وفي الوقت الذي أعلنت فيه الربيع الفارط الحكومة الجزائرية عن إلزامها سائر المتعاملين الاقتصاديين بمنح الأولوية لليد العاملة الجزائرية، بعدما أسهم عدم توظيف مواطنيها في تفاقم البطالة محليا، قرر الكونسورتيوم الياباني- الكوري الجنوبي"ميتسوبيشي هيفي أنديستري" و"دايوو كونستريكسيون" استيراد اليد العاملة الصينية وعددها حوالي 5 آلاف عامل، و برّر الكونسورتيوم خطوته هذه بحاجته إلى يد عاملة مؤهلة لاحترام آجال إنجاز المشروع في آجاله المحددة ب 43 شهرا، كما يؤكد مسؤولو الكونسورتيوم أن المشروع جد ضخم (تربو قيمته عن 4 .2 مليار دولار) يستدعي استنجادهم بالعمال الأجانب. وقال وزير الاتصال عبد الرشيد بوكرزازة في تصريح أمس للموقع الإلكتروني " إيلاف" أن الجزائر تلزم جميع الهيئات والمجموعات ذات الطابع التجاري على وجوب منح الأولوية لليد العاملة الجزائرية، وأضاف أنّه سيتم إقرار تعديلات على بنود تتعلق بالجانب التشريعي التي تحكم سيرورة الصفقات العامة، بحيث تجبر مختلف الشركات المنجزة لمشاريع تمولها الخزينة العمومية على استخدام الجزائريين في مقام رئيسي. وبالنسبة للعديد من المسؤولين المحليين، فإن كل ما تحدث عنه مسؤولو الكونسورتيوم هو مجرد تعاليق غير مقنعة، الهدف منها عدم الاصطدام بتعنت السلطات المحلية التي قد تمنع التوقيع على تراخيص العمل لهذه اليد العاملة، لأنّ التذرع بعدم وجود يد عاملة مؤهلة محليا لا أساس لها من الصحة، علما أنّ منطقة وهران التي ستحضن المشروع تمتلك حسب هؤلاء المسؤولين تملك من الكوادر والطاقات الشابة ما يؤهلها للتكفل بإنجاز هذا المشروع وأن اختيار السلطات إنجاز مصنع اليوريا والأمونياك بولاية وهران تحديدا كان الهدف منه أساسا امتصاص البطالة الخانقة في تلك المنطقة، فكيف يقدم الكونسورتيوم طلب ليستورد عمالا أجانب. وعلى خلفية "تكاثر" العمال الأجانب في الجزائر، ووصول عددهم إلى حدود 60 ألف عامل أجنبي ينحدرون من 105 جنسيات، بعد أن كانوا لا يتجاوزون 543 شخص العام 1999، وينتمي هؤلاء إلى جنسيات عربية وآسيوية وأوروبية، أصدرت الحكومة الجزائرية أمرية تنفيذية عمدت إلى تشديد الشروط الخاصة باستخدام العمال غير الجزائريين، بعد تضاعف العمالة الأجنبية ثلاث مرات خلال سنوات قليلة. ويرى متتبعو الشأن الاقتصادي في الجزائر، أن المجموعات الصينية التي تسيطر على قسم مهم من قطاع الإنشاءات، هي المعنية الأولى بالإجراء المستحدث، على خلفية ما تردّد عن جلبها يدا عاملة من الصين على حساب ما هو متاح من قدرات بشرية في الجزائر، وهو ما ضاعف أعداد العمال الصينيين إلى حدود 40 ألف عامل في الجزائر، في وقت يجد الآلاف من الشبان الجزائريين من الحاصلين على شهادات عليا أنفسهم على الهامش .