المؤسسة العسكرية حافظت على سلمية الحراك الشعبي قال الوزير الأسبق، أحمد طالب الابراهيمي، إنه تقدم به السن وألغى كل طموح في نفسه، لكن لم يستطع منعه من التفاعل مع قضايا الوطن. وأضاف أحمد طالب الابراهيمي، في رسالة وجهها الى الجزائريين، أمس: لم أعد بتلك الفتوة التي تمنحني القوة لأكون معكم في مسيراتكم المباركة التي تدكّون بها في كل يوم يمر منذ 22 فيفري الماضي ركائز نظام فاسد تؤسسون لعهد زاهر أنتم الآن بصدد وضع لبناته الأولى . وأكّد الوزير الأسبق، إنّه كان يتابع عن بعد الحراك الشعبي مع كل الذين تعذر عليهم النزول إلى شوارع المدن ليعيشوا هذه اللحظة المفصلية في تاريخ الأمة. وقال أحمد طالب الابراهيمي إنّه لم يتوقف عن استقبال وفود من شباب الحراك، الذين عرضوا عليه بإلحاح ترشيحه لقيادة المرحلة الانتقالية. وبرّر وزير الخارجية الأسبق بالقول: لم ألبّ دعوة مقربين وأصدقاء لتوجيه رسالة تأييد وتشجيع لصانعي الحدث في أسابيعه الأولى ليس تعاليا، وإنما لسببين أولهما تفادي كل تفسير خاطئ يوحي برغبة في استغلال الموقف من أجل التربح السياسي، أو تصفية حساب مع الرئيس السابق . أما السبب الثاني، يقول الابراهيمي: والذي أراه أكثر وجاهة، فهو الابتعاد عن تكريس الزعامة وعبادة الشخصية التي قضت عليها ثورة التحرير قبل أن يعاد إحياؤها اليوم في مجتمع غالبيته العظمى من الشباب الذين يتحكمون في تكنولوجيات لم تكن متاحة في زماننا، مما يجعلهم أكثر دراية بطريقة التعامل مع متطلبات العصر، ولابدّ أن تُعطى لهم الفرصة المؤجلة لإثبات ذلك . وتابع بالقول: عهد سيشهد إن شاء الله بناء دولة القانون التي تصان فيها مقومات الأمة، وتحترم فيها الحريات وحقوق الانسان، وتكون فيها العدالة مستقلة في نزاهة أحكامها، والعدالة الاجتماعية حقيقة مجسدة في التوزيع العادل للدخل الوطني وتوفير فرص متكافئة للجميع في الرقي الاجتماعي والعيش الكريم والمشاركة في الحياة السياسية ، مؤكدا: لن يتأتى ذلك إلا إذا انتهينا من الخلط بين السلطة والمال الفاسد، وأخلقنا الحياة العامة ودفعنا إلى الصفوف الأمامية برجال مسؤولية وليس برجال تنفيذ . وقال: أمام الانسداد السياسي المتمثل في تعنت السلطة وتمسك الحراك الشعبي بمطالبه، رأيت من واجبي أن أدلي برأيي إشادةَ بهذه الثورة السلمية التي يشكل الشباب المتعلم نواتها الصلبة، والعمل على تصويب بعض الأخطاء والحرص على تقريب وجهات النظر الذي لولاه لاستحال تصور الحلول التوافقية . وتطرق احمد طالب الابراهيمي للبيان الثلاثي الذي أصدرته في 18 ماي مع الصديقين علي يحيى عبدالنور ورشيد بن يلس، عملا بسنّة حميدة درجنا على اتباعها منذ أكثر من عقد كلما استلزم الامر تحديد موقف من قضية ما في حياة الأمة . ويرى الوزير الأسبق: لقد بلغ الحراك الشعبي مستوى عاليا من النضج والوعي رغم ما يعتريه من انقسامات طبيعية، ورغم كل المخاطر والمخاوف بما فيها مع الأسف لغة التخوين اتجاه بعض القيادات السياسية، أو جهات من الوطن، أو الإساءة إلى قيادة المؤسسة العسكرية، إلا أنه علينا جميعا الحفاظ على هذا المكسب الحضاري، وأن نصلح بين كل الأطراف ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وأن نستخلص من الحراك الشعارات الجامعة ومن بينها الجزائريين خاوة خاوة والجيش الشعب.. خاوة خاوة . قال الوزير الأسبق للخارجية، أحمد طالب الإبراهيمي، إنه لا يجب أن تكون مشروعية تدخل المؤسسة العسكرية بديلا عن الشرعية الشعبية، بل عليها أن تكون قناة لتحقيق هذه الشرعية عبر الاستجابة الواضحة للمطالب الشعبية وفق قراءة واعية ومسؤولة للواقع السياسي وضغوطات المرحلة. وأثنى طالب الإبراهيمي على المؤسسة العسكرية، قائلا: إنها لعبت دورا هاما في الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي من خلال حرصها على تجنب استعمال العنف، وتجلّى هذا واضحا في عمل قوات الأمن من شرطة ودرك التي هي على تماس دائم مع المحتجين . كما توجه الوزير الأسبق بالشكر والتقدير في آن واحد إلى أفراد هذه الأسلاك وهؤلاء المحتجين على حرصهم المشترك على سلمية المسيرات الشعبية، وتابع بالقول: أرى في ذلك بذور ثقافة جديدة يقوم عليها صرح الديمقراطية غدا، وأعني بذلك ثقافة منع استعمال العنف من أجل الوصول إلى السلطة أو التشبث بها ، مضيفا: إن المؤسسة العسكرية تتسم بالانضباط وتفادي التدخل المباشر في الشأن العام، لكنها في هذا الظرف الخاص يجب أن تُصغي إلى اقتراحات النخب وعقلاء القوم، وأن لا تكون سندا لمؤسسات لا تحظى بالرضى الشعبي حتى وإن كانت في وضع دستوري ثابت كان مبرمجا لحالات عادية، وليست استثنائية كالتي نمر بها اليوم .