شهدت فعاليات شهر التراث التي افتتحت بالشلف إقبالا لافتا من الساكنة المحلية على المعارض والنشاطات المنظمة بالمناسبة. وجرت مراسم الافتتاح بالمتحف الوطني عبد المجيد مزيان ، بحضور قوي لمختلف الفعاليات الناشطة في الشأن الثقافي، إلى جانب الساكنة المحلية التي أثبتت ارتباطها بكل ما يمس للموروث الثقافي وتثمينه. وأوضحت في هذا الشأن مديرة الثقافة، فاطمة بكارة، أن هذه الطبعة التي جاءت بشعار الحماية الأمنية للتراث الثقافي ، تعرف تنظيم عديد النشاطات المتنوعة والحافلة التي تجمع بين الجانب الثقافي والتاريخي وكذا الأكاديمي والتكويني، وهذا سعيا لتحسيس وتوعية مختلف الفواعل حول ضرورة حماية التراث الثقافي. وثمّنت ذات المسؤولة إقبال المواطنين على نشاطات اليوم الأول من هذا الموعد الثقافي، الذي شهد إقامة ببهو المتحف معرض لمنتجات الصناعة التقليدية المرتبطة بالموروث الثقافي وكذا مقتنيات المتحف المكتشفة بمساعدة المصالح الأمنية، بالإضافة إلى عرض لأهم الوسائل والأجهزة المستعملة في مخبر أشغال الحفريات. كما أبرزت بكارة دور المواطن في حماية التراث الثقافي، خاصة مما يعرف بظاهرة تهريب الآثار، والتي صنفت في المرتبة الثالثة من حيث العائدات المالية بعد تجارتي الأسلحة والمخدرات، مشيرة في ذات الوقت إلى تشكل لدى المواطن وعي وثقافة تقضي بحماية المواقع الأثرية مقارنة بسنوات خلت. واستشهدت ذات المتحدّثة بآخر الاكتشافات الأثرية بالشلف المتعلقة بموقع السقاسيق ببلدية واد الفضة، والتي بلغ عنها أحد المواطنين الذي وجد بمزرعته إحدى الجرّات التي تعود للحقبة الرومانية، فيما أبانت الدراسات الأولية للموقع أنه أول ضيعة رومانية تكشف بالجزائر في انتظار استفادته من عملية حفريات معمقة. وعبّر عدد من الجمهور الذي غص به بهو المتحف الوطني عبد المجيد مزيان عن استحسانهم لهذه الأجندة الثقافية التي أضحت محطة سنوية لتثمين الموروث الثقافي والتعريف به لدى الأجيال الجديدة. وقالت بهذا الصدد حبيبة، التي زارت مختلف الأجنحة المعروضة رفقة أبنائها، أن نشاطات من هذا النوع من شأنها توعية الجيل الجديد بأهمية الحفاظ على ما يرتبط بالماضي والتاريخ وعدم إحداث القطيعة مع الأجيال السابقة. كما شهدت فعاليات اليوم الأول تقديم مداخلات حول حماية التراث الثقافي من طرف رئيس جمعية كاستيلوم تانجيتانوم، أحمد شريفي، وكذا ممثل عن جهاز الدرك الوطني فيما يخص حماية التراث ومكافحة ظاهرة تهريب الآثار. وفي هذا السياق، عرض الرائد ابراهيم بن سيفي أهم الوسائل التي تسخرها قيادة الدرك الوطني من خلال ثمان وحدات جهوية متخصصة وفرقتين خاصتين بكل من جانت والقرارة لمكافحة المساس بالتراث الثقافي، فضلا عن برنامج خاص لتصنيف وجرد المواقع والممتلكات الثقافية. وكشف ذات المصدر عن معالجة جهاز الدرك الوطني خلال سنة 2018 (على المستوى الوطني) 44 قضية مرتبطة بمكافحة تهريب الآثار والمساس بالتراث الثقافي، وأسفرت عن توقيف 53 شخصا واسترجاع 963 ممتلك ثقافي، بالإضافة إلى اكتشاف 15 موقعا أثريا جديدا تم الإبلاغ عنه. وتتعلق مختلف القضايا المعالجة،استنادا لذات المصدر، بالعملات والمسكوكات، قطع الخزف، الأسلحة القديمة، التماثيل، اللوحات الزيتية، بالإضافة إلى بعض الحالات الخاصة بتقليد تحف أثرية ومحاولة بيعها. ومن المنتظر أن تتواصل فعاليات شهر التراث بإقامة مجموعة من المحاضرات والنشاطات الثقافية والأيام التحسيسية بمشاركة فواعل المجتمع المدني، فيما يرتقب أيضا مع بداية شهر ماي إقامة دورة تكوينية لفائدة أعوان الأمن وحراس المواقع الأثرية المصنفة، حسب ما استفيد لدى المنظمين.