صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ديوان للشاعر الجزائري فيصل الأحمر بعنوان ”الرغبات المتقاطعة”، والذي يعد العمل السابع ضمن سلسة ”الإبداع العربي” التي يشرف عليها الشاعر سمير درويش. يتكون الديوان من ثلاثة عشر نصا تقوم بمسح جمالي لجمة من الموضوعات والهواجس التي تتوزع عبر قصائد يغلب عليها أحيانا الطابع الشذري للقصائد ذات المقاطع الصغيرة التي تشبه أشلاء مقطعة يتم ترميمها بخيط اللغة والحس الوجودي العميق، وأحيانا تنبني القصائد كنصوص شديدة الطول، كملاحم معاصرة وحداثية تذكر أحيانا بناطحات السحاب وأحيانا أخرى بعمق التاريخ المتجذر في المسكن الأجمل: اللغة، والحامل للعنوان الأفضل: القصائد. ديوان ”الرغبات المتقاطعة” كلمات متقاطعة أيضا، وبلاغات متقاطعة ببراعة كبيرة تشابك مرجعيات تخيّلية ومشارب ثقافية تتحرك بين امرئ القيس وشكسبير، بين الأندلس ونيويورك، بين الأعشى وجون كيج، أفقيا يأتي الشعر ومعه الشعور العابر بلذة السفر أو النظر أو الحلم بأفق ما وعموديا يأتي بمرجعيات تاريخية وثقافية تمزج بسلاسة قاهرة بين مأساة ”غزة” والسيرة النبوية ونيتشه والمعلقات السبع وتقاليد الهايكو الياباني. يقول فيصل الأحمر في مقطع من نصه ”ضرورات”: كلبُ اللغةِ ينبحُ فوقَ العادة... لابد أنها غريبةٌ تقفُ عند بابِ القلب”، وفي تقاطع الطرق بين كلب أفلاطون الذي يقف حارسا أمام باب الأبدية (كما تفعل المعلقات) وكلب ديوجين الذي يتجرد من كل شيء لكي يفرغ للأساسي (وذلك ما تفعله مقطعات الهايكو) يقف ديوان ”الرغبات المتقاطعة” محتفيا بالشعر كمعنى متعال على اللغة والإنسان والتاريخ وعلى تقاليد الكتابة أيضا. ويقول الكاتب فيصل الأحمر في حديث مع ”الفجر” أن هذا ديوانه الخامس، ورغم شهرته كروائي، إلا أنه أكثر حظا مع الشعر وحصل في السابق على عدة جوائز شعرية هامة مثل ”سعاد الصباح”، ”مفدي زكريا المغاربية” و”جائزة رئيس الجمهورية”، مضيفا أنه يزاوج بين الشعر والرواية باستمرار. وحول موضوع النشر خارج الجزائر يقول فيصل الأحمر: ”يبدو أن مطرب الحي لا يطرب فعلا”، مضيفا: ”لا أدري لماذا ولكننا في الجزائر لا نحتفي بالكتب الصادرة عندنا بقدر احتفائنا بالكتب الواردة من الخارج، روايتي ”أمين العلواني” مثلا صدرت عام 2008 في الجزائر وسط صمت شامل كامل عدا بعض المبادرات المحدودة لأصدقاء محددين، وهذا العام عادت للصدور في مصر عن دار العين... وها هي تجد قارئها في كل مكان”. ويعتبر فيصل الأحمر أن هنالك واقعا لا مهرب منه ويحتاج إلى حلول سياسية ورغبة رسمية، وبعدها نحتاج إلى إعادة تأهيل نفسي للتخلص من عقدتي الشرق والغرب.