اشتكت العديد من العائلات القاطنة بحي مدغري، التابع إداريا لبلدية الرويبة، من المعاناة الشديدة والمتواصلة التي بدأت قبل عشر سنوات، ولم تظهر بعد معالم انجلائها على السكان، الذين أبدوا أملهم في أن تنتهي هذه الظروف في أقرب الآجال. ندّدت العائلات القاطنة بشاليهات حي مدغري بالحالة المزرية التي يعيشونها يوميا، نظرا لانعدام المرافق الضرورية للعيش الكريم، حيث أكد العديد من السكان القاطنين بالحي ل»السياسي« خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها للمنطقة، أنهم في حالة يرثى لها، إذ لوحظ على وجوههم ملامح البؤس، جراء الظروف القاسية المحيطة بهم، والتي تعرفها بيوتهم من دون استثناء، حيث يضم هذا الحي عددا كبيرا من الشاليهات، التي تتعدى ال147 بيت جاهز. تم منذ قرابة العشر سنوات إسكان العائلات المتضررة إثر زلزال بومرداس الذي كان في عام 2003م، والحملة التي ضربت باب الوادي، التي تسببت في عدة خاسر مادية ومعنوية، هؤلاء القاطنون كانوا ضحايا هذه الكارثة الطبيعية التي هدمت بيوتهم بالكامل، وحسب (فاطمة الزهراء. م )، فقد تجرعوا معاناة كبيرة منذ الكارثة، حيث سكنوا أولا بمقر بلدية بولوغين، ليتم ترحيلهم إلى الشاليهات المتواجدة ببلدية الرويبة. وفي ذات السياق، أكد السكان أن حيهم الجاهز لا يتوفر على الشروط الملائمة للعيش الكريم، معتبرين إياه غير صالح لإيواء الآدميين - على حد تعبيرهم - مضيفين أن درجة الاهتراء التي لحقت بشاليهاتهم لا تسمح لهم بقضاء سنوات أخرى تحت أسقفها، مبدين في ذات الوقت تذمرهم الشديد لما أسموه بتجاهل السلطات المحلية لوضعيتهم المزرية التي تتضاعف مع حلول فصل الشتاء، خاصة وأنها لم تعد قادرة على تحمل الاضطرابات الجوية ناهيك عن تصدع جدرانها. وقد اشتكى المواطنون في حديثهم ل»السياسي« من ضيق المساحة التي يقطنون بها، حيث يتجاوز عدد أفراد العائلة الواحدة 7 أفراد، لتصبح السكنات غير مؤهلة لأن تضم جميع أفراد العائلة، وإثر دخولنا إلى إحدى البيوت على الساعة الثامنة وجدنا محمد البالغ من العمر 26 سنة، معاق ذهنيا، نائم بالقرب من الباب مع البرودة القاسية، والتي لا تليق بأن يسكنها الآدميون، على حد تعبيرهم، السكان قدموا من مناطق عديدة عبر تراب العاصمة، الرويسو، زرالدة، سعيد حمدين، الرويبة، إلا أنهم لحد اليوم لم يستفيدوا من مأوى يقيهم من قساوة الظروف الخارجية، وينسيهم مرارة العيش منذ عشر سنوات، وقد زاد من خطورة الأوضاع الحالة البيئية المتدهورة، وما ينجم عنها من روائح كريهة ومواد سامة منبعثة من الوادي المحاذي لها. وقال (محمد، س) أن السكان تضرّروا كثيرا من الحملة التي مسّت منطقة بولوغين في السنوات الماضية، ليجدوا أنفسهم أمام خطر أكبر بكثير، مما ولّد ذعرا كبيرا وسطهم من أن تتكرّر تلك الكارثة التي شهدوها من قبل، وهي فيضان الوادي عليهم في أي لحظة، كما صرحوا أيضا بأن هذا الوادي فاض العام الماضي وتسبب في هدم العديد من البيوت، وكاد أن يسبب في قتل السكان، وفي نفس السياق، أكد المواطنون بأنهم اشتكوا وضعيتهم إلى السلطات المعنية مرارا لتقوم بترحيلهم لكن من دون جدوى، حيث باتت الشاليهات ملجأ للفئران والثعابين التي تتسلل إلى الغرف من توصيلات صرف المياه في الحمام والمطبخ. ونظرا لضيق البيوت الهشة، اضطرت العديد من العرائس إلى بيع ملابسهن وأفرشتهن لضمان مساحة أوسع، وهي المعاناة التي أفرزت مشاكل جمة يصعب تجاهلها من قبل السكان، كما أدت إلى مرض عدد كبير من الشباب والشابات نتيجة العزلة التامة التي يعشونها يوميا وأمراض أخرى، على غرار العقد النفسية والحساسية نتيجة الرطوبة الكبيرة بداخل الشاليهات، كما أضافوا في نفس السياق، أنهم يعيشون حالة مأساوية نتيجة انعدام أي مرفق ضروري ينسيهم مرارة العيش بداخلها، ناهيك عن المستشفى الذي يبعد كثيرا عن الحي خاصة عند الحالات الاستعجالية، التي لا تتمكن من ضمان الحد الأدنى من العلاج، كما يقطع الأطفال المتمدرسون مسافات معتبرة للالتحاق بمقاعد الدراسة، حيث ذكرت فاطمة الزهراء، أنهم في فترة ترحيلهم كانوا قد استفادوا من ملعب يلجأ إليه الأطفال، لكنه لم يدم طويلا وتم تحويله إلى مقر لتعليم السياقة، وهي الحالة التي أسفرت عن العديد من حوادث المرور بهذا الحي، نتيجة انعدام مكان يلجأ إليه الأطفال للعب. وعليه، يطالب سكان الحي من السلطات المحلية بالعمل على ترحيلهم في أقرب الآجال، وأشاروا إلى أنهم عازمون على الدخول في حركة احتجاجية، إذا ما طالت معاناتهم أكثر.