دفع تراجع الاستثمارات في ولايات عنابة، إلى إعادة النظر في طرق التكفل بالمستثمرين ضمانا للإبقاء على أنشطتهم التي تمكن من امتصاص نسبة معقولة من البطالة من جهة، وتعطي العجلة التنموية دفعا نوعيا من جهة أخرى. وأجتمع الأسبوع المنصرم المجلس البلدي لعنابة في إطار إعادة الاعتبار لقطاع الاستثمارات، بعدد من المستثمرين لمناقشة سبل إعادة النظر خصوصا في العراقيل البيروقراطية التي تعتبر السبب المباشر في قبر عديد المبادرات والأنشطة التنموية التي تهدف لخلق مؤسسات منتجة كون عنابة تعتبر من الولايات التي تزخر بمحفزات استثمارية نوعية في العديد من المجالات، على غرار الصيد البحري، النفايات الصلبة والسائلة، السياحة، النقل الريفي، تأهيل وصيانة المساحات الخضراء، القطاع الفلاحي بجميع أنواعه وغيره من المجالات الحيوية التي يبقى بعضها جامدا دون استغلال منذ سنوات نتيجة غياب المؤسسات التحويلية. واتخذ المجلس البلدي لعنابة، قرارا بتسوية وضعية أراضي أزيد من 30 مستثمرا بمنطقة واد النيل الواقعة أمام الطريق رقم 44 كخطوة أولى لاسترجاع أهمية الاستثمار الذي يبقى السبيل الوحيد لتغيير الوجه الاقتصادي لولاية عنابة، التي لاتزال التجاوزات التسييرية سببا في تأخر عجلة التنمية بها، بسبب وضع مافيا العقار يدها على هذا القطاع الحساس من جهة وأساليب العرقلة التي تتابعها الإدارة من جهة أخرى. وعلى الرغم من وجود مبادرات بعضها أجنبي من خلال عرض مؤسسات تحويلية بلغ عددها 300 مؤسسة للنشاط ضمن كبريات المؤسسات على غرار فرفوس، أرسيلور ميتال وغيرها من المؤسسات غير أن واقع التنمية يؤكد وجود انسدادات في التكفل بالمستثمرين، وبالتالي الغياب الفادح لهذه المؤسسات، لتنحصر الأنشطة الاستثمارية في عروض واجتماعات لأصحاب مؤسسات أجنبية دون تواجد فعلي لهذه الأخيرة على أرض الواقع، حيث سبق وأن زارت مجموعة شركات فرنسية ولاية عنابة خلال سنة 2011 للاستثمار في قطاعي الصيد واستغلال الفلين، غير أن المشاريع سرعان ما ذهبت أدراج الرياح لعدم استكمال باقي مراحل الحوار لتجسيد أنشطة هذه المؤسسات بالتعاون مع القطاعات المحلية، التي تبقى الغائب الأكبر من خلال انعدام أي مبادرة من أجل استحداث فرص استثمارية لصالح الشبان المستفيدين من الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب (أونساج) بعنابة، والذي أصبح نشاطه يقتصر في فتح وكالات كراء السيارات أو تحصيل شاحنات نقل لا تنقل شيئا في واقع الأمر، ولم تستكمل بعد ديناميكية تطور هذه الولاية في مجال إنجاز واحتضان مشاريع صناعية وتدفق الاستثمار في جميع الأنشطة الصناعية حسب ما سبق وأن أوضحته السلطات المحلية التي تتوقع انطلاقة الاستثمار مستقبلا بتحديد الوعاء العقاري الضروري لاحتضان مشاريع صناعية ،علما أن الحظيرة الصناعية كانت تضم سنة 2011، أربعة عشر(14) منطقة صناعية ،على غرار جسر بوشي، متربع على مساحة 116 هكتارا ومبعوجة بسيدي عمار متربعة على 63 هكتارا وينشط بها 43 متعاملا ،فضلا عن مناطق أخرى صناعية بكل من البوني وبرحال تتربع في مجموعها على 170 هكتار. ويتراجع عدد المناطق الصناعية يوما بعد يوم، نتيجة تذبذب نشاط هذه المستثمرات الراجع أساسا لنشاط المستوردين الذين يحكمون قبضتهم على المجال الاقتصادي، ما مكن من خلق فراغ مقلق كان سببا في عدول الاف المستثمرين من تجسيد مشاريعهم في ولاية عنابة التي لازالت اجهتزتها الرقابية بعيدة او منعدمة على أرض الواقع، ولازالت الإدارة تنفذ تسييرا لا يخدم بأي حال من الأحوال مبادرات شبانية محلية وأجنبية لم تجد حلا سوى جمع متاعها ومغادرة جوهرة الشرق التي تئن تحت وطأة المصالح وحسابات أطراف ذات وزن ثقيل بها.