تنقلت "السياسي" إلى ملعب بولوغين لإجراء حوار مطول مع اللاعب الدولي السابق ونجم اتحاد الجزائر وشبيبة القبائل للسنوات الماضية محي الدين مفتاح، حيث كان يشرف على حصة تدريبية لأواسط اتحاد الجزائر، ومباشرة بعد نهايتها استقبلنا مفتاح وكان لنا معه هذا الحوار الشيّق. كيف الحال؟ الحمد للّه، أنا بصحة جيّدة، حيث مازلت أحب كرة القدم والدليل على ذلك أنني موجود معكم في الملعب (بولوغين)، الذي قضيت فيه أياما جميلة عندما كنت لاعبا. كأول سؤال، ماذا يفعل محي الدين مفتاح بعد اعتزاله كرة القدم؟ بعد اعتزالي وكأي لاعب لكرة القدم لا يمكنه أن يكون سوى مدربا في رأيي الشخصي، كما هو الحال بالنسبة لي، وبعد 20 سنة كلاعب، ها أنا حاليا مدرب فئة أواسط نادي اتحاد العاصمة، وأتمنى أن أحقّق مشوارا كبيرا ومليئا بالتتويجات في مشواري كمدرب، كما حقّقه الكثير من المدربين الذين كانوا لاعبين، بالإضافة إلى هذا فأنا محلل في إحدى الحصص الرياضية التي تبث على القناة الجزائرية الأمازيغية كل يوم أحد. أنت كلاعب سابق لاتحاد العاصمة، ما هو الفرق بين الفريق الحالي والفريق الذي كنت تلعب فيه؟ هناك فرق بين الاتحاد الذي كنت ألعب فيه والفريق الحالي بطبيعة الحال، حيث أنني شاركت مع أحسن فريق في تاريخ اتحاد العاصمة والذي يعتبر آنذاك الجيل الذهبي للنادي، كونه كان يملك العديد من النجوم على غرار دزيري بلال، زغدود، جحنين، اينيرمو، ديالو والقائمة طويلة، وقد حقّقنا العديد من الألقاب من بطولات وكؤوس، عكس الاتحاد الحالي، إذ منذ اعتزال هؤلاء اللاعبين للفريق، أصبح الفريق يعجز عن التتويج، وأتمنى أن يعيد هذا الجيل خاصة هذه السنة الأفراح إلى فريق سوسطارة، وأظن أن الرئيس حداد وفر كل الإمكانيات وجلب أقوى اللاعبين من أجل الظفر بإحدى الألقاب هذا الموسم، وهو ما أتمناه شخصيا. لماذا لا يشرف مفتاح على أحد الأندية الجزائرية الكبيرة، رغم خبرته الكبيرة في مجال كرة القدم؟ سبق لي واشتغلت كمدرب مساعد في اتحاد الجزائر مع العديد من المدربين الكبار من أمثال مواسة وسعدي، كما أنني بصدد التحضير للحصول على شهادة مدرب من الدرجة الثالثة التي تمكنني من تدريب إحدى فرق الدرجة الأولى أو الثانية، وأريد الإشارة إلى شيء مهم وهو أنني لا أريد حرق المراحل في مشواري كمدرب، فأنا أشرف على أواسط الاتحاد لاكتساب الخبرة في مجال التدريب والإحتكاك أكثر بهذا العالم، وإن شاء الله في المستقبل القريب قد ترون مفتاح مدرب رئيسيا لأحد الأندية الجزائرية. ولم لا الفريق الوطني مفتاح؟ إن شاء اللّه، أنا بصدد التعلم والسير خطوة بخطوة، أسعى أولا لتدريب الأندية ومع الوقت قد أصل للمنتخب الوطني، كما أتمنى لكل اللاعبين السابقين الذين يسعون لامتهان التدريب النجاح في مشوارهم. نادي الاتحاد لم يحقّق أي فوز خارج الديار، رغم تصدره ترتيب البطولة؟ كما سبق لي وأن قلت لكم، إن فريق اتحاد العاصمة مازال ينقصه الانسجام، فهي المشكلة التي يعاني منها النادي، رغم تواجد عدد كبير من النجوم، فاللاعبون لا يعرفون بعضهم البعض كونهم لم يسبق لهم وأن لعبوا معا، فالتشكيلة الأساسية للاتحاد تتضمن لاعبين جدد هذه السنة عدا المدافع خوالد، الذي سبق له وأن حمل ألوان فريق سوسطارة، فبهذا الفريق من الصعب جدا أن يعود بالانتصار خارج الديار، كما أن هناك أمرا آخر هو أن كل الفرق تريد الفوز على الاتحاد، إذ أن الانتصار على هذا الفريق يعتبر إنجازا وله طعم خاص بالنسبة لهم وهو ما رأيناه في مباريات الاتحاد خارج ملعبه. ألا ترى أن رحيل المدرب رونار هو السبب؟ فعلا، لقد أثرت استقالة رونار على النادي، كونه هو الذي أشرف على تحضير الفريق قبل بداية الموسم في فرنسا، كما أنه يعرف النادي أكثر من المدرب الحالي الذي لا يملك خبرة في الملاعب الوطنية، بالإضافة إلى أنه لا يعرف اللاعبين جيدا على عكس رونار الذي لديه فكرة عن البطولة بتدريبه الاتحاد الموسم الماضي، جعلته يكتشف سر المنافسة بين الأندية خاصة خارج الديار. ويجب إعطاء الوقت لأولي نيكول من أجل أن يبني فريقا قويا قادرا على العودة بالفوز ضد أي فريق يواجهه في ملعبه. الكل لاحظ الأداء غير المقنع لنادي اتحاد الجزائر رغم الأموال الطائلة التي صرفت لاستقدام لاعبين كبار، إلى ما يعود السبب في رأيك؟ لا يخفى عليكم أن تعداد الاتحاد تغير بنسبة 90 بالمئة، فاللاعبون لا يعرفون بعضهم البعض وهو ما سبب نقص الإنسجام بينهم وبالتالي، فإن الأداء ليس كما يتمناه الأنصار، يجب الصبر على هذا الفريق، فالأداء سيتحسن بمرور الجولات، وأؤكد لكم أن الاتحاد سيتحصل على العديد من الألقاب مستقبلا، ويقدّم طريقة لعب جميلة يحلم بها الأنصار، ولكن بشرط الصبر عليه وعدم وضعه تحت الضغط. كيف يقيّم مفتاح الإحتراف الذي دخلته الكرة الجزائرية منذ موسمين تقريبا؟ فيما يخص الأندية، فأنا أقول أنني لم أر الإحتراف إلا في اتحاد الجزائر، من خلال التنظيم المحكم والتسيير الجيّد وهو ما يغيب عن الأندية الأخرى، أما من ناحية الرابطة، فقد لاحظت بعض التحسن مقارنة بالمواسم السابقة خاصة في عملية البرمجة، بحيث لم نشاهد الكثير من المباريات المؤجلة والمتأخرة وهذا شيء إيجابي. كثر الحديث هذه الأيام عن الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الحكام والتي تكون نتائجها وخيمة على بعض الأندية، كيف ترى هذا الجانب؟ نعم، بعض الحكام يقومون بأخطاء فادحة وغالبا ما تكون مؤثرة على النتيجة النهائية للمباريات، أتمنى أن يقلّص الحكام المعنيون من أخطائهم حتى يرتقي مستوى البطولة الوطنية، وتقل الاحتجاجات في هذا الشأن. اشتدت المنافسة بين النوادي على التتويج بلقب الدوري، ما هو النادي الذي ترشحه لنيل البطولة هذا الموسم؟ هذا السؤال من الصعب أن أجيبك عليه، خصوصا وأننا في منتصف البطولة ومرحلة الذهاب لم تنته بعد، إذ ليس الوقت مناسبا لترشيح نادٍ ما للظفر بالدوري، وكل ما يمكنني قوله أن البطولة ستكون صعبة والتتويج بها لن يكون سهلا، خصوصا مع عودة الأندية الكبيرة على غرار جمعية الشلف، بطل الموسم السابق، وشباب بلوزداد الذي يملك لعبا جماعيا رائعا ومنسجما، دون أن ننسى نادي وفاق سطيف مع المدرب الكبير قيقر الذي ساهم في تطوير أداء النادي منذ استلامه مهام تدربيه، وهناك أيضا شبيبة القبائل التي ننتظر منها الكثير في المستقبل، وبطبيعة الحال، يوجد كذلك اتحاد العاصمة الذي رشحه الكثيرون بالتتويج بلقب البطولة هذا الموسم، خصوصا بعد الاستقدمات التي قام بها حداد، فهذه هي الأندية التي ستظفر باللقب هذا الموسم في رأيي، وأتمنى أن تكون المنافسة شريفة ولا تخرج عن نطاقها الرياضي. من هو لاعبك المفضّل في البطولة الوطنية؟ الأندية الجزائرية تملك العديد من اللاعبين الكبار هذا الموسم، وهذا يعتبر شيئا إيجابيا للاعب المحلي، الذي نريد أن نراه يتألق ويقدّم مردودا جيّدا يسمح له بالذهاب بعيدا والمشاركة مع المنتخب الوطني لأنه بحاجة إليه، فاللاعب الذي أعجبني هذا الموسم هو المتألق عبد المومن جابو، لاعب وفاق سطيف، حيث أنه يملك إمكانيات بدنية فنية كبيرة جعلته يستدعى من طرف مدرب الخضر وحيد حاليلوزيتش، ويلفت انتباه العديد من الأندية المحلية والأجنبية، وأتمنى أن يواصل مشواره الكروي بنفس الطريقة الطموحة، ويكثر من العمل لكي يذهب بعيدا. وهناك أيضا الظهير الأيمن لوفاق سطيف حشود، الذي أبهرني بمستواه العالي، إذ قليلا ما نشاهد مدافعا هدّافا وهو ما ينطبق على حشود الذي ينتظر منه الكثير، من أجل تقديم مردود كبير مع ناديه ومع المنتخب الوطني في المستقبل. الاتحادية الجزائرية عيّنت حاليلوزيتش مدربا للمنتخب الوطني، ما رأيك في هذا المدرب؟وهل تعتقد أنه الأنسب لقيادة الخضر خلال المنافسات القادمة؟ أولا، أقول لك بأن الاتحادية الجزائرية تماطلت في تعيين حاليلوزيتش، فقد كان عليها القيام بذلك مباشرة بعد الخروج من كأس العالم 2010 ولو حدث ذلك، لربحنا الكثير من الوقت في إعادة بناء المنتخب، أما فيما يخص حاليلوزيتش، فأعتقد أنه مدرب كبير فقد ترك بصمته في كل الفرق التي أشرف عليها، كما أعتقد أنه الأنسب لقيادة منتخبنا، شريطة إعطائه الوقت الكافي لتحسين أدائه وبلوغ الأهداف المرجوة منه، يجب على الاتحادية أن تحدّد له الأهداف وتتركه يعمل بسلام وأن تتفادى الحديث عن الإقالة بمجرد حدوث نتيجة سلبية، وأقول لك بأنني متفائل مع هذا التقني الصربي ببناء منتخب قوي خلال السنتين القادمتين. كيف ترى حظوظ المنتخب الوطني في التأهل إلى كأس إفريقيا القادمة؟ أنا جد متفائل بتأهل الخضر إلى كأس إفريقيا القادمة التي ستقام بجنوب إفريقيا العام المقبل، إذ لا خيار لنا غير التأهل، كون الفريق لا ينقصه أي شيء من أجل التواجد مع كبار القارة السمراء السنة المقبلة، خصوصا وأنه يملك لاعبين كبار ومدربا كبيرا يملك خبرة عالية في مجال التدريب. وأظن أن الفدرالية الجزائرية ستوفر كل الإمكانيات لإعادة بناء فريق قوي مع هذا الجيل، الذي عليه أن يشرّفنا في المحافل الدولية سواء أكانت قارية أو عالمية، فلا يجب أن نكتفي بالبطولة الإفريقية، بل علينا أن نفكر في أبعد من ذلك، وهو التأهل إلى كأس العالم 2014 بالبرازيل. كيف تقيّم المنتخب الأولمبي الذي خيّب ظن الجزائريين في دورة المغرب؟ بكل صراحة، لقد فوجئت بإقصاء المنتخب الأولمبي في هذه الدورة، وكأنه ليس نفس الفريق الذي شارك في التصفيات المؤهلة لهذه البطولة، إذ لم نر الوجه الحقيقي للخضر ولم نكن ننتظر هذا الخروج المخيب، خصوصا بعد التربصات التي أجراها أشبال آيت جودي والتي دامت طويلا قبل الدورة، فعليكم أن توجهوا الأسئلة إلى المعنيين الذين كانوا متواجدين في المغرب، لأنهم أدرى بما حدث هناك. نشكرك مرة أخرى محيي الدين مفتاح على منحنا القليل من وقتك، ونترك لك حرية ختام هذا الحوار الشيّق. أشكركما على هذه المبادرة الجميلة، وأتمنى لجريدة "المشوار السياسي" النجاح والتوفيق.