أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، مساء الأحد، فوز مؤيدي توسيع سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان (63 عاما) في الاستفتاء. وقال يلدريم، في كلمة ألقاها بمقر حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، ”تشير نتائج غير رسمية إلى أن الاستفتاء الذي نص على جعل النظام رئاسيا توج بفوز نعم”. هذا وأعلن رئيس اللجنة الانتخابية التركية أن المعسكر المؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس فاز في الاستفتاء. ونقلت وكالة أنباء الأناضول أنه بعد فرز بطاقات التصويت في 96 بالمئة من مكاتب الاقتراع، تقدم مؤيدو توسيع صلاحيات أردوغان بنسبة 51.5 بالمئة. ودعي حوالى 55.3 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في استفتاء شعبي حول توسيع سلطات رئيس الجمهورية، وخصوصا إلغاء منصب رئيس الحكومة. وفي مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول، عقب صدور نتائج الاستفتاء، أوضح أردوغان أن ”النتائج غير الرسمية على التعديلات الدستورية التي تشمل الانتقال إلى النظام الرئاسي، تظهر أن نحو 25 مليون صوتوا بنعم، بفارق مليون و300 ألف عن المصوتين بلا”، مؤكداً أن ”نتائج الاستفتاء ستعود بالخير على تركيا”. لافتا إلى أنّ ”الشعب التركي أثبت مرة أخرى إرادته الحرة وقام بواجبه الوطني”، مؤكداً أن ”تركيا أنهت نقاشا دام 200 عام حول طريقة إدارة الدولة”. مشددا على أن بلاده اتخذت قرارا اليوم تاريخيا وأنهت الجدال المستمر منذ 200 عام حول نظام حكمها، وهذا القرار ليس عاديا. ولافتاً إلى أن ”16 أفريل هو نصر لكل المواطنين الأتراك سواء صوتوا ب”نعم” أم ب”لا”. وأشار أردوغان إلى أن النظام الرئاسي سيدخل حيز التنفيذ مع الانتخابات المنتظرة في 3 نوفمبر 2019. وأكد أردوغان أنه من المفيد تركيز الجميع على نتائج الاستفتاء بدلاً من الخوض في جدال لا ينفع البلاد. وكان أردوغان قد أدلى صباح أمس مع عقيلته أمينة، بصوته في الاستفتاء المتعلق بالتعديلات الدستورية، في مدرسة ”صفت جبي” الإعدادية بمنطقة أوسكودار في إسطنبول. وبحسب الأناضول، انتهت عملية فرز الأصوات في الصندوق رقم 3248 الذي صوت فيه أردوغان، ومسجّل فيه 409 ناخب. وشرعت وزارة العدل التركية، أول أمس، في تعديل 144 مادة في 7 قوانين في دستور البلاد، لتتلاءم مع التعديلات الدستورية الجديدة عقب الموافقة عليها بالاستفتاء. ومن بين القوانين التي ستعدلها الوزارة هي، قانون الانتخابات، والقانون الأساسي الانتخابي وقانون سجلات الناخبين، وقانون الأحزاب السياسية، وقانون المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وقانون الطعون أمام المحكمة، وقانون القضاء العسكري، إلى جانب قانون الانتخابات الرئاسية. كوندي والغنوشي ومشعل أوّل المهنئين والمرزوقي يعتبرها ردا على محاولة الانقلاب وفور الإعلان عن النتائج غير الرسمية للاستفتاء، هنأ الرئيس الغيني ألفا كوندي، ورئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية ”حماس”، خالد مشعل، ليل الأحد، الرئيس التركي أردوغان، بنتيجة الاستفتاء. وقالت مصادر في الرئاسة التركية، أن كلا من كوندي، والغنوشي، ومشعل، اتصلوا بأردوغان، وهنأوه بمناسبة نجاح الاستفتاء وإقرار التعديلات الدستورية. ومن جهته قال رئيس حزب ”تونس الإرادة”، الرئيس التونسي السابق، محمد المنصف المرزوقي، في تدوينة على حسابه بموقع ”فيسبوك” عقب فوز مؤيدي أردوغان في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، إن ”النصر لم يكن بالتسعة والتسعين في المائة المعروفة في بلدان ما قبل الربيع العربي”، وقد جاء ردا على محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في 15 جويلية الماضي. وتساءل المرزوقي أي نظام حكم أفضل للأتراك البرلماني أم الرئاسي؟ وأضاف ”ليس لأحد الحق في الردّ باستثناء الأتراك أنفسهم”. وفي السياق، أوضح عثمان باي دمير، المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي المعارض في تركيا، أنّ حزبه اعترض على نتائج التصويت وأنه رصد ”مخالفات” خلال عملية التصويت في الاستفتاء. ونقلت الأناضول تصريحات باي دمير للصحفيين من أمام مقر الحزب بأنقرة، ”هناك المئات من المخالفات مثل استخدام أصوات غير مختومة، وعدم السماح للشهود (متطوعين لمراقبة عملية التصويت) بالوقوف بمحيط الصناديق، وقدمنا اعتراضات متعلقة بتلك المخالفات”. وأشار إلى أن الحزب سينشر قريبًا تقريرًا مؤلفًا من 56 صفحة بخصوص المخالفات التي وقعت منذ انطلاق حملات الدعاية للاستفتاء. ولفت باي دمير إلى أن قانون الانتخاب يحمل عبارة واضحة تتمثل في أن كل صوت استخدم فيه بطاقة انتخابية وظرف غير مختومين يعد لاغيًا. وادّعى أن النتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات لا تتطابق مع الموجودة لديهم. وخرجت المعارضة في مسيرات احتجاجية في شوارع إسطنبول، واحتفل أنصار أردوغان أيضا بالفوز الذي قد يبقيه في السلطة إلى عام 2029. وأفادت تقارير من محافظة ديار بكر، جنوب شرق البلاد، بمقتل ثلاثة أشخاص في إطلاق نار قرب مركز للتصويت. ميركل تدعو أردوغان إلى حوار قائم على الاحترام والكريملين يعتبر الاستفتاء شأنا داخليا وفي ظل تصاعد احتجاجات المعارضة على نتائج الانتخابات، أعلن سعدي جوفين، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا عن سلام ومصداقية أوراق الاقتراع والمظاريف التي وزعتها اللجنة واستخدمت في الاستفتاء على دستور البلاد الذي أجرى يوم الأحد. وأوضح أن ”قرار اللجنة في اللحظة الأخيرة للسماح بقبول أوراق اقتراع غير مختومة في الاستفتاء لم يكن الأول من نوعه، إذ أن الحكومة سمحت من قبل بمثل تلك الخطوة”. ولفت إلى أنّ ”القرار اتخذ قبل فرز النتائج، وإن أعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومن المعارضة الرئيسية، كانوا حاضرين في كل مراكز الاقتراع تقريبا ووقعوا على محاضر اللجان الانتخابية”. وأكدت الرئاسة الروسية أن ”الاستفتاء في تركيا شأن داخلي وندعو الجميع إلى احترام إرادة الشعب”. وأصدرت اللجنة الأوروبية بيانا عقب إعلان نتيجة الاستفتاء، حضت فيه أردوغان على احترام الفارق الضئيل، و”السعي إلى أكبر توافق ممكن” في تطبيق أحكام التعديلات الدستورية. ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أردوغان إلى ”حوار قائم على الاحترام” في تركيا بعد الاستفتاء. وقالت ميركل في بيان مقتضب مشترك مع وزير الخارجية، سيغمار غابرييل، إن حكومتها تنتظر من نظيرتها التركية بعد حملة انتخابية شاقة، السعي إلى حوار قائم على الاحترام مع كل القوى السياسية وفي المجتمع”. ومن حهته دعا رئيس حزب الخضر الألماني المعارض تجيم أوزدمير، وهو من أصل تركي، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، الجالية لإبداء المزيد من الولاء للدستور الألماني. وتخضع تركيا لحالة الطوارئ منذ الانقلاب الفاشل في منتصف جويلية من العام الماضي. وقد أوقف بموجبها 47 ألف شخص وسرح أو علقت مهام 100 ألف آخرين. ونشرت السلطات نحو 380 ألف شرطي حول البلاد لضمان حسن سير الاقتراع، بحسب وكالة الأناضول. وكانت استطلاعات الرأي أظهرت تقدّماً بفارق بسيط للمعسكر المؤيد للتصويت بنعم والذي سيؤدي إلى أن تحل رئاسة قوية محل النظام الديمقراطي البرلماني في تركيا، وربما يشهد بقاء إردوغان في السلطة حتى 2029 على الأقل. وكان البرلمان التركي كان قد أقر في يناير الماضي مشروع التعديلات الدستورية، الذي تقدم به حزب ”العدالة والتنمية” الحاكم، ويتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي. وتشمل التعديلات المقترحة زيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عامًا. ولإقرار التعديلات الدستورية، ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي ب”نعم” أكثر من 50٪ من الأصوات (50+1). ومنذ تأسيس الجمهورية، شهدت تركيا 6 استفتاءات على التعديلات الدستورية، كانت نتيجة 5 منها إيجابية (في الأعوام 1961 و1982 و1987 و2007 و2010)، بينما انتهى أحدها بنتيجة سلبية (عام 1988).