فتحت صناديق الاقتراع بموريتانيا أبوابها، صباح أمس أمام الناخبين، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس المنتهية ولايته، محمد ولد عبد العزيز. وحسب معطيات للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، سيدلي الناخبون الموريتانيون البالغ عددهم الإجمالي مليونا و544 ألف و132 ناخب، بأصواتهم في 3870 مكتب موزعة على 16 دائرة انتخابية، من بينها 45 مكتبا مخصصا للموريتانيين المقيمين بالخارج. وسيختار هؤلاء الناخبون الرئيس الجديد من بين ستة مرشحين، هم القائد السابق لأركان الجيش الموريتاني، الجنرال المتقاعد محمد ولد الشيخ محمد أحمد (ولد الغزواني)، مرشح الأغلبية الحاكمة، والوزير الأول الأسبق لفترتين (1992 - 1996 و2005 - 2007) سيدي محمد ولد بوبكر بوسالف مرشح التغيير المدني ، والنائب البرلماني والناشط الحقوقي المثير للجدل برام الداه اعبيد مرشح تحالف حزب (الصواب) البعثي المعارض وحركة (إيرا) الحقوقية المحظورة، ورئيس حزب (قوى التقدم) المعارض محمد ولد سيدي مولود مرشح ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي ، والمرشح المستقل، محمد الأمين المرتجي الوافي اطار بوزارة المالية، وزعيم حزب (الحركة من أجل إعادة التأسيس) والنائب السابق ان حاميدو بابا، مرشح أحزاب معارضة تمثل القوى الزنجية . وخلافا للاستحقاقات السابقة، سيدلي الناخبون المدنيون وأفراد القوات المسلحة وقوات الأمن بأصواتهم في اليوم نفسه، بعد أن كان أفراد هذه القوات يتوجهون إلى صناديق يوما واحدا من قبل، وذلك بموجب قانون تنظيمي يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، صادق عليه مجلس الوزراء في 8 ماي الماضي. يشار إلى أن تصويت أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن في يوم واحد مع المدنيين، كان أحد مطالب التحالف الانتخابي للمعارضة الموريتانية. وتستمر عملية الاقتراع إلى غاية الساعة السابعة، وفي حالة تطلب الأمر إجراء دور فسيكون مقررا في 6 جويلية المقبل. وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قد أكدت، يوم الأربعاء الماضي، أنها باتت بفروعها الجهوية والمحلية على أتم الاستعداد والجاهزية لتنظيم الاقتراع الرئاسي. وأوضحت اللجنة، في بيان نشرته على موقعها الالكتروني، أن كل مكاتب التصويت باتت مجهزة وجاهزة لاستقبال عملية التصويت، مضيفة أنها أكملت إجراءات نقل المعدات الانتخابية إلى كافة ربوع البلاد. وأشارت إلى أنه تم نقل كل المستلزمات التي يتطلبها يوم الاقتراع، من لوائح انتخابية وبطاقة الناخب والستار والحبر اللاصق والأقفال والصناديق، ومحاضر التصويت، إلى غير ذلك من المستلزمات. واكدت أن أزيد من 100 مراقب دولي وصلوا لحد الساعة لمراقبة هذه الانتخابات، إضافة الى وجود عدد هام من المراقبين الوطنيين يمثلون عددا من منظمات المجتمع المدني. وكان المرشحون الستة قد خاضوا طيلة أسبوعين، حملة انتخابية قادتهم إلى مختلف عواصمالولايات الموريتانية الثلاثة عشر ومدنها وقراها، عقدوا خلالها مهرجانات خطابية وتجمعات ولقاءات جماهيرية لطرح برامجهم الانتخابية، ولاستمالة الناخبين والظفر بأصوات أكبر عدد منهم. يذكر أن اخر انتخابات رئاسية بموريتانيا كانت قد جرت عام 2014، وفاز بها الرئيس المنتهية عهدته محمد ولد عبد العزيز، لولاية ثانية وأخيرة. وعود بالإصلاح الاقتصادي والأمن والإستقرار وكانت الساحة السياسية الموريتانية قد شهدت إطلاق مبادرات في عدد من الولايات، تطالب ولد عبد العزيز بالبقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته الرئاسية الحالية، علما بأن الدستور الموريتاني يحصر عدد العهدات الرئاسية في اثنتين، تمتد كل واحدة منهما على مدى خمس سنوات، وذلك من