استخدم الجوع كوسيلة علاجية منذ أقدم العصور، ولجأ إليه أطباء اليونان أمثال أسكابياد وسيلوس لمعالجة كثير من الأمراض التي استعصت على وسائل المداواة المتوافرة لديهم في ذلك الوقت، وفي القرن الخامس عشر قام لودفيفو كورنا باستعمال الصوم في معالجة مختلف الأمراض المعاندة، وطبق طريقته في الصوم على نفسه ، وعاش ما يقارب مائة سنة وهو بصحة جيدة بعد أن كان يعاني من داء عضال، وألّف في أيامه الأخيرة رسائل في المعالجة بالصوم تحت شعار "من يأكل قليلاً يعمر طويلاً" ، وهذا نجده في ظلال الآية الكريمة: { كلوا واشربوا ولا تسرفوا} سورة الأعراف: الآية 31 ، ونستشعره أيضاً في توجيهات النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ومنها قوله: "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه" - رواه الترمذي-. ومع بداية عصر النهضة نشطت الدعوة من جديد إلى المعالجة بالصوم في كل أوروب ، منها ما كتبه الطبيب السويسري بارسيلوس: إن فائدة الصوم في العلاج تفوق مرات ومرات استخدام الأدوية المختلفة ، أما فينيامين الأستاذ في جامعة موسكو فقد كتب يقول: لو راقبنا الإنسان عن كثب لوجدنا أن نفسه تعاف الطعام وترفضه في بعض الفترات ، وكأنها بذلك تفرض على نفسها الصيام المؤقت الذي يؤمن لها التوازن الداخلي ويحفظها من المؤثرات الخارجية. الصيام والبدانة حظيت البدانة وما يرافقها من اضطراب اهتماماً كبيراً بل وإجماعاً لدى المؤلفين حول استفادتها من العلاج بالصوم، ذلك أن السمنة المفرطة وازدياد تراكم الشحوم في البدن تشكل خطراً حقيقياً على حياة الشخص من جراء تعرضه لآفات شديدة الخطورة كتصلب الشرايين، وارتفاع الضغط الدموي ، وتشمع الكبد، والعنانة، والسكري ، وأمراض القلب العضوية ، والنزيف الدماغي ، وغيرها. و للبدانة أسباب ولكن أهمها تضخم المدخول الغذائي نسبة للمجهود العملي الذي يقوم به الشخص، وهي مرتبطة بعوائد التغذية التي تعوّد عليها الشخص منذ صباه ، ويعد الصيام وسيلة غريزية مجدية في إذابة الشحوم في البدن واعتدال استقلاب الأغذية فيه ، كما أن مشاركة الجوع بالعلاجات الفيزيائية كالمشي والتمارين الرياضية والتدليك والحمامات المائية تعطي أفضل النتائج ، فضلاً عن أنها وسائل غير مؤذية ولا تقضي إلى النتائج الوخيمة المشاهدة عند استعمال الهرمونات والمدرات ومثبطات الشهية التي يهرع إليها البدينون بغية إنقاص وزنهم ، وهناك مدارس توصي بالصيام المطلق عن الطعام لمدد مختلفة على أن تكون تحت إشراف طبي ، ويزود المعالج بالماء والشوارد اللازمة ، ويرى فيدوتوف أن البدين يتحمل الجوع بشكل جيد ويوصي بالصوم لمدة تتراوح من 5 إلى 15 يوم ، تعقبها فترات استراحة يتناول فيها المريض وجبات خفيفة ، ولم يلاحظ عند المعالجين أي اضطراب في الحالة الصحية للمرضى أو بتغيرات مخبرية مرضية.