يهدف مخطط عمل الحكومة الذي يعرض اليوم امام المجلس الشعبي الوطني، إلى النهوض بالاقتصاد الوطني وجعله أكثر صلابة في محاولة من الحكومة إلى إيجاد مداخيل أخرى لاسيما بعد الصدمة النفطية التي أدت إلى تراجع مداخيل الدولة من ثم التسبب في أزمة مالية. ستعتمد الحكومة ”مسعى ميزانياتي مجدد” يرتكز على استراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني الرامية إلى ترسيخ نمو ”حيوي وقابل للاستمرار”، كما تتطلع إلى تعزيز حركية النمو المنتهجة خلال السنوات الأخيرة وتدعيمها مع حرصها على المحافظة على سياسة العدالة الاجتماعية واعية ب”محدودية استراتيجية النمو المرتكزة على النفقات العمومية وحدها”. وبالتالي فهي عازمة على تغيير نظام النمو بتوجيهه نحو تطوير القطاعات المنتجة للثروات والقيمة المضافة والتشغيل، وذلك هو رهان التنوع بالنسبة للاقتصاد الوطني المرتبط ارتباطا وثيقا بالمحروقات. كما يعتبر تحسين مناخ الأعمال من أجل تعزيز الاستثمارات ومواصلة الإصلاحات في النظام البنكي من أهم الأهداف التي ترمي الحكومة إلى تعزيزها. وأشارت الحكومة في مخطط عملها ”أنها ستعكف على مواصلة التطهير الجوهري لمناخ الأعمال وذلك قصد تحرير الاستثمار والمؤسسات من القيود التي تكبحها، وتوفير ظروف جاذبية الاستثمارات المباشرة الأجنبية وخصوصا منها تلك المشاركة في نقل التكنولوجيا واستغلال الموارد الطبيعية للبلاد وإحداث مناصب الشغل في إطار احترام قاعدة 51/49. كما ستعمل الحكومة على التعجيل بتطهير وضعية العقار الاقتصادي غير المستغل وتبسيط إجراءات حصول المستثمرين المحتملين على العقار وترقية العرض المحلي في مجال العقار الاقتصادي التابع لأملاك الجماعات الإقليمية من خلال تهيئة مناطق مصغرة ومناطق نشاطات قصد التشجيع على استحداث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا سيما لفائدة الشباب حاملي المشاريع. وستعمل الحكومة في مجال تشجيع الاستثمار، على تخفيف الإجراءات وتعزيز قدرات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار على تسيير ومتابعة الاستثمارات. كما سيتم تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تشجع على تنمية الصادرات خارج المحروقات من خلال اطار يحافظ دوما على توازنات ميزان المدفوعات للبلاد. وستوجه الحكومة أولوياتها في مجال الاستثمار نحو ترقية المؤسسات المصغرة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال وضع تدابير جديدة تشجيعية تسهيلية وتحفيزية لتطوير هذا النوع من المقاولاتية. تشجيع التمويلات البديلة وتوسيع مهام الصندوق الوطني للاستثمار ستسهر الحكومة بعنوان عصرنة القطاع البنكي والمالي وقطاع التأمينات وتطوير ذلك، على مواصلة وتعميق الإصلاحات التي باشرتها من خلال تدعيم عرض التمويل تجاه المؤسسات المصغرة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الخصوص وتنويع عروض التمويل من خلال تطوير المنتجات المالية البديلة عبر إقامة شبابيك موجهة للمالية التشاركية على مستوى البنوك العمومية وتعميم استعمال وسائل الدفع الحديثة. وستعمل الحكومة على تفعيل مكانة بورصة الجزائر من خلال عصرنة أنظمة الإعلام في المؤسسات الوسيطة في السوق المالية وتحسين عرض السندات في السوق المالية، وذلك من خلال إيجاد سندات جديدة وتسريع عملية إدخال شركات تابعة للقطاع المالي إلى البورصة. وفيما يخص قطاع التأمينات فإن الحكومة ستعمل على تطبيق ما يرمي إلى ضبط أفضل