دعا المشاركون، خلال الملتقى الدولي الخامس حول "تصوف ثقافة و موسيقى" المختتم نهاية الأسبوع، بدار الثقافة مولود معمري بولاية تيزي وزو تحت شعار "الفتوة الروحية في الطريقة الرحمانية"، إلى ضرورة الاعتماد على النظرة التصوفية للأشياء والسلوكات لإصلاح واقع وأحوال المجتمعات العربية والاسلامية .. قال رئيس هيئة التنسيق العلمي الدكتور زعيم خنشلاوي في كلمته، إن هذه الفعاليات الخاصة بموضوع التصوف تدخل في إطار تجسيد سياسة وزارة الثقافة من أجل الحفاظ على التراث غير المادي للبلاد بالاعتماد على أبرز العلماء الصوفين، لاسيما الذين تشتهر بهم منطقة القبائل التي تحصي لوحدها أزيد من100 متصوف، يستوجب التعريف بهم بجمع وأرشفة سيرهم مع ضرورة إعطاء الاولوية لتلك المواضيع التي تتيح استقصاء أدق لإشكالياتنا التي تختزل في تساؤل جوهري حول الفتوة الروحية وتطبيقاتها على النموذج الجزائري وبشكل أدق على منطقة القبائل، دون إهمال باقي مناطق الوطن عبر عمليات حفرية لاستظهار حقائق الملحمة الرحمانية، وكذا التركيز على وقع التحاق المريد بهذه المثالية الروحية على المجتمع كما على الوطن في الحاضر والماضي.. كما دعت أغلب المداخلات التي بلغ عددها 44 مداخلة إلى ضرورة نبذ مظاهر الأنانية والذاتية والهوس التطرفي، مع وجوب تهذيب الذوق بالنظرة الجمالية للحياة . ومن أبرز المداخلات التي لقيت تجاوبا واهتماما كبيرين من طرف الحضور، تلك التي قدمتها الدكتورة بثينة الجلاصي من كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة القيروان بتونس حول موضوع الأبعاد الانثروبولوجية في تجربة الفتوة الروحية عند الأولياء الصالحين في منطقة القبائل التي اعتبرتها وجها من وجوه الترقي النفسي عند التصوف عامة وعند الاولياء الصالحين على وجه أدق، مؤكدة أن هذه الطريقة تخفي في طياتها تعبيرا عن قيم إنسانية سامية والتي تكشف من ناحية انثروبولوجية عن حنين الولي الصالح إلى استعادة زمن مفقود ومنشود و ذلك في فترة حرجة من تاريخ الجزائر في منطقة القبائل. كما لقيت مداخلة الدكتور محمد علي الجندي من كلية دار العلوم بجامعة المنيا بمصر حول موضوع الولاية الصوفية رؤية تحليلية اهتمام كبيرا، وهو الذي كان قد حدد علاقة الريد بالشيخ وواجبات المريد نحو شيخه و الشيخ نحو مريده، وكذا بيان كيفية الدخول في الفرقة مع تحديد واضح لطبقات المجتمع الصوفي، كما تعرض إلى نقض النظريات المعروفة في الولاية من حيث تحديد معناها اللغوي والاصطلاحي أولا ثم الأدلة الشرعية التي تحدد مكانة الولي لدى الصوفية مع استعراض محدود لطباق الولي والقطب، كما عرض صورة هذا الاخير (القطب) عند الصوفية ممثلة في الحقيقة المجمدية عند الشيخ محي الدين بني عربي، وكذلك نظرة الانسان الكامل عند الشيخ عبد القادر الجيلاني. ما حذر المتدخلون خلال الملتقى الدولي الخامس "تصوف ثقافة موسيقى" من خطورة الترويج لبعض الفتاوى التي تحدث ضجة كبيرة.