابرة ريثما تُستعاد الأندلس المفقودة بمساعدة المجاهدين المغاربيين في بر العدوة والدعم العثماني. وآمنوا بعودة حتمية، طال الزمن أم قَصُر، إلى بيوتهم في غرناطة ومَالَقَة والمَرِيَّة وإشْبِيلْيَة وقُرْطُبَة وربما حتى طُلَيْطِلَة التي كانوا افتقدوها مبكِّرًا تحت ضربات القوات المسيحية المُرابِطة في شمال شبه الجزيرة الإيبيرية. فاحتفظوا لذلك حتى بمفاتيح الدِّيار والمخطوطات وبعض الأغراض". للجزائر نصيب من اللاجئين والمطرودين وكان نصيب الجزائر من هؤلاء اللاجئين والمطرودين يُقدَّر بمئات الآلاف بحلول نهاية القرن 16م بعد توالي الهجرات واللجوء منذ سقوط غرناطة عام 1492م وحتى قبله، وخلال عمليات الإجلاء على أيدي القوات الجزائرية، لا سيما في عهد الأخوين خير الدين بربروس وعروج وحسن بن خير الدين وحسن آغا والعلج علي وأحمد أعراب باشا...إلخ. ثم توالت موجات أخرى من المطرودين ما بين 1609م و1614م بقرار من الملك الإسباني فيليب الثالث والذين امتلأت بهم وازدهرتْ المدن والأرياف الجزائرية، وكان من ضمنهم المهندس المعماري وخبير الرّيَ الشهير في مدينة الجزائر العثمانية المْعَلَّم موسى الثغري الأندلسي وأسرته، وعائلة الشُّوَيْهد، والمدني التي ينحدر منها المؤرخ أحمد توفيق المدني الغرناطي، وأسرة الجيَّار التي ينحدر منها المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي، وبْرِيهْمات التي استقرت نهائيا في مدينة الجزائر بعد إقامة مؤقتة في تونس، وبُوضَرْبَة، وبن تْشِيكُو، وبوالرّْكَايَبْ، وبن الكْبابْطي..إلخ. وكانت تلك الأفواج من الوافدين الأندلسيين/الموريسكيين بمثابة الإوزة التي تلد ذهبا في الجزائر وفي غيرها من البلدان التي استضافتهم حيث عَززتْ الوضع الديمغرافي وحَركتْ بقوة دواليب الاقتصاد ونشَّطتْ الحياة الثقافية وعمَّرت الأرض. في الجزائر، أسسوا مدنا وبلدات جديدة على غرار القُلَيْعَة والبُلَيْدَة، وعَمَّروا بلدات صغيرة شبه مهجورة جعلوها من أهم التجمعات الحضرية في البلاد، من بينها دَلَّسْ وتَنَسْ وشَرْشَالْ وقلعة بني راشد ونَدْرُومَة ومُسْتَغَانِمْ، ووسعوا، أو ساهموا مساهمة أساسية في توسيع، بلدات صغيرة لتصبح حواضر كبرى كمدينة الجزائر وبِجَايَة وعَنَّابَة وتِلِمْسَان ووَهْرَان ومْعَسْكَرْ وغيرها... الباحث فوزي سعد الله فوزي سعد الله، صحفي وكاتب وباحث جزائري مهتم منذ بداية تسعينيات القرن 20م بعدة قضايا تاريخية وثقافية جزائرية وعربية ألَّف بشأنها عدة كتب من بينها: "يهود الجزائر هؤلاء المجهولون"، "يهود الجزائر مجالس الغناء والطرب"، "صفحات مجهولة من تاريخ الغناء الأندلسي في تلمسان ومدن أخرى"، "الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم".