تطرق الباحث والإعلامي فوزي سعد الله، في هذا الحوار، للعديد من الجوانب التي تتعلق بالموسيقى الأندلسية من حيث النشأة وتأثير اليهود والموريسكيين على هذا الفن، كما تناول الحديث عمله الجديد الذي يوشك على إنهائه الموسوم ب “الشتات الأندلسي في الجزائر والمنطقة العربية والمتوسطية”، ناهيك عن المشروع الإسرائيلي من أجل تحقيق التقارب الثقافي بين مختلف المكونات الإثنية للمجتمع الإسرائيلي بواسطة الموسيقى الأندلسية. تعتبر من الباحثين القلائل الذين تطرقوا لقدوم الأندلسيين للجزائر وتاريخ الموسيقى الأندلسية، فلماذا يبقى هذا المجال مجهولا عند الجزائريين، خصوصا من حيث النشأة الأصلية؟ لأن الجزائريين أهملوا الكثير من جوانب حياتهم وتاريخهم بسبب الغرق في الصراعات الإيديولوجية/ السياسية التي عفا عنها الزمن، ومن ضمنها الازدواجية الإثنية الوهمية: عرب/ أمازيغ التي تنفي وجود ملايين الجزائريين الآخرين من أصول إثنية/ جغرافية مغايرة متنوعة. كما ساهم في هذه التراجيديا التي لحقت بالذاكرة والهوية التركيز المفرط منذ الاستقلال على تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية ومقاومة الاحتلال منذ بدايته في العام 1830م، والذي تم دون فعالية كافية تسمح بفك طلاسمه وتحقيق المصالحة مع الذاكرة والتوافق مع الذات. وهذا لا يعني أن هذا الجانب من تاريخنا لا قيمة له بل هو في غاية الأهمية، لكننا قصَّرنا كثيرا في الجوانب الأخرى دون أن تتحقق نسبة كبيرة من الأهداف المُتوخاة. النظام المنبثق عن الثورة التحريرية اهتم بتلميع شرعيته على مدى عقود أكثر من اهتمامه ببناء الذاكرة المكتوبة وترميم ما تَأَثَّرَ من الهوية بالسياساتِ الاستعمارية على مدى 132 عاما. من جهة أخرى، البحث والتأليف في المجالات التي تدعمها الدولة له ريوعه ومردوديته المادية والمعنوية، ما أدى بالكثير من الباحثين إلى سلك الدروب السهلة وذات المنافع.. أما الدراسات الأندلسية - الموريسكية، كغيرها من الكثير من المجالات، فقد بقيتْ يتيمةً تبحث عن الذي يتبناها ويرعاها دون جدوى باستثناء بعض المبادرات النادرة التي انطلقت على يد المؤرخ ناصر الدين سعيدوني خلال تسعينيات القرن الماضي، والبروفيسور المِعماري مصطفى بن حموش، وزميلته سامية شرقي وسكينة ميسوم ونبيلة شريف سَفَّاج، الذين تعرضوا للذاكرة الأندلسيية - الموريسكية في الجزائر من زاوية معمارية/ عمرانية بحتة.. ما كان دائما يثير استغرابي منذ بداية التسعينيات الماضية هو لماذا نتوفر في الجزائر على عشرات، وربما مئات، الجمعيات الموسيقية الأندلسية التي ترعاها الدولة ولو بشكل متواضع، على الأقل منذ 1967، وتدّعي غالبيتها أنها تقوم بالبحث والدراسة في مجال التراث الموسيقي الأندلسي، فيما يجْهَلُ غالبيةُ مسؤولو الجمعيات والفنانين والتلاميذ أبجديات تاريخ هذا التراث وكيفية تشكُّله وجذوره، وينطبق كلامي حتى على كبار الفنانين والشيوخ المعروفين في هذا المجال. هل هذا منطقي؟ لا أعتقد ذلك ولا أفهم لماذا لا أحد منزعج أو مُنشغل بهذا التقصير. هذا في المجال الموسيقي، أما البُعد الحضاري والبشري الأندلسي في الجزائر فهذا أمر مجهول تماما إلى اليوم لدى هذه الجمعيات وفي كل البلاد، حيث يُعتقَد أن الأندلس ليستْ نحن بل “الآخر”. وأتذكَّر أن بعض من يُوصفون بخبراء علم الموسيقى (musicologue) في الجزائر، وهم ليسوا كذلك بطبيعة الحال بل فقط استفادوا من عادة سيئة تجذَّرتْ في بلادنا تكمن في توزيع الألقاب دون تقتير على كل مَن هبَّ ودبَّ..، بعض هؤلاء يرفض وصف موسيقانا الحَضرية ب”الأندلسية” معتبرين هذا الوصف تقزيما لشأن الجزائر وردًّا، برأيهم، لكل ما هو جميل عندنا للغير. وسبب هذا الموقف الذي لا يستند على أساس سببه الجهل بالأصل الأندلسي لنسبة كبيرة من الجزائريين. أنت بصدد إصدار كتاب بعنوان “الشتات الأندلسي في الجزائر والمنطقة العربية والمتوسطية”، فما هي أبرز المحاور التي يتناولها العمل؟ الكتاب ينطلق من سقوط غرناطة آخر ممالك المسلمين في الأندلس في العام 1492م ويُقدِّم لمحة عن المعاناة والقمع الهمجي الذي تعرض له الأندلسيون الذين لم يهاجروا إلى “أرض الإسلام” واختاروا، أواضطروا إلى البقاء في وطنهم، وهو أمر مازال غيرَ معروف إلا في الأوساط العِلمية المتخصصة. ثم يبدأ الكتاب في اقتفاء آثار هؤلاء الإيبيريين المسلمين في إسبانيا وفي جميع مهاجرهم في بلدان الحوض المتوسط والعالم العربي إلى غاية إفريقيا جنوب الصحراء بعد لجوئهم فرارا من محاكم التفتيش وبعد الطرد الشامل في بدايات القرن 17م، وتحديدا بين عامي 1609م و1614م بالنسبة لمَن بقوا منهم في إسبانيا. جزء كبير من هؤلاء اللاجئين والمهاجرين بإرادتهم استوطنوا الجزائر، وهم إلى اليوم موجودون وبالملايين في بلادنا جزائريين حتى النُّخاع ولا يُعرَف عنهم شيء، بل الكثير منهم يجهلون أن أصولَهم أندلسية. ولهؤلاء الجزائريين الأندلسيين خصَّصتُ 50 بالمائة من الكتاب. وبطبيعة الحال يتعرض الكتاب للأندلسيين في مختلف مدن وأرياف الجزائر انطلاقا من العاصمة الجزائرية والبُلَيْدَة وشَرْشَال والقُلَيْعَة ودَلَّس وتنَس إلى قُسَنْطِينَة وعَنَّابة وقَالْمَة وجِيجَلْ وبِجايَة والقُلّ حتى تِلِمْسَان ونَدْرُومَة ومُسْتَغَانِم وساحِل الأندلس ووَهْرَان.. إلخ. وخلال الحديث عن هذه التجمعات الأندلسية في بلادنا، توخيتُ إلقاء الضوء على العادات والتقاليد الأندلسية من مأكل ومشرب ولباس وأساليب التعبير في الأفراح وخلال النوائب والأحزان، كما تعرضتُ للِّسان الأندلسي ولهجاتِه التي أَثَّرَتْ بعمق في اللِّسان الجزائري حتى أن مناطق واسعة من البلاد تتحدث اليوم باللهجات الأندلسية دون وعي بهذه الحقيقة، على غرار لسان جيجلوتلمسان والغزوات ودَلَّس ومدينة الجزائر، القريب جدا من اللهجة الغرناطية، كما تؤكد ذلك الكثير من المصادر التاريخية وعلى رأسها قاموس الراهب الإسباني بِيدْرُو دِي آلْكَالاَ (Pedro de Alcala)، أو بِيدْرُو القَلْعَاوِي، الصَّادر في العام 1501م في مدينة غرناطة بعد 9 أعوام فقط من سقوطها بيد الملكة إيزابيلا وزوجها فرناندو.. “الجزائريون