لنشاط التأمينات من خلال إعادة تنظيم عملية الإشراف على التأمينات واستحداث سلطة مستقلة للتأمينات. نحو إرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي التجاري كما ستقوم الحكومة بعدة أعمال تشجيعية وتسهيلية ”بهدف إدماج نشاطات التجارة الموازية في المجال الرسمي” وكذا إرساء ”أكبر قدر من الشفافية” في النشاط الاقتصادي والتجاري. ومن أجل ضبط السوق، ستعمل الحكومة على مواصلة جهودها من خلال تعزيز الترتيبات القانونية المتعلقة بالتهريب لضمان فعالية أكبر في مكافحة التدفق غير المشروع للبضائع عبر الحدود وتنمية شبكة التوزيع الواسع والمنشآت الأساسية التجارية ومواصلة عمليات القضاء على الأسواق الموازية. ويتعلق الأمر أيضا بإتمام برنامج إنجاز ثمانية أسواق لبيع الفواكه والخضر بالجملة ذات طابع وطني وجهوي وتشجيع القطاع الخاص على المساهمة في إنجاز أسواق الجملة الخاصة ببيع المواد الغذائية والفواكه والخضر. وعلاوة على مواصلة تقييم عمليات الاستيراد، تعتزم الحكومة كذلك متابعة الترتيبات الخاصة بضبط أسواق المنتوجات واسعة الاستهلاك وكذا مواد البناء ومواصلة سياسة ضمان استقرار أسعار المواد واسعة الاستهلاك وتحديد الاحتياجات الحقيقية للسكان من المواد واسعة الاستهلاك مع الاستناد على ”تحقيقات إحصائية موثوقة” إضافة إلى تعزيز و تفعيل مجلس المنافسة. وفي مجال نوعية الاستهلاك، سيوجه نشاط الحكومة نحو تخفيض نسبة السكر والملح والمواد الدسمة في المواد الغذائية ومراجعة الحدود القصوى من حيث الإضافات الغذائية. وبخصوص المراقبة الاقتصادية وقمع الغش، ستعمل الحكومة على تكثيف عمليات المراقبة من أجل إرساء الشفافية ومكافحة الممارسات التجارية غير النزيهة. وفي مجال مراقبة الممارسات المضادة للمنافسة، يشير المخطط إلى ”سوق الإسمنت وحديد البناء أحد الأهداف الرئيسية لمصالح المراقبة” لتتوسع هذه العملية إلى المنتجات المدرجة في نظام الرخص. كما يبرز مخطط العمل ضرورة تعزيز أدوات الدعم والتدابير المحفزة على التصدير ومواصلة تجسيد برامج مشاركة الجزائر في التظاهرات الاقتصادية بالخارج مع إيلاء الأولوية لتيسير ولوج المنتوجات الجزائرية إلى الأسواق الخارجية، وبعث مسار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة. الحكومة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والحد من اختلال الميزان التجاري وضع مخطط عمل الحكومة تنمية النشاطات الفلاحية المنتجة كهدف يرمي إلى تعزيز الأمن الغذائي للبلاد وتنويع الاقتصاد الوطني والحد من اختلال الميزان التجاري لأهم المنتجات الأساسية. وفي هذا المنظور يرتكز مخطط عمل الحكومة من أجل تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، الذي سيعرض اليوم أمام المجلس الشعبي الوطني، على عدة محاور. ويتعلق الأمر بتوسيع المساحات المسقية بمليون هكتار المنبثقة عن تثمين وتدعيم القدرات الموجودة على مساحة قدرها 261.500 هكتار وكذا إنشاء مساحات جديدة للامتياز الفلاحي مع الاستصلاح الفعلي ل370.000 هكتار، فضلا عن إنشاء مساحات كبرى مسقية جديدة بمساحة إجمالية قدرها 331.000 هكتار. كما تنص خريطة طريق الحكومة على مواصلة تنمية الفلاحة الصحراوية من خلال إنشاء مساحات مستصلحة جديدة. كما تلتزم الحكومة باستكمال البرامج الاستثمارية التي شرع فيها في إطار توسيع قدرات التخزين بما فيها غرف التبريد والتي ستتواصل وكذا البرامج المتعلقة بعصرنة وحدات التحويل والذبح.