شكل موضوع " واقع ومستقبل الصحافة الجزائرية" محور السهرة الرمضانية التي احتضنتها مكتبة " سقراط نيوز" بالعاصمة ليلة أمس الأول ونشطها ناشرو أبرز الصحف اليومية في الجزائر، بحضور إعلاميين من الجيل القديم والجديد ومن القطاعين " العام والخاص". الندوة التي استمرت إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس الأول، تدخل في إطار سهرات " ألف ليلة وليلة" التي يشرف عليها الإعلامي والكاتب احميدة عياشي، وتبحث في واقع وآفاق الصحافة الجزائرية بعد 19 سنة من ميلاد الصحافة المستقلة، عبر حلقات مفتوحة، سعيا وراء التأسيس لتنظيم إعلامي يخدم المهنة الصحافية كما يرى الإعلامي عمر بلهوشات "مدير يومية الوطن" الذي لم يخف تشاؤمه من حصيلة ال 19 سنة ووصفها بالسلبية، مقارنة بالإطار التشريعي الذي يحكم المهنة، أو " التحرش التشريعي" كما وصفه أمام ضيق المساحة الخاصة بحرية التعبير، وفي وقت – يقول بلهوشات- ما يزال الإعلام الثقيل تحت قبضة الدولة، فيما يقلل مدير نشر الشروق اليومي علي فضيل من حدة التشاؤم الذي أبداه بلهوشات، انطلاقا من قناعته بتحقيق بعض النتائج الإيجابية خلال عقدي التأسيس، لكنه في الوقت ذاته يتفق مع بلهوشات في الرأي القاضي بأن " 76 يومية لا تخلق سلطة رابعة في الجزائر." وبتعبير آخر، يقول علي فضيل إن الحقل الإعلامي مثل الحقل السياسي، مازالا مغلقين، ولأن الصحافة تعكس دائما الوجه السياسي للبلاد، فإن الصحفي الجزائري – حسب فضيل- يعاني شح الأخبار، وهو العامل الذي يدفع بالكثير من العناوين الصحفية إلى تفضيل الطابع الإثاري لتسويق منتوجها. هذا الطابع الإيثاري، عرفه الصحفي المخضرم سعد بوعقبه في مداخلته بالهيمنة التجارية التي قبرت المهنة، وقال عموما هناك نوعان من الصحافة في الجزائر بالنسبة للصحافة المعربة، " صحافة حك تربح"، و" صحافة كح ومر"، مضيفا أن الأسرة الإعلامية في الجزائر عجزت عن التأسيس لمهنة صحفية تواكب واقع المجتمع، وهو السبب المباشر الذي جعلها بعيدة تماما عن التأثير في الرأي العام، عكس ما كان عليه الأمر في عهد صحافة الحزب الواحد. وبشيء من التوضيح، يقول بوعقبة في عهد الحزب الواحد كنا نكتب لنغير وننتقد لنصحح، أما اليوم " نكتب لننشر فقط." من جهتها مديرة يومية الفجر الإعلامية حدة حزام، طالبت بتأسيس مجلس اخلاقيات المهنة للحد من الفضائح التي تعنى بها كثير من الصحف وتدخل في طابو الجنس، في وقت – تضيف حزام- نفتقر إلى صحافة التحقيقات التي تواكب هموم المجتمع، وخلصت إلى التأكيد على أن الصحافة الناطقة بالعربية هي اليوم في تدهور ملحوظ، عكس الصحافة الناطقة بالفرنسية التي ما تزال تحافظ على بعض المهنية، وهو الرأي الذي تخالفه الإعلامية عباس نعمة مديرة يومية آفاق الناطقة بالفرنسية، حيث ترى أن الصحافة الفرنكفونية هي اليوم في تدهور وتراجع بسبب قلة المقروئية. ومهما اختلفت الآراء وتباعدت، فإن ندوة من هذا النوع، تعد في حد ذاتها بادرة حضارية من شأنها أن تؤسس لنقاش ظلت المهنة تفتقر إليه.