أهملوا الكثير من جوانب حياتهم وتاريخهم بسبب الغرق في الصراعات الإيديولوجية-السياسية التي عفا عليها الزمن، ومن ضمنها الازدواجية الإثنية الوهمية” “تل أبيب نجحتْ نسبيا في تحقيق التقارب الثقافي بين مختلف المكونات الإثنية للمجتمع الإسرائيلي بواسطة الموسيقى، والعملية متواصلة، حيث نشاهد اليوم ميلاد أنواع موسيقية جديدة في إسرائيل” سبق لك نشر كتابين هما “يهود الجزائر.. مجالس الغناء والطرب” و”يهود الجزائر.. هؤلاء المجهولون”، فلماذا هذا الاهتمام بتاريخ اليهود في الجزائر؟ أَلَمْ تتخوف من حساسية هذا الموضوع؟ اهتمامي بالموضوع حفزته التطورات السياسية التي مرت بها الجزائر خلال “الاستراحة الديمقراطية” التي دامت من 1989م إلى 1991م خلال عهد حكومة مولود حمروش، والضجة التي أحاطت بعملية استقدامه خبراء اقتصاديين يهود في مجال التجارة الدولية للاستعانة بهم في تطبيق إصلاحات اقتصادية عميقة على التجارة الخارجية الجزائرية التي قوبلت بمقاومة شرسة من بارونات هذا القطاع حينذاك، واستُخدُمتْ أثناءها ورقةُ اليهود كسلاح سياسي لإفشال مشروع رئيس الحكومة. هذه التطورات فَتَحَتْ النقاشَ حول الوجود اليهودي في الجزائر، وفَتَحَ هذا الموضوعُ أعْيني لاحقًا على الغِناء الأندلسي في الجزائر وعلى البُعد الأندلسي في الهوية الجزائرية. حينما باشرتُ البحث حول تاريخ الطائفة اليهودية في الجزائر كنتُ على وعيٍ بحساسية الموضوع وبإمكانية تَحَوُّلِه إلى مصدر متاعب لِشخصِي، لكنني اقتحمتُه وقلتُ في نفسي ما الذي يمنع القانون؟ لا الدستور؟ لا الأخلاق؟ لا الدِّين؟ لا.. على كلٍ، كان لابد أن يتولى شخص مَا جزائريٌ هذا العمل في يوم من الأيام، وقررتُ أن أكون أنا الذي أتَولاَّه وأتحمَّل مسؤوليته. بالعودة إلى بحوثك حول قدوم الموريسكيين والأندلسيين إلى الجزائر مع غياب الوثائق التاريخية وصعوبة إيجاد آليات البحث، فما هي الأدوات التي ساعدتك في التوصل إلى كل هذه الحقائق؟ هذا الكتاب اتخذ شكل تحقيق طويل النَّفَس انطلق عام 2002م/2003م مُعتمِدًا على المعطيات البيبلوغرافية المتناثرة بشكل شِبه عرضي في مؤلفاتٍ تعود في غالبيتِها إلى قرنيْن أو ثلاثة قرون على الأقل، وبعضُها إلى أكثر من ذلك، وكُتِبَتْ بشكل عام بالعربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية من طرف كُتاب ورحَّالة مسلمين وأوروبيين وأمريكيين. واستعنتُ بالشهادات العائلية لذوي الأصول الأندلسية وبمعطيات الأرشيف العثماني/ الجزائري أيضا، وبدراسات حديثة، لاسيَّما في المجال المعماري والعمراني، ثم مقارنة المعطيات ببعضها البعض من أجل تحليلها والتوصل إلى استنتاجات تسمح بإعادة تشكيل صورة التقاسيم الأندلسية للهوية الجزائرية والفسيفساء الثقافية الثَّرية التي نتوفر عليها، ونُخفق حتى الآن في تثمينها والاستفادة منها. هل الموسيقى الأندلسية مرتبطة بالثقافة اليهودية، وهل هذا الطابع الموسيقي يهودي؟ هذه خرافة تشترك في صنعها الدعاية الصهيونية والجهل الجزائري والعربي بشكل عام. الموسيقى الأندلسية هي نتاج الحضارة العربية الإسلامية أولاً وقبل كل شيء. اليهود في الأندلس والمغرب الإسلامي، إلى غاية القرن 20م، أحبوها ومارسوها كغيرهم من أهل هذه البلاد الإسلامية بِحُكم كونهم ينتمون إلى هذا المجال الجغرافي الحضاري لا أكثر مثلما يُغنِّي المُسْلِم (ثقافيًا على الأقل) موسيقى البُوبْ (Pop) والرُّوكْ (Rock' n' roll) في بريطانيا أوالولايات المتحدةالأمريكية أو في فرنسا. فَعِنْدَمَا يُغنِّي رشيد طَهَ الرُّوك في باريس لا يمكننا أن نقول بَعد قرنِ أو اثنيْن من اليوم أنه ابتَكَر هذا الفن أو أنه علَّمه للفرنسيين أوحفظه من الضياع كما يُقال اليوم عن يهودنا سابقا بالنسبة للغناء الأندلسي. ولا يمكن الحديث عن غناء بُوبْ إسلامي في بريطانيا أو رُوكْ إسلامي في فرنسا وإنما غناء بُوبْ ورُوكْ.. فقط. كذلك يجب التوضيح أنه لم توجد أبدا موسيقى أندلسية يهودية لا في الأندلس ولا في المغرب العربي الإسلامي، عكْس ما يُروَّج الآن، بل كل ما وُجد ويوجد ليس سوى موسيقى عربية أندلسية. وهذا لا ينفي نبوغ يهود أندلسيين ومغاربيين في هذا النوع من الغناء العربي ومنافستهم غيرهم من المُغنين بقوة. قيل أن الموسيقى الأندلسية في بداياتها كانت عبارة عن مدائح يؤديها أتباع الطرق الصوفية ولا تتقيد بالأوزان والقوافي، فما حقيقة هذا الأمر، ولماذا انتشارها اقتصر على المغرب العربي فقط؟ في الجزائر، الموسيقى العربية الأندلسية ألهمت الغناء الديني وأعارته قواعدها وإيقاعاتها وألحانها وليس العكس. في القرن 18 اتفقت مجموعة من الفقهاء في مدينة الجزائر، من بينهم المفتي المالكي سيدي محمد بن الشاهد وزملاؤه سيدي ابن عمَّار وسيدي بن علي، على إدخال ألحان الموسيقى الأندلسية على القصائد الروحية الخاصة بالمدح والتوسل وذِكر مناقب الأولياء والصالحين، فأصبح الغناء الديني الحَضري إلى اليوم في العاصمة الجزائرية يكتسي طابعا أندلسيا، بما في ذلك الأذان وفن التجويد اللذان يُؤدَّيان على المقامات الموسيقية، التي تُسمَّى مغاربيًا ب النوبات، المعروفة في الطرب الأندلسي على غرار نوبتيْ رَمْلْ المَايَة والغْرِيبْ.. إلى أن دخلتْ النماذج المشرقية في هذا المجال كموضة موسيقية جديدة خلال النصف الثاني من القرن 20م. أما عن انتشار الموسيقى الأندلسية في المغرب العربي، فإنها لم تبق حبيسة هذا المجال الجغرافي بل انتشرتْ كبقعة الزيت في الكثير من بلدان العالم، لاسيما في إٍسبانيا وإيطاليا وفرنسا وحتى دول آسيا الوسطى بأشكال متفاوتة الأهمية. اذا تختلف تسميات الموسيقى الأندلسية من منطقة لأخرى، فنجد الصنعة في العاصمة والمالوف في قسنطينة، وغيرها من تسميات أخرى في المغرب العربي؟ هذه تسميات غير واقعية في الحقيقة، لأنها تقريبا تدل على المدلول ذاته. ما يُغنيه القسنطينيون وأهل مدينة الجزائروتلمسان هي موسيقى واحدة عربية أندلسية الجذور اكتسبت طابعا جزائريا على مرِّ القرون عبْر الإضافات واللمسات المحلية. والفَرْقُ بين هذه الجهات الثلاثة شكليٌ أكثر منه جوهري، لأن كل منطقة من هذه المناطق الجزائرية أضافتْ له شيئا من خصوصياتها الثقافية المحلية من حيث أسلوب الأداء الصوتي وتقنية العزف والإيقاع.. لكن الجوهر واحد. نحن اليوم لا نزيد بشأن هذه المصطلحات، على تكرار ما قاله بعض الباحثين الأوروبيين خلال العهد الاستعماري، بأن لتلمسان مدرسة خاصة في هذا النوع من الغناء ولمدينة الجزائر مدرستها، وكذلك الأمر بالنسبة لقسنطينة. أما تسمية “الصنعة” في مدينة الجزائر فقد استُعمِلتْ بمعنى حِرْفَة، لأن الغناء كان يُعتبَر حِرفة من الحِرَف لا أكثر. وحَوَّل البعضُ منَّا صفةَ “الصَّنعة”، المقصود بها الحِرْفَة، إلى اسم عَلَم وفرضوه خلال العقود الأخيرة وكأنه اسْم قائم بذاته قدَّموه للرأي العام على أنه الأصل والأًصالة، وهذا غير صحيح. وينطبق الشيء ذاته على مصطلح “المالوف” الذي هو ما تآلف عليه الناس قبل أن يُحوَّل هو الآخر إلى اسم عَلَم. ودرجنا على تسمية أسلوب تلمسان ب: الغرناطي، وكأن أسلوب مدينة الجزائر لا يتضمن أيَّ بُعدٍ غرناطي، وهذا أيضا غير صحيح. ويُقال أيضا لأسلوب قسنطينة: الإشبيلي، ونحن نعلم أنه يتضمن لمسات تلمسانية، أيْ يُفترَض أنها غرناطية كما يُقال، وأخرى عثمانية.. لذا يجب إعادة النظر في هذه التسميات والتصنيفات الخاطئة، لكن ليس حسب هوى كل مَن هبَّ ودبَّ، لأن لدينا خبراء لهم كفاءة كبيرة، فيما يتم الاكتفاء بمجموعة من الذين يقتنصون ويحتكرون فرص المشاركة والظهور في ملتقيات وندوات أقرب إلى الفلكلور والولائم التي لم تتمخض عن أشياء ملموسة تؤثر في مسار هذا الفن الذي مازال جامدا نسبيا وما زال مثلما كان عليه في عهد إيدمون يافيل بن الشباب ومحمد بن علي سفنجة ومحمد بن التفاحي ويامنة بنت الحاج المهدي والشيخ العربي بن صاري وحَمُّو الفرقاني في بداية القرن 20م. ذكرت سابقا اهتمام إسرائيل بالتراث الموسيقي التاريخي لتحقيق الانسجام داخل شعبها بغية استيعاب اليهود المغاربة، ما مدى نجاح هذا المشروع؟ تل أبيب نجحتْ نسبيا في تحقيق التقارب الثقافي بين مختلف المكونات الإثنية للمجتمع الإسرائيلي بواسطة الموسيقى والعملية متواصلة، حيث نشاهد اليوم ميلاد أنواع موسيقية جديدة في إسرائيل تمزج بين مختلف الأنواع الموسيقية المتواجدة في البلاد من أجل تشكيل موسيقى جديدة تنصهر فيها جميع العناصر الإثنية والثقافية. لا عجب في ذلك.. يتطلب الأمر العمل والجدية لا أكثر.. وهذا ما افتقدناه عندنا منذ عقود.
“ما يُغنيه القسنطينيون وأهل مدينة الجزائروتلمسان هي موسيقى واحدة عربية أندلسية الجذور اكتسبت طابعا جزائريا على مرِّ القرون عبْر الإضافات واللمسات المحلية” “اليهود في الأندلس والمغرب الإسلامي إلى غاية القرن 20م، أحبوا الموسيقى الأندلسية ومارسوها كغيرهم من أهل هذه البلاد الإسلامية بِحُكم كونهم ينتمون إلى هذا المجال الجغرافي الحضاري لا أكثر” “يبدأ كتاب “الشتات الأندلسي في الجزائر والمنطقة العربية والمتوسطية”، في اقتفاء آثار هؤلاء الإيبيريين المسلمين في إسبانيا وفي جميع مهاجرهم في بلدان الحوض المتوسط والعالم العربي إلى غاية إفريقيا جنوب الصحراء”