لازالت أساليب الاعتماد على العقاقير والأعشاب الطبية شائعة بكثرة، رغم التطور الطبي وتوفر الاختصاصات التي يشهدها هذا القطاع، غير أن العديد من العائلات الجزائرية بقيت تقصد دكاكين العشابين لاقتناء ما يلزمها من اجل التداوي بالطريقة الطبيعية، وتشهد معظم الأسواق الجزائرية وبمختلف الولايات انتشارا رهيبا لباعة العقاقير والأعشاب الطبية التي أصبحت اليوم تنافس الطب العصري والتي فرضت مكانتها مع الدواء، خاصة لدى النساء وكبار السن، الذين أثبتت لهم فعاليتها في معالجة العديد من الأمراض، الا أن جهل العديد من المواطنين لكيفية استعمال كلا العلاجين جعلته يشكّل خطرا على صحة المريض وهو ما قد يؤدي إلى الموت، وعلى إثر هذا، ارتأت "السياسي" أن ترصد آراء بعض المواطنين في هذا الموضوع الذي يطرح نفسه في سوق الأدوية الكيمائية، فضلا عن استشارة بعض المختصين لمعرفة تداعيات المزج بين الدواء التقليدي والمصنع كميائيا، خاصة الأول الذي لا تحكمه قوانين علمية ودراسات بالمقارنة مع الثاني. الأعشاب الطبية تفرض مكانتها مع الدواء عرف الطب البديل شهرة كبيرة في مجتمعنا، فأصبح العديد من المرضى ممن عجزت الأيادي الطبية عن شفائهم من أمراضهم المستعصية والمزمنة يعيشون على أمل فعالية هذا الطب الذي يعتمد على طرق مستوحاة من الطبيعة، وأمام الآثار الجانبية التي باتت تسبّبها بعض الأدوية للمرضى، فقد الكثير منهم الثقة بفعاليتها لإحتوائها على المواد الكيميائية التي تفوق سلبياتها إيجابياتها، اذ اصبح الكثير من المختصين في هذا المجال يعملون على تطويره وذلك بطرق مختلفة كالتداوي بالعسل وبالزيوت الطبيعية خاصة بعدما لاقت نجاحا كبيرا في وسطنا الاجتماعي، فبالرغم من أن بعض الطبقات الميسورة لا تؤمن بهذا الطب وتفضّل شراء الأدوية، إلا أن أغلبية محدودي الدخل إختاروا التوجه للطب التقليدي للعلاج بعدما أنفقوا أمولا طائلة في شراء أدوية لم تجد نفعا لأمراضهم، وفي هذا الصدد، توجهنا الى احدى محلات بيع الأعشاب والذي فتح محلا وجعل منه كعيادة لإستقبال زبائنه من المرضى الذين يعانون من أمراض متنوعة منها المستعصية والمزمنة، حيث وجدنا إزدحاما كبيرا بقاعة الإستقبال، فاقتربنا من إحدى المصابات بمرض البهاق الجلدي، حيث أكدت من خلال حديثها، أنها زارت العديد من الأطباء الذين نصحوها بتناول أدوية لكنها لم تكن فاعلة بل تسبّبت في تدهور صحتها للأسوأ مما دفعها للتوجه لطبيب الأعشاب الذي نصحتها قريبتها بإستشارته بعد شفائها السريع من مرض كانت مصابة به. وامام ازدياد الاقبال على هذا العلاج، راحت في مقابل ذلك، تجارة الأعشاب الطبية في التوسّع أكثر فأكثر، لتنتقل إلى المحلات والمتاجر المختلفة. نجاعة التداوي بالأعشاب جعلته قبلة للكثيرين لعل أهم شيء جعل المواطن الجزائري عبر مختلف ولايات الوطن يلجأ إلى التداوي بالأعشاب والتخلي عن الدواء هو الطب البديل، هذا الأخير الذي استطاع، حسب تصور الكثيرين، أن يعوض الطب الحديث، فرغم البحوث والإمكانيات التي تتوفر في الطب الحديث، إلا أن معظم الناس فضّلوا الخروج في رحلة بحث خاصة عن سبل أخرى لتسكين الآلام والأوجاع، فلم يجدوا طريقا لتحقيق ذلك إلا في ما توفره مستحضرات الأعشاب الطبيعية بخلطاتها المختلفة، اذ يعد هذا الأخير من الظواهر العريقة التي لطالما اعتمد عليها في القديم للتداوي، وها هي اليوم تثبت نجاعتها في شفاء العديد من الأمراض، وهو ما جعل الكثيرين يلجأون إلى اعتمادها، وفي هذا الصدد، تقول كريمة «إن معاناتي مع آلام الروماتيزم لم تنته الا بالادوية العشبية، فبعد استعمالي لمختلف المسكنات، لجأت الى طب الاعشاب، والحمد لله، وجدت فيه راحة ومسكنا لآلامي»، لتضيف احدى السيدات ممن التقتهم "السياسي" قائلة: "بالرغم