من بين النقاط السوداء التي التصقت بسياسة السلطات الولائية في تسيير الإستثمار، الصمت الذي تبديه تجاه الكثير من المستثمرين العقاريين الذين استفادوا من قطع أراض، وفي أماكن استراتيجية هامة ولم يلتزموا ببنود العقود الموقعة في إطار الاستثمار. فقد تمت الموافقة على عدد من المشاريع العقارية ببناء محلات وشقق، إلا أن هذه المشاريع لازالت لم تتحرك وبقيت المساحات مسيجة بصفائح الزنك لسنوات طوال. ولم يتداول أبدا أن الجهات المسؤولة، بداية من والي الولاية، إلى مديرية أملاك الدولة والأطراف الأخرى أصدرت قرارا أو تعليمة أو حتى تحذيرا. ففي حاسي بحبح، استفاد مقاول من استثمار عقاري لبناء 18 شقة، بالإضافة إلى محلات تجارية بطريق حاسي العش، إلا أن واقع المبنى لا يعكس ذلك تماما، فقد أقدم صاحب الاستثمار على بناء سور على ارتفاع 4.30 أمتار بالإسمنت المسلح، ما يؤكد نيته في عدم الالتزام ولازال المشروع على حاله مجرد سور يجهل أساسا نوع الأشغال التي تتم داخله ويمثل صورة واضحة لخرق توصيات وتعليمات الجهات المركزية، فقد كان وزير السكن السابق، النذير حميميد قد أصدر تعليمة أرسلها لمختلف مصالحه بكل ولايات الوطن، يؤكد فيها على أن لا تتجاوز الأسوار المحيطة بالمساكن المتر والنصف. وقد قام نفس المقاول بتسييج قطعة أخرى وهي ملك للدولة وتمت إزالة السياج بعد أن تناولت "الفجر" القضية، من جانب آخر تم توزيع أراض أخرى على عدد من الأشخاص قصد الاستثمار في الميدان العقاري، إلا أن هذه المشاريع لم تتحرك ولم يقم أصحاب هذه الأراضي إلا بتسييجها وتركها، وهذا ما يدل عليه الواقع بمدينة الجلفة وبالضبط بالقرب من حي الحدائق، حيث استفاد بعض الأشخاص من قطع أراض لتنفيذ مشاريع ، حسب دفاتر الشروط والوثائق الإدارية التي على أساسها تم منح هذه الأراضي. ورغم دفاع والي الولاية، في لقاء رسمي عن إحدى المستفيدات، بأنها ستكون في مستوى وعودها والتزاماتها، إلا أن المشاريع لازالت هي الأخرى مجرد مساحات تم تسييجها في انتظار اتخاذ القرارات التي ينص عليها القانون في مثل هذه الحالات. مصنع الجرارات قضية نصب واحتيال و"أسيك" المصرية في انتظار تأكيد وعودها مصنع الجرارات بعين وسارة، التي تبعد ب 100 كلم شمال الجلفة، من بين المشاريع الاستثمارية التي أحدثت ضجة وسط الرأي العام المحلي بولاية الجلفة. مشروع المصنع الذي راهن عليه والي الولاية على أنه سيكون صرحا صناعيا ضخما وأنه سيوفر عمالة تصل إلى 2000 منصب شغل، بالإضافة إلى تحريك نشاط الولاية وكبر الحلم لدى مواطني الجلفة بعد أن زار المشروع السفير الصيني بالجزائر رفقة والي الجلفة، ليصل الأمر في الأخير إلى عملية نصب واحتيال تم على إثرها متابعة المستثمر في عدد من محاكم الوطن بتهم مختلفة، بينها تحصيل مبالغ من عند مواطنين أرادوا شراء معدات وجرارات وقدموا أقساطا، إلا أن كل الحبر الذي سال والحديث الذي تداولته مختلف الأماكن لم يكن إلا وهما، فحتى الشراكة الصينية لم يكن لها أي وجود في الملف عدا ورقة واحدة منسوخة حملت حروفا باللغة الصينية في أعلاها وهذا الموضوع كانت "الفجر" سباقة إلى نشره. وإضافة إلى المشاريع والاستثمارات الوهمية التي تم الضحك بها على ذقون مواطني هذه الولاية وبلدياتها، ففي حي رحال ببلدية حاسي بحبح تم بناء مصنع للسيراميك لأحد الخواص استفاد من قروض إلا أن المصنع لم يكن إلا محلا لبيع السيراميك الذي جلبه صاحبه من