من المرتقب أن تشرع الجزائر، بداية من 2016، في التعامل بالعملة الصينية "اليوان" لتسوية عمليات الاستيراد للسلع والخدمات، وقد شرع بنك الجزائر في تنظيم لقاءات عمل تجمع مسؤولي الخزينة والبنوك لشرح الإجراء وخلفياته، وتكمن أهمية التدابير التي سيشرع في تنفيذها مع بداية سنة 2016 في تقليص التعامل بالدولار والأورو، وتخفيض تكلفة عمليات الاستيراد من الصين التي تجاوزت سقف 10 ملايير دولار. وجه بنك الجزائر مراسلة للبنوك العمومية والخاصة المعتمدة تحت رقم 212/2015، بتاريخ 18 نوفمبر الجاري، أكد من خلالها على تسوية عمليات الاستيراد من الصين باليوان أو"رينمينبي". وأشارت المذكرة أن "استخدام العملة الصينية "رينمينبي" في التعاملات الدولية ما فتأت تعرف نموا، حيث ارتقت في أوت 2015 إلى مصف المرتبة الرابعة على المستوى العالمي". واعتبرت المراسلة أن "البنى التحتية التي أقامها البنك الشعبي الصيني وإجراءات الانفتاح والتحرير المعتمدة، سمحت بتدويل العملة الصينية وتحويلها إلى عملة احتياط". وأوضحت المراسلة أن "الصين أضحت أهم شريك تجاري للجزائر وأنه لا يستساغ أن تتم تسوية الواردات الآتية من الصين بعملة أخرى غير العملة الخاصة بهذا البلد، وأنه من شأن مثل هذا الإجراء أن يلغي كل عمولات لتغطية مخاطر الصرف في حالة التسوية بعملة أخرى"، علما أن الجزائر تتعامل أساسا بالدولار الأمريكي أو الأورو لكون الاتحاد الأوروبي أهم شريك في عمليات الاستيراد. وأوصى البنك المركزي البنوك التجارية بالتحضير للتدابير الجديدة، من خلال فتح حسابات لتغطية بالعملة الصينية "أوفشور" بهونغ كونغ وإعلام علاقاتهم المحلية لتحرير الفواتير الخاصة بالاستيراد الآتية من الصين بالعملة الصينية، وتمت الإشارة إلى إمكانية الشروع في أول العمليات في ديسمبر وتعميمها في بداية سنة 2016. وتكمن أهمية الإجراء في الحجم المعتبر للمبادلات التجارية بين الصينوالجزائر، حيث تعد بكين أهم مصدر باتجاه الجزائر بحوالي 10 ملايير دولار، وقد تفوقت الصين على فرنسا في هذا المجال، كما أنها تسمح بتدعيم موقع الصين الذي يتحول تدريجيا أيضا إلى أحد أهم الشركاء والمستثمرين في الجزائر، فالصين أيضا تعتمد على آليات جديدة مثل قروض "الممون" التي تضمن الاستعانة بالشركات الصينية في إنجاز مشاريع تمولها الصين في الجزائر. وقد أشار محافظ بنك الجزائر الأسبق، السيد بدر الدين نويوة، ل«الخبر"، أن "مثل هذا الإجراء يمكن أن يكون له انعكاس إيجابي، فالصين تقوم بترقية وتدعيم عملتها التي يتم تداولها في آسيا"، مضيفا أن "العملة الصينية أضحت مرجعية وأن عمليات الاستيراد تشمل السلع والخدمات، ومن مصلحة الجزائر أن تفوتر وتسدد وارداتها من الصين بالعملة الصينية بدلا عن الدولار الأمريكي، حيث يتم اقتطاع تكاليف الصرف المطبقة من البنوك الوسيطة الأجنبية، فالجزائر حينما تتعامل مع الصين تمر عبر بنوك وسيطة في أوروبا بالخصوص، لعدم وجود ما يعرف بمراسلي البنوك أو المتعاملين المصرفيين المباشرين، وتستفيد البنوك الوسيطة من عمولات وتكاليف إضافية في عمليات الاستيراد". واستطرد محافظ بنك الجزائر أن الجزائر ستشكل أيضا جزءا من احتياطي الصرف ب«اليوان" الصيني لضمان تغطية الواردات، وهو ما من شأنه أن ينوع أيضا مواردها. في نفس السياق، أشار مصدر مالي ل«الخبر" أن التدابير المعتمدة يمكن أن تكسب بعدا سياسيا لأهميتها، لأن تقليص وضع الدولار المهيمن يكتسي أهمية بالغة، مضيفا أن اليوان أضحى عملة "مقاصة" ومرجعية أيضا، وأن هنالك قرارات اتخذت في السابق من العراق وليبيا وإيران لتقليص التعامل التجاري بالدولار.