تخصص الدولة ميزانية ضئيلة لقطاع الشؤون الدينية والأوقاف مقارنة بباقي القطاعات، ولاتزال العديد من بيوت الله في طور الإنشاء رغم انقضاء سنوات عديدة على بداية العمل في بنائها وإنجازها، ويبقى المواطن سواء كان في العاصمة أو في باقي الولايات يؤدي فريضة الصلاة في الشوارع والطرقات. ومن يتجول بالقرب من مساجد العاصمة في الأيام الأولى من شهر رمضان يتفاجأ بحجم الإقبال الذي فاق كل التكهنات، إذ أضحى من الصعب إيجاد مكان شاغر داخل المسجد، خاصة في صلاة الجمعة والتراويح. مصلون يعودون أدراجهم من شدة الاكتظاظ وآخرون يصلون خارج المساجد وقبيل رفع أذان صلاة الجمعة الثانية بشهر رمضان بأحد المساجد ب "حي النسيم" في العاصمة أين وجدنا أعدادًا من المصلين يعودون أدراجهم، بعد أن فقدوا الأمل في إيجاد مكان داخل المسجد، وهو ما أجبرهم كذلك على أداء فريضة الجمعة في أحد الشوارع المجاورة للمسجد. ويقول أحد القائمين على شؤون ذلك المسجد ل "الفجر": "كنا نظن أن القاعتين الجديدتين اللتين دشنتا مع بداية الشهر الفضيل، بإمكانهما استيعاب جميع المصلين، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، ما جعلنا نجد حرجا لتوفير أكبر عدد من الأفرشة لمن سيصلون خارج المسجد. فريضة الصلاة تقام في الطرقات والساحات وأحيانا أخرى تؤدى بالتناوب ولم يختلف الأمر بمسجد "عمر بن الخطاب" المعروف باسم "بلاطو" والكائن بأعالي شارع ديدوش مراد، فقبل دقائق من صلاة العشاء خلال الأسبوع الأول من شهر الصيام، قامت "الفجر" بجولة تفقدية للمسجد ووجدناه امتلأ عن آخره، ليجد باقي المصلين أنفسهم مضطرين لأداء الصلاة بالساحة المجاورة للمسجد أو على الطريق المؤدية إليه. أما مسجد "الرحمة" بوسط العاصمة، فلا يقتصر تدفق المصلين عليه في صلاتي التراويح والجمعة فقط، بل أصبح مكتظا برواده في جميع الصلوات منذ بداية شهر رمضان المبارك. وخلال صلاة الظهر، اضطر المصلون الذين أتوا بعد امتلاء المسجد إلى الانتظار حتى يفرغ إخوانهم من الصلاة ويخرجوا ليتمكنوا هم من أداء الصلاة في جماعة ثانية. يحرمون من "التراويح" لأكثر من عقدين لغياب مسجد بمنطقتهم في الجزائر العميقة أو بالأحرى في الولايات الداخلية والبلديات النائية، الأمر يختلف عن مواطني العاصمة الذين إن وجدوا الاكتظاظ في مسجد غيروا وجهتم نحو مسجد آخر، فهؤلاء في بعض المناطق يبقى حلمهم بتأدية صلاة التراويح معلقا إلى إشعار آخر وحتى باقي الصلوات الأخرى في مقر إقامتهم، وهو حال سكان "ثنية الحجر" بالمدية الذين لاتزال معاناتهم مستمرة منذ 28 سنة، نقلتها إحدى الجرائد الوطنية مؤخرا، حرموا من أداء صلاة التراويح وصلاة الجمعة لأكثر من عقدين من الزمن بسبب غياب مسجد بالحي والمنطقة. فمشروع المسجد الذي أطلق عليه اسم "عمر المختار" والذي شرع في بنائه أحد الخواص مازال لم يكتمل بعد، فبعد وضع الأساس به سنة 1981 إلا أنه لحد الآن لم يستطع سكان الحي الاستفادة منه والصلاة فيه، وهو ما يجعلهم يقطعون مسافات طويلة تعدت 5 كلم لأداء الصلاة وقد سئم المواطنون القاطنون بكل من أحياء "ثنية الحجر" و"حي 24 فيفري"، وحمل مواطني حي "ثنية الحجر" القائمين على قطاع الشؤون الدينية المتعاقبين على الولاية مسؤولية هذا التناسي والتجاهل. يقطعون كيلومترات للصلاة في بوفاريك في انتظار مسجد "الشيخ بن ساعد" وبمدينة بوفاريك، يبقى حلم سكان ومواطني منطقة "طريق الشبلي" ينتظرون إنجاز "مسجد الشيخ بن ساعد" الذي مر على وضع الأساس به ما يفوق 30 سنة، واستهلك الملايير، وبقي مجرد أساسات من الخرسانة والإسمنت المسلح في الأرضية فقط. ومؤخرا حاولت السلطات المحلية ببوفاريك تحويل المسجد إلى مكاتب إدارية، الأمر الذي دفع بالسكان إلى رفض الطلب، ووعد العديد ممن التقتهم "الفجر" بالإضراب عن الطعام إذا حاولت السلطات المحلية تغيير مشروع المسجد إلى مكاتب إدارية، لكن يبقى المشروع يراوح مكانه، الأمر الذي يدفع سكان ومواطني منطقة "طريق الشبلي" إلى قطع مسافة تزيد على 6 كيلومترات وعبر مسالك ضيقة ووعرة من أجل تأدية فريضة الصلاة. أكثر من 3 آلاف مسجد في طور الانجاز ولكن... وفي انتظار الانتهاء من مشاريع المساجد التي باشرت الوزارة في بنائها والمقدر عددها بأكثر من 3 آلاف مسجد عبر الوطن ولاتزال في طور الانجاز، تبقى الطرقات، الساحات، والشوارع الملجأ الوحيد للمواطنين لأداء فريضة الصلاة.