أحد المصانع لإعادة تسويقه بالجلفة، بعد أن تم تحويل أغلب معدات المصنع وآلاته إلى العاصمة وبيعها، وذكرت بعض المصادر، أن حجم قروض هذا المصنع وصلت إلى 10 ملايير سنتيم. من جانب آخر، وقعت شركة "أسيك-الجزائر" المصرية في 13 جانفي 2006 عقدا بقيمة 550 مليون دولار لإنشاء مصنع جديد للإسمنت في ولاية الجلفة، حسب تصريحات أحمد خليفة، رئيس مجلس إدارة شركة "أسيك الجزائر للإسمنت"، المملوكة لمجموعة "أسيك للإسمنت" القابضة المصرية في لقاء تم بمقر ولاية الجلفة وكان إعلان الإستثمار بمثابة البشرى التي فتحت أمام مواطني هذه الولاية آفاقا كبيرة من جانب توفير مناصب الشغل للتخفيف من البطالة التي تعرفها الولاية، إضافة إلى أن المصنع سيكون مكسبا يرفع الولاية إلى مصاف بعض الولايات المنتجة، خصوصا أنه سيوفر ألفي فرصة عمل أثناء إقامة المصنع التي تقترب من ثلاث سنوات و1500 من فرصة عمل عند بدء الإنتاج تتضمن 600 فرصة عمالة مباشرة. إلا أن والي الولاية وبعد عامين من إمضاء العقد وخلال لقائه بالأميار بعد استكمالهم لفترة التكوين التي أشرفت عليها وزارة الداخلية، أبدى تخوفه من هذا المشروع وقال: "إنه يسير بطريقة بطيئة جدا ولازال بعيدا عما كنا نطمح إليه". وحسب العارفين، فإن وعود المستثمر بأن الإنتاج سيبدأ عام 2010. التي لا يفصلنا عنها إلا 14 شهرا تبدو غريبة حسب الوضعية التي رأينا فيها أرضية المشروع التي لا تتجاوز نسبة الأشغال به 20 بالمائة. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة "أسيك" أكدت في أكثر من تصريح وبيان لمختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، أن المشروع يعتبر من بين الإستثمارات الكبرى وسيساهم في تحريك نشاط البناء وتنفيذ مشاريع الدولة في مختلف البرامج، خصوصا برنامج الرئيس، حسبما أكده المدير التجاري ل "أسيك" ل"الفجر" في وقت سابق ويبقى مواطنو الجلفة في انتظار إنجاز المصنع. نهب الأراضي يكلف الدولة مئات الملايير من التعويضات ملف العقار والاستثمار أكثر الملفات والقضايا التي أصبحت حديث العام والخاص بولاية الجلفة، خصوصا بعد الأزمة التي وقعت فيها السلطات الولائية لفشلها في إيجاد أراض ومساحات لتنفيذ المشاريع المختلفة كالهياكل المدرسية والمراكز الصحية ومكاتب البريد التي تبقى أهم المرافق التي يجب أن تكون قريبة من المواطن ووسط الأحياء تنفيذا لسياسة الدولة في العمل الجواري والاقتراب من المواطن وهذا ما يجعلها تصطدم بالابتعاد عن طموح السلطات المركزية ويضطرها إلى تنفيذ المشاريع القادمة بعيدا وعلى أطراف المدن، خصوصا الكبرى كالجلفة، مسعد، عين وسارة، حاسي بحبح أو عن طريق شراء الأملاك والأراضي وهذا ما يلزم الدولة دفع تعويضات بالملايير، كما يؤثر على الخزينة العمومية وفي حظ الولاية من الإستفادة من مشاريع جوارية. ورغم التعليمة التي أصدرها والي الولاية بخصوص توسيع المخطط العمراني إلى 3 كلم، التي لازال يجهل تفاصيل مخلفاتها، فأغلب المدن توجد بها أراض فلاحية وأصحابها يملكون عقودا رسمية في إطار الإستصلاح ويمارسون نشاطهم بها وهذا ما سيطرح أمام السلطات الكثير من المشاكل، خصوصا ما تعلق بالبيئة، علما أن الكل يمتهن تربية الماشية. وقد حاولنا الاتصال بوالي الولاية قصد طرح هذه الانشغالات والوصول إلى الإجراءات أو القرارات التي تم اتخاذها، إلا أننا في كل مرة نتلقى ردا بالاعتذار لالتزامات الوالي ومهامه الكثيرة.