أكد الخبير الاقتصادي والمالي فرحات آيت علي، في تصريح ل”لفجر”، أن قرار الوزير الأول عبد المجيد تبون الخاص بعدم اللجوء للاستدانة الخارجية المعلن عنه في اللقاء التحضيري للثلاثية - الحكومة والباترونا والمركزية نقابية - المنعقد الأحد الماضي، سياسي بالدرجة الأولى لأنه قرار للرئيس وهدفه الحفاظ على السيادة الوطنية، موضحا أن الحكومة ستكون مجبرة في هذه الحالة على اللجوء إلى ”الإصدار النقدي” لتلبية الاحتياجات الداخلية أمام فشل ”الاستدانة الداخلية ممثلة في القرض السندي”. وأضاف الخبير الاقتصادي أن ”القرار المعلن عنه من قبل الوزير الأول عبد المجيد تبون، خلال اللقاء التحضيري لقمة الثلاثية المزمع تنظيمها بولاية غرادية، هو قرار سياسي يعكس رغبة الرئيس في عدم الذهاب للاستدانة الخارجية للحفاظ على السيادة الوطنية، ولم يرتكز على قاعدة اقتصادية”. ويعتقد المصدر ذاته أن الوضع المالي للجزائر سيلزم الحكومة اللجوء للحلول الأخرى، وهو الاستدانة الداخلية بصيغة جديدة، بعد فشل القرض السندي الذي أطلقه الوزير الأول السابق عبد المالك سلال الأمر الذي سيجعل الحكومة الحالية ملزمة باللجوء إلى ”الإصدار النقدي” كإجراء لتلبية الاحتياجات الوطنية المالية. وفي ذات السياق يؤكد الخبير الاقتصادي أن الإصدار النقدي الذي ستقوم به الحكومة سيتم بطلب من وزارة المالية لبنك الجزائر، بإصدار حوالي 1000 مليار دج إلى 1200 مليار دج على الأقل، تسمح بإقراض الخزينة العمومية وبالتالي تمويل إنجاز المشاريع المسجلة ومواجهة احتياطي الصرف الذي هو في تآكل متواصل. وحول ما إذا كان للجزائر تجارب سابقة في مجال اللجوء لقرار ”الإصدار النقدي”، أوضح مصدر ”الفجر” أنه خلال سنوات التسعينيات وفي عز الأزمة الاقتصادية والأمنية، لجأت الجزائر للإصدار النقدي لمواجهة الاحتياجات. وفيما يتصل بسؤال خاص بالانعكاسات السلبية التي يخلفها ”الإصدار النقدي” على السوق الوطنية، قال إنه سيترتب عنه تراجع في قيمة الدينار وارتفاع في سعر المواد الاستهلاكية في السوق الوطنية، بسبب التضخم، لكن هناك إيجابيات على ”الاقتصاد المنتج” تتمثل في تمويل المؤسسات العمومية والخاصة بالمال لتلبية احتياجاتها. وأكد أن السلطات لجأت إليه خلال بداية الألفية، لكن لم تكن له تأثيرات على قيمة الدينار، الذي حافظ على قيمته بسبب ارتفاع سعر برميل النفط. وفي رده على سؤال متعلق بدعوة بعض الأطراف للجوء إلى الاستدانة في الوقت الحالي قبل تأزم الوضع المالي أكثر، أوضح الخبير أن احتياطي الصرف وبعض التدابير التي اتخذتها الحكومة ستسمح بعدم اللجوء للاستدانة الخارجية حاليا، ولكن - يقول المصدر - بعدها ستكون الضمانات الاقتصادية للجزائر من المقرضين ضعيفة، وبالتالي فإن الشروط ستكون قاسية على الجزائر في حالة الاستدانة الخارجية. وعلى العموم يعتقد فرحات آيت علي أن قرار الوزير الأول عبد المجيد تبون، في اللقاء التحضيري للثلاثية، قابل للتطبيق في حال توفر الإرادة السياسية الحقيقية لتطبيقه على أرض الواقع، مضيفا أن ذلك لن يتم دون إشراك جميع الفاعلين لخدمة الاقتصاد الوطني وحمايته.