يكثف المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، تحركاته على طريق إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، حيث يلتقي مسؤولين سوريين قبل أيام من انتهاء مهمته رسميا عقب استقالته المرتقبة نهاية نوفمبر القادم، ليترك على عاتق من سيخلفه عبئ كسر جمود المفاوضات السورية والخروج بدستور جديد يتوافق مع مرحلة ما بعد الأزمة. ووصل دي ميستورا إلى دمشق لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين حول إنشاء لجنة دستورية ستكلف بصياغة دستور ما بعد الحرب، والذي يعول عليه لتذليل العقبات السياسية التي تحول دون إيجاد مخرد للأزمة التي طال أمدها. وتعد هذه الخطوات الأخيرة لدي ميستورا في إطار مهمته كمبعوث أممي، بعدما أعلن أنه سيستقيل نهاية نوفمبر القادم لأسباب شخصية، بينما أرجع متتبعون للوضع في سوريا سبب استقالته لكونه وصل إلى طريق مسدود وعجز عن تحقيق هدفه بالخروج بحل سياسي يرضي الجميع. وبمجرد إعلان استقالته في 17 أكتوبر الجاري، بعد مرور أربع سنوات على توليه منصبه، تداولت أسماء أربع شخصيات لخلافته: وهم الدبلوماسي النرويجي المخضرم جير بيدرسون، ومبعوث السلام إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، ووزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة، ومسؤول الأممالمتحدة الأعلى في العراق يان كوبيش. وكان الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، قد عين الدبلوماسي الإيطالي ستيفان دي ميستورا، مبعوثا خاصا إلى سوريا في شهر جويلية 2014، خلفا للدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي، الذي استقال من منصبه في ماي 2014، والذي عين بعد الدبلوماسي الراحل كوفي عنان. وعمل دي ميستورا في الأممالمتحدة لأكثر من ثلاثة عقود ويتمتع بخبرة كبيرة في العمل داخل مناطق النزاع، كما ترأس في السابق بعثات للأمم المتحدة في العراق بين عامي 2007 و2009 وفي أفغانستان بين عامي 2010 و2011، وشغل أيضا مناصب تابعة للأمم المتحدة في الصومال والسودان والبلقان، وعمل نائبا لمدير برنامج الغذاء الدولي التابع للأمم المتحدة بين عامي 2009 و2010. وبحسب متتبعين للأزمة السورية، فإن استقالة دي ميستورا جاءت في وقت جد حساس بالنظر إلى الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري، واقتراب سيطرته الكاملة على ترابه والقضاء على التنظيمات المسلحة والإرهابية بدعم سياسي وعسكري روسي. ويحسب لدى ميستورا نجاحه في عقد جولات مفاوضات بين الحكومة والمعارضة، إلا أن قراره بالاستقالة يراه البعض دليلا على أنه ما يزال أمام جهود التسوية السياسية في سوريا طريق طويل، بينما يؤكد البعض الآخر على كون الحل بيد السوريين وحدهم، خصوصا بعد أن استطاعت الدول الضامنة لمسار استانا تحقيق انجازات كبيرة لوقف الحرب في عدة مناطق من سوريا. وتجري مشاورات لاختيار خليفة لدي ميستورا من قائمة تضم أربعة مرشحين، بحسب الأخبار المتداولة، إلا أن الأكيد بأن المبعوث القادم سيكون أمامه مهام صعبة أبرزها كسر جمود المفاوضات السورية والخروج بدستور جديد يتوافق مع مرحلة ما بعد الأزمة. وكان المندوب السوري في مجلس الأمن بشار الجعفري، قد أكد أن الحكومة السورية لا تعترف بأي خارطة طريق لا تشارك فيها، واعتبر أن مسار سوتشي هو الاتفاق الوحيد الذي أنجز شيئا مهما لأن الحكومة السورية كانت جزءا منه، مؤكدا بأن سوريا ليست تحت وصاية أحد على الاطلاق. ويرى محللون أن الانتصارات التي حققها الجيش السوري في الميدان، خول للحكومة أن تطرح أو تدير أي مبادرة او خطة للحل السياسي في وسوريا، وجعلها في موقف قوة. وفي ظل كل التطورات الحاصلة والتدخلات الاقليمية والدولية في الشأن السوري، تولي الحكومة السورية الاولوية لاستعادة السيطرة على كامل ترابها، والاستثمار في العامل البشري لإعادة بناء ما أفسدته الأزمة، ولعل قرار إعادة المهاجرين والنازحين إلى مناطقهم الآمنة أولى الخطوات في هذا الطريق. وهذا ما عبر عنه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين السوري، وليد المعلم، عندما قال إن دمشق تعمل على تحسين الوضع الإنساني وتلبية الاحتياجات الأساسية الإنسانية والمعيشية للمواطنين السوريين المتضررين من الأزمة للتخفيف من الأوضاع الصعبة التي يعانيها السوريون وخاصة مع تحسن الظروف الأمنية وبدء عودة اللاجئين والنازحين بعد الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري على الإرهاب وداعميه في العديد من المناطق على الأرض السورية. وأكد أن الحكومة السورية تولي أهمية قصوى لعودة هؤلاء اللاجئين والنازحين، وهي تبذل جهودا كبيرة لتأمين سبل الحياة الكريمة لهم.