سيجد المواطن نفسه مجددا السنة المقبلة أمام أعباء إضافية، دون أن تقدّم الحكومة بدائل لتخفيف معاناته مع فوضى النقل والحركة المرورية، حيث ستلجأ مجددا للحلول السهلة والجاهزة، المتمثلة في رفع الأسعار. كشفت تقديرات موقع "إيكو ألجيريا" الاقتصادي المتخصص، عن تركيب وبنية الأسعار الجديدة المقترحة بناء على مشروع قانون المالية 2017، حيث أدخلت الحكومة مقترحا جديدا، يضيف 3 دنانير كرسم على المنتوج البترولي في تركيبة سعر البنزين ودينار واحد للمازوت، ومن ثم، فإن التسعيرة الجديدة المرتقب اعتمادها خلال سنة 2017 ستكون 34.42 دينارا جزائريا بالنسبة للبنزين الممتاز بدلا من 31.42 دينارا. أما بالنسبة للبنزين دون رصاص، فإنه يرتقب ارتفاعه إلى 34.02 دينارا عوضا عن 31.02 دينارا حاليا، فيما يرتفع سعر اللتر الواحد من المازوت إلى 19.76 دينارا عوض 18.76 دينارا حاليا، ويكون سعر البنزين الممتاز دون رصاص قد ارتفع في ظرف سنتين ب 13.42 دينارا تقريبا مقابل 6.06 دينارا بالنسبة للمازوت. وتعمد الحكومة إلى زيادات متدجة بدل الزيادة الكاملة وفقا لحسابات فارق السعر بين القيمة الفعلية أو الحقيقية حسب التكلفة وسعر البيع أو التسويق لدى التوزيع في محطات البنزين، إذ تعتبر الحكومة أنها لا تزال بعيدة عن مستوى السعر الحقيقي. في وقت تتباين تقديرات الخبراء حول حقيقة سعر البنزين في الجزائر، ولكن أيضا السياسات المعتمدة من قبل الحكومة والتي تعتبر أن تقليص الاستهلاك للوقود يمر حتما عبر زيادات الأسعار والضغط بالتالي على المستهلك، بينما يؤكد خبراء ومختصون أن الدولة مطالبة باعتماد سياسة شاملة، تقدّم من خلالها على غرار ما هو موجود في الدول الصاعدة والصناعية، البدائل العملية التي تكفل للمستخدم تقليص استخدام استهلاك الوقود واستخدام وسائل النقل المتطورة. فمع تطوير شبكة نقل حضري محترمة ومتطورة و متوازنة، فإن ذلك من شأنها أن يخفّف العبء على حركة المرور ويضمن حركة انسيابية بدل اللجوء إلى الحلول الجاهزة، منها رفع الأسعار فحسب، لأن ذلك في غياب البدائل لن يغيّر من الواقع ومن المعادلة. فالجزائر العاصمة كعيّنة تعاني من تخلّف كبير في شبكة النقل الحضري ومن اختلال في هذه الشبكة، مع تركيز السلطات العمومية على إقامة شبكة نقل حضري في المنطقة الشرقية فحسب، وإهمال المناطق الجنوبية والغربية، مما يحدث اضطرابا واختلالا كبيرا، يضاف إلى ذلك غياب المواقف العصرية ووضعية الطرق وغياب منظومة الإشارات. على صعيد متصل، تبقى الجزائر رهينة في جزء من الاستهلاك، لا سيما بالنسبة للمازوت على الاستيراد، وبعد أن أكد مسؤولو قطاع الطاقة في 2014 بأن الجزائر لن تستورد المازوت بداية من 2015، فإذا بها تستورد كميات أهم لعدم تجسيد مشاريع عصرنة المصافي وإقامة مصانع التكرير الجديدة، حيث نمت واردات الجزائر من الوقود بنسبة 64 في المائة بمقدار 3.4 مليون طن، وبقيمة بلغت 1.8 مليار دولار، واستفادت الجزائر من تراجع الأسعار. واعترف وزير الطاقة السابق، صالح خبري، في ماي 2016 بأن الجزائر تستورد معدلا يصل 3 مليون طن من المواد البترولية، وأشار إلى توقّع بلوغ إنتاج الجزائر من هذه المواد 45 مليون طن سنويا في غضون 2024 مع دخول مركبات التكرير بحاسي مسعود وتيارت وبسكرة الخدمة، وأن الإنتاج انتقل من 24 الى 30 مليون طن، مع إعادة تأهيل مصانع تكرير ومصافي سكيكدة والعاصمة وأرزيو، ومضاعفة قدرات التخزين ب 700 ألف متر مكعب إلى مليوني متر مكعب في 2022 للرفع من مدة الاحتياطي إلى 30 يوما. وقد بلغت نسبة النمو لاستهلاك المواد البترولية وخاصة الوقود ما بين 2010 و2015 نسبة 6.6 في المائة، نتيجة ارتفاع حظيرة السيارات إلى حوالي 7 ملايين وحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كانت الحكومة واثقة من إحلال الواردات في غضون الثلاث سنوات المقبلة، لماذا تعكف على تحميل المواطن أعباء جديدة دون أن توفّر له البدائل الواقعية.