من النجاح الذي حقّقة طب الاعشاب، الا انه هناك العديد من الامراض يجب الاستشارة الطبية فيها خاصة فيما يتعلق بالامراض الداخلية". كما يعتبر العديد من الجزائريين ان طب الاعشاب انجع في علاج بعض الامراض من الطب الحديث مثل بعض الاورام الخبيثة في الدم والمعدة والرحم والثدي وغيرها لتقول آمال في هذا السياق، والتي التقيناها بأحد محلات بيع الاعشاب بالشراڤة "كنت أعاني من ورم على مستوى الرحم والاطباء اصروا على استئصاله، وعلى إثر هذا، لجأت الى طب الاعشاب والذي وصف لي عشبة تسمى ب«الرستم» التي كانت هي الحل لورمي الذي كان يعيقني»، أما جمال، فقال «كان ابني يعاني من حساسية لا تطاق عجز الأطباء عن علاجها، فكان طب الأعشاب هو الحل». المختصون: «للتداوي العشوائي بالأعشاب مخاطر يجهلها المواطنون» وخلال حديثنا مع العديد من المواطنين عن خطر المزج بين العلاجين، أجمع العديد من الناس على مقولة العشابين "إن لم ينفعك لن يضرك"، متجاهلين بذلك الاخطار الناتجة عن هذا المزج، وفي هذا الصدد، يقول الطبيب العام سرير، أنّ ثمّة أضراراً جانبية مختلفة قد تؤدي إلى الوفاة، ويشير إلى وجود أعشاب متداولة لكنها سامة، كعشبة "الدفلة"، و"المثنان" الخاصة بالبواسير، إذ تحتوي الثلاث عشبات على مواد سامة، لكن الناس يستهلكونهما بكثرة وهو ما يعرضهم لأضرار غير مأمونة ناتجة عن جهل استعمال الأدوية، فهناك أناس تكون لهم حساسية جراء مكونات بعض الأعشاب، فيحدث لهم إحمرار جلدي، وتشنجات هضمية، لأنّ استعمالها بالمقادير، ويضيف المتحدث ان هناك العديد من الأعشاب التي تؤثر على الأدوية العادية، إذ أن هناك تفاعلات كيمائية، خاصة الأعشاب المعروفة بتحفيز الدورة الدموية، حيث لا تتماشى مع الأسبرين مثلاً، مثل الزنجبيل، والجنسينق، والزعرور، كما ان التداوي بالأعشاب يتطلب معرفة كافية بالمواصفات والاستعمالات والمضاعفات، ملاحظا أنّه في حال ما إذا فضّل بعض الأشخاص التداوي بهذه الأعشاب نظرا لمنافعها، فعليهم ألا يجهلوا مضارها ومضاعفاتها أيضا، وعدم الخلط بين العلاجين، لان ذلك قد يكون قاتلا، وفي هذا الصدد، كانت لنا شهادة حية لاحدى المريضات التي استعصى علاجها، فقررت اللجوء الى طب الاعشاب الذي وجهّ لها خلطة بالاعشاب والعسل، لتشفى لبعض الايام ثم تصاب بمرض آخر مع إتمام تناولها لتلك الخلطة، وفي هذا الصدد، تقول "ص. ص": "أصبت بجفاف الكليتين وهذا للخلط بين الادوية العشبية والادوية الكيماوية، لدرجة اصبحت طريحة الفراش لمدة 3 سنوات ولازلت اعاني وهذا كله لعدم معرفتي بأخطار هذا الامر"، وفي هذا السياق، أصر الدكتور على ضرورة سن قوانين لممارسة مهنة الطب البديل في الجزائر. المزج بين الدوائين قاتل ومن جهة اخرى، اكد بائع الاعشاب "مختار. ف"، ان العلاج بالاعشاب يستلزم عدم مزجه بالعلاج الكيماوي، لان ذلك له مخاطر على صحة المريض، لذا يستلزم على المقبل على هذه الأدوية العشبية معرفة حالاته وعدم استخدامه للادوية الصيدلانية لان كل نوع يقدم بمقادير وبالطبع ان زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، لذا، يجب على كل المرضى اخذ الحيطة في استخدام كلا العلاجين، كما اصر مختار في هذه الناحية على تشجيع البحث في الطب البديل باعتباره مكمّلا للطب الكلاسيكي، مشيرا إلى أن هناك أمراضا مستعصية تعالج عن طريق الطب البديل على غرار أمراض التهاب الكولون والحساسية ومستدلا بطرق علاجية ناجحة تستعمل في هذا المجال كالوخز بالإبر والعلق الطبي (دودة العلق). وفي الاخير، يضيف الطبيب العام قائلا: "وفي كل الأحوال ومهما كانت المبررات والأسباب التي تدفع بالفرد الجزائري إلى اختيار التوجه نحو محلات الأعشاب بدل الطبيب، تبقى الحيطة والحذر ضرورية لتفادي ما لا يحمد عقباه".