تسعى الجزائر في لعب دور للوصول إلى توافقات حقيقية بين الأطراف الليبية بعد إقرار مشروع مصالحة وطنية، وهي خطوة ”جريئة” تتحمس لها الجزائر، لكن الهاجس يبقى في تواصل تدخل دول أخرى بثقلها السياسي والعسكري في الشأن الداخلي الليبي. طلبت الجزائر لدى زيارة المبعوث الأممي مارتن كوبلر، الضغط على الدول المعرقلة لمفاوضات السلام في ليبيا، في إشارة الى قطروفرنسا، حيث ينظر إلى فرنسا كأحد أكثر الأطراف الدولية المؤثرة على الأرض في الصراع الليبي، خصوصا بعد إعلان الاليزيه استخدام الجيش الفرنسي في ليبيا في إطار مكافحته لتنظيم ”داعش” الإرهابي، قوات خاصة، بالاضافة إلى أعمال ”ذات طابع سري”، وهو أمر يزعج الجزائر. وبهذا الخصوص ذكرت صحيفة ”موند افريك” الفرنسية في عددها الأخير، أن ”فرنسا لم تعد صديق يعتز به كما كان الحال لسنوات في الجزائر”، وعللت الصحيفة في تقريرها المستند إلى دوائر دبلوماسية أن ما يقارب عن سنة واحدة، استولى استياء حقيقي لدى عدد من كبار المسؤولين الجزائريين ضد الفرنسيين، بسبب دعم باريس من أسماهم التقرير ب”مثيري الشغب والعنف في ليبيا،” بل أشار المصدر إلى خيبة أمل في الجزائر من موقف فرنسا من المسألة الليبية التي تعد أولوية لها. النظرة الجزائرية الحذرة إلى الهيمنة الفرنسية في المنطقة وفي ليبيا ومالي تحديدا، جاءت أيضا في دراسة نشرت هذا الأسبوع بمعهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكية، إذ غالبا ما ينظر الغرب إلى الجزائر بأنها منعزلة، وعمليات شراء الأسلحة الروسية تشكل مصدر قلق لواشنطن، حتى إذا كانت الجزائر نوعت مورديها في الآونة الأخيرة، لاسيما عندما يكون هناك اتجاه يقول أن الجزائر طالما تمنت إضعاف الهيمنة الفرنسية والأمريكية في المنطقة. ... إطلاق ديناميكية جديدة لتسوية الأزمة الليبية من الجزائر ويخرج التشويش الفرنسي في المسألة الليبية إلى العلن مع الاعلان عن إطلاق ديناميكية سياسية جديدة من الجزائر، لتعجيل مسار تسوية الأزمة في ليبيا سعيا إلى تحقيق توافق وطني. وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عقب لقاء بين نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، أحمد معيتيق، بالوزير الأول عبد المالك سلال، قائلا أن هناك ديناميكية جديدة بصدد إطلاقها لتعجيل مسار التسوية في ليبيا. وتعني ”الديناميكية الجديدة” مساعي للاتصال بكوادر النظام الليبي السابق، بحكم تمتعها بالثقة السياسية، أين فتحت الجزائر قنوات اتصال معهم لضمان أدائها دورا إيجابيا في مسار المصالحة الليبية - الليبية تحضيرا لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية قريبا في الجزائر. من جانبه أشاد نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، بموقف الجزائر الدائم من أجل دعم الوفاق الليبي. وفي تصريح عقب المحادثات التي جمعته بالمسؤولين الجزائريين، أكد معيتيق، أن اللقاء ”كان موفقا”، مشيدا بدور الجزائر ومواقفها ”الدائمة والداعمة” للوفاق والتوافق الليبي وبدور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في هذا المسعى، موضحا أن هذا الموقف الجزائري ”ترجم فعلا” في الإجتماع الأخير للجامعة العربية، مذكرا أن الجزائر سبق أن كان لها نفس الموقف في الاتحاد الإفريقي. وأبرز معيتيق، ”عمق” العلاقات الجزائرية-الليبية، معربا عن أمله في أن تتكرر مثل هذه الاجتماعات ”حتى نستطيع الخروج من المحنة التي تمر بها المنطقة”، موضحا أن التوافق ”هو أفضل طريق لحلحلة كل المواضيع القائمة”. وتأتي زيارة معيتيق في إطار سلسلة من الزيارات إلى الجزائر لطلب دعمها السياسي لدفع فرقاء الأزمة الليبية إلى تحقيق التوافق السياسي، وسبقتها زيارة رئيس بعثة الدعم الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، الأسبوع الماضي، وعقد اجتماعات هامة مع سفراء الدول المهتمة بالملف الليبي كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ومصر وقطر والإمارات.