الاجتهاد مطلوب للأفراد وللدول والحكومات. والاجتهاد مطلوب شرعا في كل أمور الدين والدنيا للمسلمين. والسؤال المطروح علينا اليوم هو: هل الحكومات المتعاقبة على البلد اجتهدت بما فيه الكفاية لإيجاد الحلول المناسبة لأزمات البلاد الكثيرة ولمعالجة كل الآثار التي ترتبت عنها؟ هل اجتهادات السلطة كانت صائبة وفي محلها؟ هل كانت فعلا اجتهادا مني بالفشل أم كانت عملا استهدف استدامة الوضع القائم؟ السلطة تقول أنها اجتهدت ونجحت، والذين يعارضونها يرون أنها لم تجتهد في البحث عن الحل، بل عملت على تقويض كل فرص الاجتهاد في إيجاد الحلول، ويرى البعض الآخر أن السلطة اجتهدت ولكنها فشلت وكانت كل خياراتها غير متناسبة مع مستلزمات معطيات الواقع. ومهما كانت اجتهادات المجتهدين، فإن الواقع يقول إن الناس تئن تحت وطأة الفقر والحرمان وتحت وطأة عنف كل الظروف، من الماء إلى الصحة إلى السكن .. إلى العنف وغيرها كثير. الجهاد، كلمة من كلمات حروف الاجتهاد، وهي مفهوم شرعي ديني، لكن الجهاد بهذا المعنى يعني جهاد النفس كما يعني الكفاح بالسلاح من أجل نصرة الدين أو رفع المظالم على المسلمين. لكن هذا المفهوم عندما يدخل اليوم مجال الاستخدام السياسي من قبل المجتهدين من منظري التيارات الإسلامية، يأخذ أبعادا كثيرة أخرى قابلة للنقاش وقابلة للاجتهاد حينا ومرفوضة قطعا حينا آخر. أما كلمة جهل فهي تقول فيما تقوله أن شروط الاجتهاد العلم والتفقه في شؤون الدين والشرع كما في غيره، ولا اجتهاد مع الجهل، لا في الدين ولا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في أي مجال آخر. وكلنا يذكر ما كان يردده بعض مسؤولينا: مكانش واحد يعطينا دروس في الاشتراكية ومكانش واحد يعطينا دروس في الإسلام واليوم مكانش واحد يعطينا دروس في الديمقراطية، وهذا يسمى الجهل المركب. وتجعلنا كلمة الجد نقول بكل جدية أن الديمقراطية تعني فتح باب الاجتهاد على مصراعيه أمام كل الآراء الجادة وأمام كل مكونات الذكاء المتوفر في المجتمع، من دون استثناء..