بعد حالة الترقب التي عاشها الرأي العام التونسي مع انتهاء المهلة الدستورية للرئيس، قيس سعيد، لاختيار شخصية تتولى قيادة مشاورات تشكيل الحكومة، التي لم تر النور منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر الماضي، تم تكليف الوزير الأسبق، إلياس الفخفاخ، بتكوين الحكومة في أجل لا يتجاوز مدة شهر. ويأتي هذا التكليف في ختام سلسلة من المشاورات الكتابية التي أجراها الرئيس التونسي، قيس السعيد، مع الأحزاب والكتل والائتلافات بمجلس نواب الشعب، وبعد لقاءات مع المسؤولين عن أكبر المنظمات الوطنية ومع عدد من الشخصيات التي تم ترشيحها. ويخول الفصل 89 من الدستور التونسي لرئيس الجمهورية تحديد الشخصية التي يراها الأقدر على تكوين حكومة، وتم تكليف إلياس الفخفاخ، الذي شارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة كمرشح لحزب التكتل من أجل العمل والحريات، كما سبق له الفوز سنة 2011 بمقعد في المجلس الوطني التأسيسي عن هذا الحزب، وقد عين لاحقا وزيرا للسياحة ثم وزيرا للمالية. وعقب تكليف الرئيس التونسي الفخاخ بتكوين الحكومة المقبلة، قال رئيس الوزراء المكلف أن حكومته التي تسعى إلى نيل ثقة البرلمان ستفتح المجال لأوسع حزام سياسي ممكن، بعيدا عن أي إقصاء أو محاصصة حزبية مع الوفاء بتوجه الأغلبية الذي عبر عنه التونسيون في انتخابات أكتوبر الماضي. وفي أول كلمة عقب تكليفه، مساء الإثنين، أكد الفخاخ على أن حكومته ستمتنع عن الدخول في أي نزاعات سياسية ضيقة، وستركز كل طاقاتها وإمكاناتها على العمل من أجل مواجهة التحديات ذات الأولوية وهي بالأساس اقتصادية واجتماعية مع تعزيز المكاسب الديمقراطية. وستتشكل الحكومة المقبلة، بحسب الفخاخ، من فريق مصغر ومنسجم وجدي يجمع بين الكفاءة والإرادة السياسية القوية والوفاء للثوابت الوطنية، وستتعاون مع رئاسة الجمهورية لتحقيق أهداف السلطة التنفيذية التونسية في خدمة الشعب. وشدد على أن حكومته ستعمل على تغيير جدي في السياسات العامة نحو إرساء شروط الدولة العادلة والقوية التي تنصف فئاتها الأضعف وتنهي عقود الفقر والتهميش. أقل من شهر لاختيار أعضاء الحكومة المقبلة كلف الرئيس التونسي السياسي ووزير المالية الأسبق، إلياس الفخفاخ، بتشكيل الحكومة الجديدة ليصبح أمامه أقل من شهر لاختيار أعضاء حكومته، وإعداد موجز برنامج عمل لتقديمه إلى البرلمان لنيل ثقة نواب المجلس بالأغلبية المطلقة. وجاء هذا الإجراء بعد فشل مرشح (حركة النهضة) الحبيب الجملي في التوافق مع الأحزاب وتشكيل حكومة تنال ثقة البرلمان وصوت النواب ضدها ب134 صوت، رافضا مقابل موافقة 72 نائبا في العاشر من جانفي الجاري لتنتقل وفقا للدستور صلاحية اختيار المكلف بتشكيل الحكومة بالتشاور مع الأحزاب إلى الرئيس التونسي الذي طلب من الأحزاب مقترحات مكتوبة بشأن الشخصيات التي يرونها الأقدر، وكان من بينها إلياس الفخفاخ ولكنه لم يكن الأكثر ترشيحا حيث اقترحته الكتلة الديمقراطية (41 مقعدا) وحزب تحيا تونس (14 مقعدا). وأمام الفخفاخ الآن شهر ليشكل حكومة ائتلافية قادرة على الفوز باقتراع على الثقة في البرلمان بأغلبية، وإذا لم ينجح في ذلك فستجري انتخابات جديدة، بينما تواجه البلاد تحديات اقتصادية عاجلة. ويدعم حزبا التيار الديمقراطي (22 نائبا من مجموع 217 نائب) و تحيا تونس (14 نائبا) تكليف الفخفاخ، في حين أعلنت قيادات عن حزب قلب تونس (38 نائبا) رفضها المطلق له، بينما لم تبد حركة النهضة (54 نائبا) أي تحفظ على شخصه. وعن اختيار الرئيس التونسي الفخفاخ تحديدا لتكوين الحكومة المقبلة، أفادت تقارير إخبارية بأن هذا القرار ينبع من اهتمامه بالأولويات الاقتصادية بعد انخفاض معدل النمو وارتفاع الدين العام وتراجع الخدمات على مدى عشر سنوات تقريبا منذ ثورة 2011. واعتبرت أوساط سياسية تونسية، أن الفخفاخ شخصية سياسية وله تجربة في الحكم وفي إدارة دواليب الدولة وتوجهاته اجتماعية، خاصة وأن تونس الآن في حاجة إلى حكومة ذات برنامج اجتماعي، كما للفخفاخ قراءة للمشهد السياسي في البلاد وهذا سيساعده على تشكيل حكومة سياسية، وشدد هؤلاء على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة حاملة لمشروع وطني اجتماعي واقعي وطموح ولها برنامج إصلاحات لكل القطاعات منها التعليم والصحة والمرافق العمومية، وتكون أولويتها المطلقة محاربة الفساد ودعم الهيئات الرقابية والقضائية. ورأت أحزاب سياسية تونسية، منها حركة النهضة، أن يساعد هذا التكليف تونس على الخروج من هذه المرحلة الصعبة وأن ينجح رئيس الحكومة المكلّف في تكوين ائتلاف حكومي ينال الثقة أمام البرلمان، وتنطلق الحكومة في معالجة أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية لأن الوضع لم يعد يحتمل.