تعهد رؤساء الدول الضامنة لمحادثات أستانا (روسياايرانوتركيا)، بالعاصمة التركية أنقرة، بالتعاون لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية في محافظة إدلب، آخر معقل للمعارضة المسلحة في البلاد، كما توصلوا لاتفاق بشأن تشكيلة اللجنة الدستورية، الأمر الذي قد يمثل خطوة مهمة نحو التوصل لحل سياسي في سوريا. واستضافت أنقرة، للمرة الخامسة، القمة الثلاثية التركية - الروسية - الإيرانية حول الأزمة السورية، بعد سوتشي في سبتمبر من سنة 2018، وجمعت القمة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، بجدول أعمال لا يختلف عن القمم السابقة، والهدف هو إيجاد تفاهمات حول تثبيت الهدنة ولا سيما في إدلب. وكانت على طاولة المفاوضات الرئيسية للقمة الملفات ذاتها، وهي سبل إنهاء الصراع الدائر في محافظة إدلب، وشروط العودة الطوعية للاجئين وتوفير الظروف اللازمة لذلك، وموضوع نقاط المراقبة التركية، ومحاربة التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، وتشكيل اللجنة الدستورية، والإعلان عن وقف إطلاق نار دائم، كأول خطوة عملية على طريق الحل السياسي الشامل للملف السوري. وجاء في البيان الختامي للقمة الثلاثية حول الأزمة السورية التي وصفت ب البناءة ، أن القادة الثلاثة قلقون من خطر حصول مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية في إدلب وجوارها نتيجة التصعيد المستمر، ومتفقون على اتخاذ خطوات ملموسة للحد من الخروق. كما أعلن القادة الثلاثة أنهم توصلوا لاتفاق حول تشكيلة اللجنة الدستورية، التي طال انتظارها، والتي ستتولى الإشراف على المرحلة المقبلة من التسوية السياسية في سوريا. وجدد رؤساء كل من تركياوروسيا وإيران تأكيدهم عدم إمكانية حل الأزمة السورية بالوسائل العسكرية، وضرورة حل الصراع من خلال العملية السياسية، التي يقودها السوريون برعاية الأممالمتحدة. ورفض قادة الدول الثلاث في البيان الختامي للقمة، محاولة خلق أي وقائع جديدة ميدانيا، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب في سوريا. ووفقا للبيان، فقد أدان الزعماء قرار الولاياتالمتحدةالامريكية بخصوص مرتفعات الجولان الذي يعد انتهاكا للقوانين الدولية ويهدد أمن المنطقة. للتذكير، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد وقع، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بواشنطن، على بيان رئاسي يقر فيه بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان المحتلة. تجدر الإشارة، إلى أن هضبة الجولان أراض عربية سورية يحتلها الكيان الإسرائيلي منذ الخامس من جوان 1967، ويرفض الانسحاب منها رغم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 الصادر بالإجماع في 17 ديسمبر 1981، الذي يدعوه إلى إلغاء ضمه لهذه المرتفعات، واعتبار قوانينه وولايته وإدارته لها لاغية وباطلة وليس لها أثر قانوني دولي. من جهة أخرى، أكدوا أنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في شمال شرق سوريا إلا على أساس احترام سيادة وسلامة الأراضي السورية. وأعرب الزعماء الثلاثة عن قلقهم إزاء موجة جديدة من الهجرة التي يمكن أن تحدث نحو تركيا من محافظة إدلب، وقالوا إنهم وافقوا على تدابير إضافية لمنع مثل هذا السيناريو وللحيلولة دون تدهور الوضع على الأرض. وكان أردوغان قد أكد، خلال الجلسة الافتتاحية للقمة، أن مباحثات أستانة بين الدول الضامنة هي المبادرة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي إلى حلول مؤثرة لإنهاء الصراع في سوريا، مشددا على أن البلدان الثلاثة متفقة تماما على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وحفظ السلام على الأرض، والسعي لإيجاد حل سياسي دائم للصراع. وأوضح أردوغان، أن تركيا وقفت مع الشعب السوري في أكثر الأوقات الصعبة والعصيبة، وألحقت هزائم كبيرة بالتنظيمات الإرهابية عبر عمليتي درع الفرات و غصن الزيتون . وتعهد بالعمل على تجفيف مستنقع الإرهاب في شرق الفرات (شمال سوريا) ضمن جهود مكافحة الإرهاب والوصول إلى مرحلة جديدة. للإشارة، فإن تركيا أنشأت 12 نقطة مراقبة عسكرية في منطقة خفض التصعيد في إدلب التي أسست بموجب ما تم الاتفاق عليه في محادثات أستانا عام 2017 برعاية الدول الثلاث الضامنة روسياوتركيا وإيران. من جهته، قال بوتين إن منطقة خفض التصعيد يجب ألا تشكل ميدانا للاستفزازات المسلحة، مضيفا: علينا اتخاذ تدابير إضافية لتدمير التهديد الإرهابي الآتي من منطقة إدلب تدميرا كاملا . وقال روحاني في افتتاح القمة، إن وجود القوات الأمريكية في بلد مستقل وعضو في الأممالمتحدة مثل سوريا يهدد سلامة أراضيه وسيادته الوطنية، مضيفا: يجب أن تخرج القوات الأمريكية حالا من سوريا .