خلافاً لتجارب راسخة في بلدان مغاربية، تفتقر الجزائر إلى وجود مجلات ثقافية متخصّصة باستثناء دورية ”ليفراسك” الشهرية التي تصدر باللغة الفرنسية، ورغم سعي المؤسسة الرسمية إصدار مطبوعات جديدة أو إحياء أخرى متوقّفة، إلا أنها في الغالب لا تتمكّن من الاستمرار رغم توفّر الدعم المالي اللازم لها. في هذا السياق، لم يتفاعل مثقفون جزائريون مع إعلان وزارة الثقافة إعادة نشر مجلة ”ثقافات”، رغم التصريحات التي أُطلقت في حفل توزيعها حول ”قرب صدور نسخة فرنسية من المجلة، إضافة إلى مجلات أخرى متخصّصة في الفن”، بحسب وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي. ولم يحل إخفاق ”المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية”، حين أصدرت العدد التجريبي من ”ثقافات” منذ عامين، من أن تعيد التجربة مرّة أخرى، مع وعود رسمية في أن تكون الانطلاقة جديدة مختلفة خاصة في ما يتعلّق بتصميمها وإخراجها، وهي إحدى المشاكل التي تعانيها المجلات والصحف في الجزائر. من جهة أخرى، لم يخف ناشرو المجلة تطلّعاتهم نحو اعتماد ”ثقافات” على مردود الإعلانات في ضوء خطة التقشّف التي تتبعها المؤسسات الثقافية منذ العام الماضي، لكنها تبدو طموحات ”مبالغاً” فيها، قياساً على محاولات سابقة لمجلات حكومية وخاصة لم تستطع مواصلة الصدور بسبب غياب التمويل لها. توزّعت مواد العدد الأول بين موضوعات أدبية وفنية وتاريخية مختلفة، من بينها ”الأرشيف الجزائري في فرنسا (1830 – 1962): استرجاع الذاكرة”. كما حظي الأمير عبد القادر الجزائري بورقة تناولت حياته الصوفية وعلاقته بابن عربي، إضافة إلى دراسات حول صورة المرأة في الاستشراق الفني، وأخرى حول موسيقى الراي. وتضمّنت المجلة نصوصاً شعرية وأدبية باللغتين العربية والفرنسية، وملفاً حول تجربة المخرج السينمائية خضر حامينا (1930) بمناسبة مرور خمسين عاماً على فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان ”كان” عن فيلمه ”ريح الأوراس” الذي يروى فصولاً من حرب التحرير إبّان الاستعمار الفرنسي.