خلال مراجعة الأحكام الدستورية التي تمنعه من الترشح لأكثر من ولايتين. غير أن ولد عبد العزيز، دعا في 15 جانفي الماضي إلى وقف كل المبادرات المتعلقة بمراجعة المواد الدستورية المتعلقة بالولايات الرئاسية، مذكرا بموقفه الثابت في هذا الصدد، والمتمثل في تصميمه على احترام دستور البلاد، وعدم قبوله أي تعديل دستوري يمس المواد 26 و28 و99 من الدستور. وينص الدستور الموريتاني في مادته 26، على أن رئيس الجمهورية ينتخب لمدة خمس سنوات عن طريق الاقتراع العام المباشر، بينما تنص المادة 28 منه على أنه يمكن إعادة انتخابه لمرة واحدة، في حين تتعلق المادة 99 بشروط إجراء أي مراجعة لدستور البلاد. وأكد الرئيس المنتهية ولايته في عدة مرات دعمه لوزير الدفاع الفريق أول محمد ولد الغزواني، وفي كلمة وجهها أمس في مدينة روصو، جنوب موريتانيا على هامش وضع حجر الأساس لمشاريع إنمائية، أنه يدعو إلى اختيار الأفضل من المترشحين، معلنا مساندته للمتنافس محمد ولد الغزواني، الذي يرى فيه مرشح الاستمرار في والتنمية وانجاز المشاريع التي هي قيد التنفيذ. وقد شكلت الإصلاحات الاقتصادية موضوعا أجمع عليه مرشحو الرئاسة الموريتانية، في حين انفرد مرشح الأغلبية الحاكمة الفريق أول محمد ولد الغزواني، وهو وزير الدفاع السابق وقائد أركان القوات المسلحة للعشر سنوات الماضية، بالتركيز على موضوع الأمن والاستقرار، إذ وعد بضبط الأمن ومواصلة منح القوات المسلحة وقوات الأمن الإمكانيات لتوفير الأمن والاستقرار. وأكد الغزواني، أن موريتانيا تعيش وسط منطقة مهددة بالإرهاب، الموضوع الذي يلقى اهتماما بارزا في خطابات المرشحين في مختلف المحطات الانتخابية، مؤكدا أن الاستقرار موضوع لا يتوقف. وبدوره، تعهد رئيس الوزراء الموريتاني السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية، سيدي محمد ولد بوبكر، بإصلاحات اقتصادية. وقدم كل مرشح رؤيته. ووعد الفريق أول محمد ولد الغزواني بإصلاحات اقتصادية من بينها توفير 50 ألف فرصة عمل واعتماد آلية فعالة لتحقيق تطلعات الشباب ووضع استراتيجية واضحة المعالم لمحاربة الفقر والقضاء على الفوارق، وإنشاء وكالة وطنية سيخصص لها مائتا مليار أوقية من ميزانية الدولة (600 مليون دولار) على مدى خمس سنوات، ستقدم مختلف أنواع الدعم والمساعدة للفقراء والمحتاجين وزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وتعميم التأمين الصحي. من جانبهم، وعد البرلماني بيرام ولد اعبيدي، ومرشح اليسار محمد ولد مولود، بإصلاحات اقتصادية ومواجهة الفقر، وقالوا إنهم سينهون مشكلة العطش من خلال مشاريع إنمائية، كما ركزوا على حل إشكالية الإرث الإنساني ، بالتشاور مع كل الفاعلين في المجتمع المدني، وفق مقاربات عادلة وذات مرجعية إسلامية. ويركز المرشح كان حاميدو بابا، مرشح الأقلية الزنجية، على مناطق الجنوب التي ينحدر منها، وتعهد بمواجهة الفقر والبؤس، وقال إنه وضع برنامجا اقتصاديا واجتماعيا مهما، ووعد بتوفير ربع مليون فرصة عمل خلال خمس سنوات، من خلال تشغيل 50 ألف شاب كل سنة، وبناء 4 جامعات جديدة. فيما يعد المرشح المستقل وهو الخبير الاقتصادي الشاب محمد الأمين المرتجي الوافي بإصلاحات اقتصادية، وقال إنه يقدم برنامجا من 99 نقطة تشمل التعليم والصحة والاقتصاد والزراعة والعدل، مؤكدا أنه سيعمل على الاستغلال الأمثل لموارد البلاد وبالتوزيع العادل لثرواتها. وبحسب المراقبين، فإن موريتانيا توجد في مفترق طرق سياسي، مؤكدين أن هذه الانتخابات الرئاسية، تمثل في الآن ذاته فرصة حقيقية لإرساء أولى لبنات التناوب السلمي على مستوى أعلى سلطة بالبلاد، وكذا منعطفا حاسما بالنسبة لمستقبلها يتعين على كافة القوى الحية بالبلاد التعاطي معه بقدر كبير من الرزانة.