قدمت العديد من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، مقترحات للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد منذ 22 فيفري الفارط، عقب تصاعد وتيرة المظاهرات في الأسابيع الأخيرة وانقسام الآراء الشعبية حول إمكانية إجراء الانتخابات من عدمها. قوى التغيير كانت سباقة لتقديم مقترحات في هذا الإطار للخروج من الأزمة، وذلك ما تمخض عن اجتماع الأحزاب والشخصيات في فعاليات قوى التغيير لنصرة خيار الشعب، والتي دعت لتشكيل لجنة لتنظيم لقاء وطني لقوى التغيير يكون مفتوحا على كافة فعاليات المجتمع باستثناء الذين كانوا سببا في الأزمة الحالية أو طرفا فيها، من أجل البحث عن حل يستجيب للمطالب الشعبية السلمية، كما دعا حزب قوى التغيير إلى ضرورة الالتزام بمبدأ الحوار في إيجاد الحلول التي تستجيب لذلك، ومنه فهي تبارك دعوة الحوار مع الجيش والمعبر عنها من قبل بيان مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، وتقترح كخطوة أولية التأسيس لمرحلة انتقالية قصيرة مع تعيين هيئة رئاسية مؤلفة من شخصيات وطنية معروفة بمصداقيتها وكفائتها ومقبولة جماهيريا. من جهتها، جبهة القوى الاشتراكية تقترح عقد اتفاقية (مؤتمر) وطنية للتشاور والحوار تجمع قوى التغيير الديمقراطي في وقت معقول، كما ترى أن المعارضة بجميع أشكالها (الأحزاب السياسية، الحركات الجمعوية، النقابات العمالية وغيرها من الشخصيات الوطنية)، في تناغم وتفاعل تام مع هذه الديناميكية الجديدة، التي لا يمكن إلاّ أن تكون مفيدة لمرافقة الشعب في ثورته السلمية ضد النظام القائم، وبالتالي فإن تكاثر المبادرات السياسية لإنهاء الأزمة يعكس تمامًا إرادة هذه الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية للمساهمة بفعالية وإخلاص في بناء جمهورية جديدة تُدعم توقّعات الشعب الجزائري وتطلعاته المشروعة، ويعرب الافافاس أنه مستعد للمساهمة بنشاط في تنفيذ هذا المشروع السياسي الذي يُفيد مستقبل الشعب والأمة. ويرى الأرسيدي ، انه لا بد من الدخول في انتقال قصير ينطلق من حل مجلسي البرلمان والمجلس الدستوري وكذلك استقالة رئيس الدولة المؤقت والحكومة، وانتخاب هيئة رئاسية عليا مؤلفة من ثلاث شخصيات مُعيَّنة من بين النقابات المستقلة وهيئات القضاء والتعليم العالي، ولا يجب أن يتجاوز سن الشخصيات 60 عاما، تسهر على تعيين حكومة توافق وطني لإدارة الشؤون الحالية والمساعدة في إنشاء هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتخابات. أما حركة مجتمع السلم، فترى أن الانتخابات الرئاسية هي المرحلة الحقيقية لتثبيت وتعزيز الديمقراطية واستكمال مسار الإصلاحات، بشرط أن تكون حرة ونزيهة بعد استبدال الباءات المرفوضة شعبيا، وأن تنظمها هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات في غير تاريخ 4 جويلية المعلن عنه وضمن آجال انتقالية قصيرة في حدود ستة أشهر من الآن. ويقترح حزب العمال انتخاب جمعية تأسيسية ذات سيادة، يُنظر إليها كخطوة ضرورية نحو الإصلاح السياسي والمؤسسي تمهد لقيام الجمهورية الثانية، وحسب حزب العمال فإن الجمعية التأسيسية، التي يمكنها حل الأزمة السياسية من أصلها (بعد استقلال الجزائر)، ستحدد طبيعة النظام الذي سيتم إنشاؤه وتحديد شكله ومضمونه. من جانبه، علي بن فليس، رئيس طلائع الحريات، يقترح توفير كل الشروط لبدء حوار سياسي للخروج من المأزق الحالي الذي يتسم بتفرق عميق بين العملية التي تتم حاليًا في إطار صارم ومتكامل وحصري للمادة 102 من الدستور، والمطالب المشروعة للثورة الديمقراطية السلمية في بلدنا، ويضيف بن فليس أنه لابد من إجراء حوار مع أشخاص غير فاسدين وذوي مصداقية في إطار دقيق ومعروف له أهداف محددة بوضوح. شخصيات وطنية تدخل على الخط من جهته، يقترح أحمد طالب الابراهيمي، وهو شخصية معروفة وطنيا، والتي كانت محل اهتمام من طرف المتظاهرين، الجمع بين المرتكزات الدستورية في المادتين السابعة والثامنة وما يتسع التأويل فيهما على اعتبار أن الهبة الشعبية استفتاء لا غبار عليه، وبين بعض المواد الإجرائية التي تساهم في نقل السلطة دستوريا، كما أكد على أن الحكمة تقتضي تغليب المشروعية الموضوعية على المشروعية الشكلية انطلاقا من حق الشعب في التغيير المستمر، فالدستور هو من وضع البشر، أي أنه لا يجب أن يكون متخلفا عن حركة الواقع، ولا ينبغي أن يكون مُعوقا لحركة المستقبل. وبخصوص المؤسسة العسكرية، فيقول الابراهيمي إنها لعبت دورا هاما في الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي من خلال حرصها على تجنب استعمال العنف، وتجلّى هذا واضحا في عمل قوات الأمن من شرطة ودرك التي هي على تماس دائم مع المحتجين. بدوره، قال أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة السابق والخبير الاقتصادي، والذي يلقى إجماعا وتزكية شعبية منقطعة النظير، إنه يقترح فترة انتقالية من 8 إلى 12 شهرًا لإعداد الشروط اللازمة لانتخابات رئاسية شفافة وذات مصداقية. خلال هذه الفترة، سيتم وضع خريطة طريق للرئيس المنتخب.