أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن الاتفاق بين لندنوبروكسل حول شروط خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي مهدد بسبب مخاوف النواب البريطانيين بشأن حدود المملكة مع إيرلندا. وفي رسالة إلى قادة الاتحاد الأوروبي، نشرها ديوان رئيسة الحكومة البريطانية، امس، قالت ماي: إن الاتفاق مهدد بمخاوف لدى البرلمان بشأن تنفيذنا التزاماتنا فيما يتعلق بالحدود بين إيرلندا الشمالية (جزء من المملكة المتحدة) وجمهورية إيرلندا . ووفقا للصفقة بشأن مغادرة لندن الاتحاد الأوروبي (بريكسيت)، فإن إيرلندا الشمالية ستبقى ضمن السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي طوال الفترة الانتقالية، دون أن تفقد بضائعها حرية الوصول إلى السوق البريطانية. ويرى معارضو هذه الفكرة أن ذلك سيقود إلى المساس بوحدة الدولة البريطانية. وكان المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية نشرا، امس، رسالة إلى ماي تضم توضيحات بشأن الاتفاق حول بريكسيت، وذلك قبل تصويت النواب البريطانيين على هذه الوثيقة المزمع إجراؤه اليوم الثلاثاء. ولم تتضمن الرسالة الموقعة من قبل كل من رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان-كلود يونكر، أي ضمانات قانونية للندن، بل قدمت توضيحا موسعا لموقف بروكسل إزاء أبرز مشكلة عالقة بين الطرفين، وهي مراقبة الحدود بين إيرلندا الشمالية وإيرلندا بعد بريكسيت. مع ذلك، فقد أكدت ماي للصحفيين، امس، أن بروكسل قدمت لها توضيحات وافية بشأن شروط الاتفاق حول بريكسيت وكذلك ضمانات لتنفيذ بنوده. وفي تعليقها على تبادل الرسائل بينها وبين قادة الاتحاد الأوروبي، قالت رئيسة الوزراء: لدينا الآن تعهد الاتحاد الأوروبي ببدء العمل في إطار علاقاتنا الجديدة بأسرع ما يمكن بعد توقيع الاتفاق ، مضيفة: إنني على يقين بأن النواب يملكون الآن تأكيدات واضحة تماما على أن هذا الاتفاق هو أفضل الممكن . وأشارت رئيسة الوزراء، إلى أن الحديث يدور عن العلاقات التجارية المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، بما فيها الخطة البديلة بشأن الحدود مع إيرلندا، مع أنها ذكرت أن بروكسل رفضت إضفاء تعديلات على نص الاتفاق. وقالت ماي إنها استطاعت تبديد شكوك بعض البرلمانيين الذين يدركون أهمية الاتفاق، وإقناعهم بالتصويت لصالحه. ومن المخطط له أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس المقبل، لكن الخطة البديلة بشأن الحدود مع إيرلندا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من جانفي العام 2021، في حال إخفاق لندنوبروكسل، بحلول هذا الموعد، بالتوصل إلى حل يجنب ظهور حدود مشددة بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا. وتقتضي هذه الخطة بقاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ضمن نطاق جمركي موحد. وقد يقود تطبيقها إلى ضرورة لجوء السلطات البريطانية إلى مراقبة البضائع القادمة من إيرلندا الشمالية على الحدود بينها وبين سائر أراضي المملكة، الفكرة التي سبق أن أعلن سياسيون بريطانيون كثيرون رفضهم لها. وليس من المستبعد أن يرفض البرلمان، اليوم، إعطاء الضوء الأخضر للاتفاق المدعوم من تيريزا ماي بقوة، لتقف بريطانيا، في هذه الحال، أمام خيارات عدة، من بينها بريكسيت بلا اتفاق (ما قد يجلب للمملكة عواقب كارثية)، وإجراء انتخابات عامة مبكرة أو تنظيم استفتاء جديد. وسيتطلب كلا الخيارين إرجاء موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي تعترض ماي عليه بحزم.