تتواجد حكومة نور الدين بدوي في عين الإعصار، منذ استلام أعضائها حقائبهم الوزارية، خاصّة بعد أن حقق الحراك الشعبي أولى مطالبه، وهي استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وانتقل للمطالبة بإسقاط الحكومة. ودفعت هذه الوضعية أغلب الوزراء إلى تفادي برمجة نشاطات تضعهم وجها لوجه مع المواطنين، إما عبر المكوث في مكاتبهم "المحصنة"، أو تنظيم ندوات صحافية "محميّة". منذ أكثر من أسبوع من تعيينهم على رأس قطاعاتهم الوزارية، أي منذ تاريخ ال31 مارس الماضي، سجلت خرجات جد محتشمة لوزراء حكومة بدوي الجديدة. بتاريخ 4 أفريل الماضي، سجلت أوّل خرجة لوزراء حكومة بدوي، حيث نظم وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي اجتماعا بإطارات القطاع بدار الإمام بالعاصمة. ورغم أنّ الاجتماع لم يكن مفتوحا للجمهور العريض، لكن ميّزه الانتقاد الذي لاقاه المسؤول من طرف إمام مسجد الجزائر، علي عية، الذي انتفض وقطع الاجتماع قائلا إنّ الحكومة خرجت من رحم العصابة، وإن الوزير الجديد تم تنصيبه "بالزّرنة والطبل". وفي اليوم نفسه، اكتفى كل من وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات محمد ميراوي، ووزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري شريف عماري، بعقد اجتماعين مع إطارات قطاعيهما بمقر وزارتيهما بالعاصمة، وتواصلت الاجتماعات داخل الوزارات إلى غاية أول أمس الأحد. ففيما اختار وزير الصحة تنشيط ندوة صحافية فقط، قرر وزير الأشغال العمومية والنقل مصطفى كورابة، مرفقا بوالي العاصمة عبد القادر زوخ، الوقوف على آخر عملية لحفر النفق الخاص بتمديد خط مترو الجزائر من محطة عين النعجة إلى محطة براقي، في أوّل اختبار حقيقي لحكومة بدوي في مواجهة الشّارع، التي انتهت باعتراض شباب من حي عين النعجة على النشاط، ما أدى بمصالح الوزارة إلى تأجيل النشاط بعد أكثر من ساعتين من الانتظار بموقع الورشة، خاصّة بعد أن سبق تنقل الوزير، قرارات وصفها بعض السكان، ب "القطرة التي أفاضت الكأس"، على غرار منع التجار من مزاولة نشاطهم في السوق المقابل للورشة، ومطالبة السكان بتغيير مكان ركن سياراتهم. ويأتي هذا، كون الحكومة الجديدة وصفت من طرف الكثيرين بأنها "ولدت ميتة" لعدّة اعتبارات، من بينها وضع الشارع الجزائري الذي قرّر منذ تاريخ 22 فيفري الماضي الانتفاض ضد العهدة الخامسة، وتبعها انتفاض ضدّ كل وجوه النظام القائم، بمن فيهم نور الدين بدوي، وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق، الذي لم يسلم من "غضب الشارع" ومناداته له بالرحيل، على غرار كل وزراء حكومة أويحيى، ورجال المال والسياسة الذين ارتبطت أسماؤهم عند الشارع الجزائري (على الأقل)، بالفساد المستشري خلال العشرين سنة الماضية. وعليه، فإنّ حكومة نور الدين بدوي لاقت الرفض حتى قبل الإعلان عن أسمائها، وهو ما يدل عليه رفض أغلب النقابات المستقلة في مختلف القطاعات اللقاءات التشاورية التي كان الوزير الأول، رفقة نائبه رمطان لعمامرة، قد أعلن عن انطلاقها. وزاد من غضب الشارع، أن الوزراء المعلن عنهم ليسوا إلاّ مديرين مركزيين أو أمناء عامين، لدى وزراء حكومة أحمد أويحيى، إضافة إلى الاحتفاظ بأسماء قديمة، أبرزهم وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال إيمان هدى فرعون.