يبدو منظر السد الخزان لوادي العثمانية بولاية ميلة لعابر الطريق الوطني رقم 5 "أ" على شطره الرابط بين سيدي خليفة ووادي العثمانية وكأنه شاطئ بحر يؤمه مصطافون وهم جالسون تحت مظلات شمسية تقيهم أشعة الشمس المحرقة. فعلى طول ضفتي هذا السد الذي يحجز حاليا قرابة 30 مليون متر مكعب من المياه الموجهة لتموين قسنطينةوجنوب ولاية ميلة بالمياه الصالحة للشرب يصطف عشرات الأشخاص من هواة صيد السمك حاملين صناراتهم. وبرزت هذه الظاهرة منذ أشهر قليلة بعدما انتشرت أخبار عن صيد أسماك كبيرة من نوع الشبوط الفضي وغيره، وذلك في أعقاب عمليات زرع لهذا النوع من السمك قامت بها محطة ميلة للصيد وتربية المائيات في المسطحات المائية التي تتوفر عليها هذه الولاية. وتدل أرقام السيارات المتوقفة على مقربة من هذا الموقع الذي أصبح مقصدا للكثيرين يفضلونه عن البحر وباقي فضاءات التسلية والترفيه الأخرى حسب ما ورد في وكالة الأنباء الجزائرية ، على أن هؤلاء قادمين من ولايات مجاورة مثل "قسنطينة" و"سطيف" بالإضافة إلى "ميلة". ويقول "خالد" 30 سنة يقطن قرب "شلغوم العيد" إن الإقبال الكبير وخاصة خلال أيام نهاية الأسبوع يدل على أن السد "يتوفر على خير كبير" فيما يضيف صديقه "زاهر" (33 سنة) من وراء نظارته العريضة وصنارته الجديدة التي اقتناها مؤخرا فقط "إن أسماكا اصطيدت هنا بوزن يفوق 15 كيلوغرام". ويتخذ البعض من هذا المكان مقصدا للترويح عن النفس وممارسة هواية متأصلة لديهم فيما أصبح صيد السمك عند آخرين حرفة يحصلون منها على مداخيل من خلال بيع ما يصطادونه أو استهلاكه ذاتيا. وينفي "عبد الله" من جهته والقابع تحت مظلة شمسية أصبحت لا تفارق صندوق سيارته ما يتردد عن مذاق رديء طالما ألصق بسمك السدود والأودية قائلا: "إذا ما وجدت السمكة طباخة ماهرة تعرف استعمال البهارات والدواء فقد تنسيك ذوق سمك البحر". وبدأ بولاية ميلة تدريجيا استيعاب مدى أهمية هذا المعطى الجديد المتمثل في الصيد في المياه العذبة بوصفها حرفة جديدة يجب تثمينها كونها تشكل مورد رزق من شأنه أن يتلاءم مع الطابع الريفي الفلاحي للولاية. للإشارة تتوفر الولاية حاليا على سدين كبيرين هما "بن هارون" والسد "الخزان" لوادي العثمانية إضافة إلى بعض الحواجز المائية. وعلم لدى مديرية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن نشاط الصيد في المسطحات المائية العذبة ستعرف "قريبا" ميلاد أول مؤسسة مصغرة للصيد بواسطة القوارب بادر بها شاب جامعي من جنوب الولاية. ويعترف العديد من السكان المحاذين لهذه السدود الحديثة بأن حياتهم بدأت تشهد تطورا نوعيا بفضل فرص الرزق التي برزت فضلا عن مزايا كثيرة مناخية وبيئية جمالية.