أعطى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، مساء أول أمس، إشارة انطلاق الطبعة الثانية من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بحضور جمهور كبير متعطش للسينما في هذه المدينة التي تحمل كل المقومات لإنجاح أي حدث سينمائي، ولكن حضر الجمهور وغابت نجوم السينما ما عدا بعض الوجوه السينمائية الجزائرية. امتد البساط الأحمر قبالة المسرح والتف الجمهور من كل الجهات لمشاهدة النجوم وهم يعانقون السجاد الأحمر، ولكن عن أي نجوم نتحدث، غابت النجوم ما جعل بريق حفل الافتتاح يخفت، في انتظار الموعد مع الأفلام التي حسب الأصداء ستكون جيدة، ونقول حسب الأصداء لأن إدارة الحاضرين في المهرجان سواء كضيوف أو صحفيين جاءوا لتغطية هذا الحدث لا يملكون دليل المهرجان ولا البرنامج. وفي كلمته، قال وزير الثقافة عز الدين ميهوبي: ”قبل سنة في جوان 2015 التقينا هنا في عنابة أين شهدنا عودة السينما إلى مدينة بونة، وها هو الحلم يتواصل بتكرارنا للتجربة مرة أخرى بعد أشهر معدودة فقط...” وأكد ميهوبي على المكاسب التي حققتها عروس المتوسط بفضل أبنائها الأوفياء ورجالها الذين أبوا إلا أن يؤكدوا بأن مدينتهم عاصمة للفن السابع بامتياز، مضيفا بأن الجهات الوصية على القطاع لا تذخر جهدا لجعل عنابة في الواجهة وعلى رأس الثقافة المتوسطية والمحلية، مضيفا أنه وبرغم الظروف الاستثنائية في ما يتعلق بإدارة المال، والإمكانيات البشرية والمادية التي تطلبها إدارة مهرجان، إلا أنه كانت إرادة على كافة المستويات، حرصت على استمرار هذا التقليد خلال كل سنة، مصرحا بأنه تم الاتفاق مع والي عنابة على تواصل احتضان هذا الحدث الثقافي سنويا. وأضاف الوزير: ”نحضر للطبعة الثالثة، فما تعلق بالجانب اللوجستيكي سيكون بالشراكة مع المؤسسات الفاعلة في عنابة، دون إغفال الشق الفني الهام جدا ”. ونوه ميهوبي بالمحافظ سعيد ولد خليفة ومعرفته الكبيرة للسينما، موضحا أنه واحد من أكثر العارفين بالسينما على المستوى العربي والعالمي فتجربته في عديد المهرجانات والملتقيات، أكسبته زادا وخبرة لا يستهان بها، الأمر الذي مكنه من انتقاء أحسن الأفلام متوسطيا. وعن اختيار إيران كضيف شرف الطبعة الثانية من المهرجان، أوضح أن هذا جاء ثمرة العلاقات المميزة بين البلدين، مشيرا إلى دخول عدد من المؤسسات الثقيلة بالوزارة كالديوان الوطني للثقافة والإعلام، الذي سخر كل إمكانياته في خدمة المهرجان، مبديا أمله في أن تنخرط المؤسسات الاقتصادية في هذا المشروع وتبدي حسن نية في إطار خدمة الثقافة في الوطن. وقال عز الدين ميهوبي أن حال السينما في بلادنا تتم في أوانها وكسبت ثقة كبار الفنانين والممثلين والمخرجين، وأصبحت قبلة حقيقة لكبرى الأسماء وعادت إلى الواجهة، وسيتم بعد أسبوع جزء من مدينة السينما التي يتم إنشاؤها في العاصمة ويشرف عليها المركز الجزائري لتطوير السينما، مضيفا أن الأشغال ستستمر لتكون اكبر مدينة متوسطية. وأضاف ميهوبي بشأن قاعات السينما أنه تم إنشاء فرع خاص بالديوان الثقافي وسينطلق في نوفمبر لعرض الأفلام السينمائية بالقاعات الجاهزة وسيمكنها ذلك من جلب الأفلام الجديدة وتم التوقيع على ذلك. وتحدث ميهوبي عن فيلم ” القديس أوغسطين” وهو فيلم من إنتاج تونسي جزائري، وقال بشأنه أنه سيعرض على هامش مهرجان قرطاج في تونس وفي عرض خاص في أوبيرا الجزائر، مضيفا أن فيلم ”ابن باديس” لم يتبقى له سوى أسبوع من التصوير، ناهيك عن فيلم ”العربي بن ميهيدي” سيعرض في الذكرى الستين لاستشهاد البطل. الافتتاح بالفيلم الإيراني ”ناهد” افتتحت محافظة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بالمهرجان بالفيلم الإيراني ”ناهد”، وهو العمل الذي بنيت أحداثه على معاناة امرأة تصارع لضمان أحسن تربية لابنها ذي العشر سنوات، على حساب قلبها الذي حب رجلا ميسور الحال، رغم بؤسها، وفي صراع مستمر مع طليقها المنحرف، الذي يسعى للظفر بحضانة الولد، والساعي بدون كلل لإرجاعها إلى عش الزوجية واستمالة مشاعرها. فيلم ”ناهد” من إخراج ”عايدة باناهانده”، أدى بطولة العمل النجمة الإيرانية ساره بايت، وباجمان بازغي.. ويبدأ الفيلم أحداثه بلقطة كبيرة على أحد شواطئ إيران، ليخوض في تفاصيل ”ناهد” التي تأبى أن تقبل عرض حبيبها لزواج، خوفا من أن تفقد حضانة ابنها، وردة فعله، وتصارع من أجل جمع مصاريف دراسة ولدها، وكراء بيتها، إلا أن الصعاب تتوالى عليها، خاصة من زوجها السابق، الذي يتوانى في ترك أثر سلبي على الطفل، وتتأزم الأحداث عندما يدفعها قلبها وظروفها الصعبة إلى اتخاذ قرار الزواج مؤقتا من عشيقها، فتحرم من فلذة كبدها، وتصطدم برد فعل المجتمع والأسرة الرافض لاختيارتها. وتوالت مشاهد البحر الهائج تحت السماء الملبدة طيلة أطوار الفيلم، عكست توترات حياة ناهد وبرودة الأحاسيس التي كسرها أحيانا دفء مشاعر الأمومة في مشاهد قوية، صورة تضحية أم وحيدة من أجل ابنها، هذا البناء الدرامي خدمته المؤثرات الصوتية التي اعتمدت على الصوت الطبيعي لأمواج البحر وضجيج المدينة، واختيار اللون الرمادي والمشاهدة المظلمة على تيمة الفيلم، وهذا كخيار إخراجي، تبنته المخرجة في فيلمها ناهد، دلالة على قساوة الحياة والحزن.