وشهدت ولاية عنابة منذ سنة 2014 تقهقرا مقلقا لمعدل الاستثمارات الصناعية، حيث ميز التراجع التنمية الصناعية في الولاية نتيجة الغياب شبه الشامل لعمليات تهيئة المساحات العقارية الصناعية، التي سبق أن برمجت حظائر صناعية بعد انتهاء مراحل الدراسة والموافقة من قبل مديرية الصناعة والمناجم، سعيا لتفعيل الاستثمار وإعطاء دفع حقيقي للتنمية المحلية. تعاني الحظيرة الصناعية لبلدية عين الباردة من التماطل، في مباشرة أشغال تهيئة أكثر من 3000 متر مربع من العقار الصناعي المقسم ل140 مساحة تنتظر مباشرة المستثمرين عمليات تنفيذ مشاريع صناعية تعتبر استثنائية بالنسبة لهذه البلدية، التي يستحوذ الشق الفلاحي بها على نسبة تنموية معتبرة. من جانب آخر يبقى إشكال كون المساحات العقارية فلاحية، عقبة كبيرة أمام استغلالها خصوصا مع الاستنزاف الكبير الذي عرفه القطاع الفلاحي عبر كامل بلديات الولاية لصالح تنفيذ مشاريع سكنية، بعضها عبارة عن مدن بكاملها على غرار منطقة ذراع الريش ببلدية واد العنب. بين الإجراءات الإدارية التي باشرتها مصالح اللجة الوطنية للوساطة والضبط العقاري ”أنيراف عنابة”، ومشاريع أزيد من 300 مستثمر، تغيب كليا المساعي الواقعية للتعجيل بتجسيد هذه المشاريع التي هيئت لها مناطق النشاط الصناعي دون تواجد لأي مؤسسات صناعية مستحدثة، علما أن المجلس البلدي لعنابة كان قد اتخذ قرارا بتسوية وضعية أراضي أزيد من 30 مستثمرا بمنطقة واد النيل الواقعة أمام الطريق رقم 44، كخطوة أولى لاسترجاع أهمية الاستثمار الذي يبقى السبيل الوحيد لتغيير الوجه الاقتصادي لولاية عنابة، التي لاتزال التجاوزات التسييرية سببا في تأخر عجلة التنمية بها، بسبب وضع مافيا العقار يدها على هذا القطاع الحساس من جهة وأساليب العرقلة التي تتابعها الإدارة من جهة أخرى. وعلى الرغم من وجود مبادرات بعضها أجنبي من خلال عرض مؤسسات تحويلية بلغ عددها 300 مؤسسة للنشاط ضمن كبريات المؤسسات، على غرار فرفوس، أرسيلور ميتال وغيرها من المؤسسات، غير أن واقع التنمية يؤكد وجود انسدادات في التكفل بالمستثمرين، وبالتالي الغياب الفادح لهذه المؤسسات، لتنحصر الأنشطة الاستثمارية في عروض واجتماعات لأصحاب مؤسسات أجنبية دون تواجد فعلي لهذه الأخيرة على أرض الواقع، حيث سبق أن زارت مجموعة شركات فرنسية ولاية عنابة سنة 2011 للاستثمار في قطاعي الصيد واستغلال الفلين، غير أن المشاريع ذهبت أدراج الرياح لعدم استكمال باقي مراحل الحوار لتجسيد أنشطة هذه المؤسسات بالتعاون مع القطاعات المحلية، التي تبقى الغائب الأكبر من خلال انعدام أي مبادرة من أجل استحداث فرص استثمارية لصالح الشبان المستفيدين من الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب أونساج بعنابة، والذي أصبح نشاطه يقتصر على فتح وكالات كراء السيارات أوتحصيل شاحنات نقل لا تنقل شيئا في واقع الأمر. ولم تستكمل بعد ديناميكية تطور هذه الولاية في مجال إنجاز واحتضان مشاريع صناعية وتدفق الاستثمار في جميع الأنشطة الصناعية، حسب ما سبق أن أوضحته السلطات المحلية التي تتوقع انطلاقة الاستثمار مستقبلا بتحديد الوعاء العقاري الضروري لاحتضان مشاريع صناعية، علما أن الحظيرة الصناعية كانت تضم سنة 2011، أربعة عشر منطقة صناعية ،على غرار جسر بوشي، متربع على مساحة 116 هكتارا ومبعوجة بسيدي عمار متربعة على 63 هكتارا وينشط بها 43 متعاملا، فضلا عن مناطق أخرى صناعية بالبوني وبرحال تتربع في مجموعها على 170 هكتار. ويتراجع عدد المناطق الصناعية يوما بعد يوم، خصوصا مع اشتداد الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر، والتي رهنت بشكل واسع مئات المشاريع التنموية التي توقفت ببعضها الأشغال من جهة ولم تنطلق نهائيا أشغال بعضها الآخر.