أبرز المدير العام للمكتبة الوطنية عز الدين ميهوبي بأن المكتبة مؤسسة ثقافية عميقة لأنها تهتم بأعز ما في الأمة و ما في البلد فهي تختزن الموروث الثقافي و الفكري والأدبي و كل المنتوج الإبداعي الذي يقدمه أبناء الوطن. وأشار عز الدين ميهوبي الذي نزل اليوم ضيفا على القناة الإذاعية الأولى إلى أن المكتبة الوطنية تحتوي رصيدا كبيرا يمتد لسنوات طويلة وهذا من خلال المخطوطات الموجودة بها و هو ما يعطي لهذه المؤسسة بعدا للسيادة الثقافية في البلد. وقال ضيف الأولى إن كل المكتبات في العالم لها دور فعال يتمثل في الحفظ و العناية بالكتاب باعتباره أصل المعرفة ، و المكتبة الوطنية بالجزائر بجناحيها مؤهلة بمخزونها لأن تعد واحدة من أهم المكتبات في العالم وهي بحاجة إلى إعادة تنظيم رصيدها لتسهيل الإطلاع عليه. واستطرد المدير العام للمكتبة الوطنية مذكرا بما حدث عشية استرجاع الاستقلال الوطني وما قام به بقايا الإستدمار تجاه المكتبة الجامعية من حرق للمكتبة التي كانت تتوفر على ما يفوق 400 ألف كتاب ، "فخسارة الكتاب لا يمكن أن تعوض و لذا نحرص على أن تنال المكتبة الوطنية حظها من الاهتمام اللازم سواء من الجمهور أو من مختلف مؤسسات الدولة". و رادا عن سؤال حول مجموعة التدابير التي اتخذت لإصلاح هذه المنظومة الفكرية و الثقافية و ذلك بإعادة توجيه المكتبة الوطنية إلى مهامها الأساسية أكد ضيف الأولى بأن المؤسسة تسير بأطر قانونية واضحة "و بالتالي فنحن نسعى لترجمة القوانين في العمل اليومي من خلال الاهتمام بالكتاب من حيث الحفظ و ما تتوفر عليه التكنولوجيا بتحويل محتويات الورق إلى مكتبة افتراضية أي مرقمنة مثل ما تعمل به المكتبات العالمية لتسهيل البحث للمهتمين بمجال الكتاب". من جهة أخرى كشف عز الدين ميهوبي أن برنامج عمله بالمكتبة الوطنية يتمثل في خطوتين، الأولى جرد ما تتوفر عليه المكتبة و ذلك بترقيم الرصيد والذي سيأخذ وقتا طويلا و الخطوة الثانية هي الرقمنة. وفي ذات السياق أوضح أن مصلحة الإيداع القانوني من أهم المجالات التي تشتغل عليها المكتبة إذ تمثل الجسر الرابط بين المؤلف و المكتبة الوطنية حتى تتسم العلاقة بالشفافية في تقديم المعلومات الصحيحة و لا يقع الخطأ، كما أشار إلى أنه لا يتم تشجيع الثقافة الوهمية فالواجب أن تكون لدينا كل المعلومات دقيقة وخالية من أي تلاعب و هذا العمل يساعد على تقديم تقرير سنوي على حالة النشر في الجزائر و أرقام الإيداع القانوني تساعد على إنشاء بنك للمعلومات لدى المكتبة الوطنية. و عن حماية الأرشيف الذي يندثر يوميا بفعل التلف مادام كثير منه متواجدا في خزائن العائلات و الزوايا و كذا المساجد، كشف المدير العام للمكتبة الوطنية أن كثيرا من الجهات تتصل بالإدارة لعرض ما تتوفر عليه -سواء على شكل هدية أو أحيانا بغرض بيعه - و المكتبة الوطنية لها مصلحة مختصة ذات خبرة في المجال حيث تدرس العروض، كما أن هناك آليات قانونية للحصول على مثل هذه المخطوطات و" لنا عمل أولي يتمثل في جرد المخطوطات مع موافقة مختلف المالكين لها و ذلك بتصويرها لأنها ليست ملكا لهم لوحدهم بل هي ملك للأمة كلها". وبين ضيف الأولى أن دور المكتبة الوطنية هو الحصول على إمكانات تقنية تؤهل عملية الانتقال إلى المواقع التي تتوفر على المخطوطات و ذلك بأخذ نسخ منها و هذه الأخيرة توضع في المكتبة بين أيدي الباحثين المهتمين "لأننا بحاجة إلى إعادة تحريك تراثنا و ثقافتنا حتى نبرز مساهمتنا الإيجابية في المشترك الإنساني خاصة و نحن على مقربة من انطلاق فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية فهي فرصة لتحسيس المالكين لمثل هذه الوثائق لكي يبدوا نيتهم الطيبة تجاه حضارتهم في تقديم هذه المخطوطات حتى تستفيد منها الأمة والعالم أجمع". من جانب آخر شكر عز الدين ميهوبي وزارة التربية لإدراجها مادة المطالعة في المقرر الدراسي لحث التلاميذ على تقديم ملخصات للكتب المطالعة ، و رأى أنها فكرة جيدة لربط العلاقة بين الطفل الجزائري و الكتاب حتى ينمى فيه حب الإطلاع و الفضول العلمي ، و تأسف في المقابل لانعدام ثقافة المطالعة في الفضاءات المفتوحة مستشهدا بتقريرالتنمية البشرية لعام 2003 الخاص بالبلدان العربية وقراءة الجزائري لكتاب واحد في السنة. و أرجع ميهوبي الظاهرة في الجزائرإلى أننا نقرأ في الفضاءات المغلقة كالمكتبات و البيت و "لا نقرأ في وسائل المواصلات أو في المحطات أو في المقاهي كما هو جار في بعض البلدان في العالم أي أن الكتاب حاضر دائما بالنسبة لهم فهذه الثقافة نأمل أن تتكرس في الجزائر مستقبلا". وأشار إلى أن المكتبة الوطنية شريك في هذا المجال و ذلك بالاقتراب من المؤسسات التربوية و بمشاركة وسائل الإعلام ، و للتلفزيون دور فعال في التعريف بالكتاب و المؤلف الجزائري حتى يطلع الجمهور على الإصدارات الجديدة و نفس الشيء بالنسبة للإذاعة الوطنية و محطاتها الجهوية المتعددة ، فالمؤلف بحاجة إلى الالتفات إليه و على الناشر التحلي بثقافة ترويج الكتاب و التعريف به لا يصنع الكتاب و يضعه في المكتبة فقط.