لازالت الجلابة والقشابية تحتل مكانة هامة في أوساط المواطنين بالغرب الجزائري، على غرار ولاية معسكر بالنظر إلى ما يمثله هذا اللباس من موروث ثقافي وتقليدي عريق للمنطقة، سيما مع الإقبال الواسع لاقتنائها من طرف الشباب، فلازالت العديد من ولايات الوطن مثل المسيلة وقسنطينة وغيرها من الولايات تحافظ على مكانة هذا الإرث التقليدي الذي تزخر به العديد من المناطق، بفضل وجود العديد ممن اختار الحفاظ على هذا الموروث التقليدي، من خلال مواصلة الحرف التي توارثوها جيلا بعد جيل. فصناعة النسيج، وإن اقتصرت على بعض العائلات المعروفة في بعض الولايات بحياكة القشابية والتي اتخذت منها وسيلة لكسب المال، إلا انه وفي السنوات الأخيرة ومع مواكبة الموضة، أبت هذه الصنعة المحلية من عبق الأجداد التحدي والصمود من اجل البقاء. حرفيون: انتشار ذهنية الربح السريع أكبر تهديد للحرفة تعد حياكة القشابية من الحرف التقليدية كما تعد أيضا من صميم ممارسة النشاطات الاقتصادية ذات الدخل المتجدد والمحدد في وقت معين، وما يُلاحظ أن العديد من العائلات اتخذت من الأنشطة الحرفية موردا لدخلها كما هو الشأن في مجال حرفة النسيج بأنواعه وعلى وجه الخصوص نسيج البرنوس والقشابية، إلا ان هذه الأخيرة على وشك الاندثار بسبب تخلي العديد من الأسر عن هذه الحرفة التقليدية، وفي ظل هذا الواقع، يقول احد الحرفيين الشباب بمعسكر، أنه ورث حرفة صناعة القشابية عن الأجداد، مضيفا أن الراحل والده أوصاه بالتمسك بالحرفة وتعليمها لأبنائه. وكشف المتحدث أنه يخيط القشابية على الطريقة التقليدية اي بيديه دون أن يكون بحاجة إلى الآلة. ويرى بعض الحرفيين ان أكبر تهديد للحرفة في الجزائر عموما، هو انتشار ذهنية الربح السريع في أوساط المجتمع الجزائري، وفي ذات الشأن، أكد احد الحرفيين، أن زوال حرفة خياطة القشابية يعود إلى عدم توريثها من قبل الآباء للأبناء وبالتالي، فإن عدم المحافظة عليها من قبل الأبناء أدى الى اندثارها مشيرا إلى أنه في سنوات خلت، اشتهرت مدينة معسكر بمحلات خياطة القشابية التي تعج بها أزقتها وأحيائها العتيقة. ومن جهة أخرى، أعرب احد المواطنين عن أسفه الشديد الى ما آلت إليه هذه الحرف و هذا لغياب التشجيع وغيرها من الأمور قائلا: إن غياب التشجيع اللازم من شأنه أن يؤثر على بقاء الحرفة مدة أطول في زمن يكثر في الاعتماد على الأشياء والألبسة العصرية ساهم في اندثار الحرف التقليدية التي كانت في وقت مضى مصدر رزق للعائلات، على غرار انتشار ذهنية الربح السريع التي تريد أن تقضي على هذه الحرفة ، ومن جانب آخر، يضيف احدهم بالرغم من ظهور العديد من الألبسة التقليدية، إلا ان العديد من المواطنين لازالوا يلجأون الى القشابية خاصة في موسم الشتاء القارص حيث تصبح الحل الوحيد لمواجهة تلك البرودة التي تتميز بها العديد من الولايات . مصلحة الصناعات التقليدية: الدولة تسعى للحفاظ على التراث بالتكوين والتمويل وأمام تخلي العديد من الأسر عن هذه الحرف التقليدية، تسعى الدولة للحفاظ على هذا التراث والنشاط وحمايته من الاندثار والزوال، من خلال التكوين والتمويل، وفي السياق ذاته، أكدت رئيسة مصلحة بغرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية معسكر، سفير خديجة، انه استنادا إلى الإحصائيات المنجزة من قبل مصلحتها، فإنه تم إحصاء 3946 حرفي، مشيرة إلى أن هذا العدد يتضاعف في الواقع كون الحرفي لا يشتغل لوحده بل هناك من يشتغل معه ولهذا فان دعم الدولة يوجه لمساعدة هذه الشريحة حيث قامت بفتح لهم أبواب التشغيل على مستوى المعلم الحرفي حيث باستطاعته أن يشغل الحرفيين على مستوى ورشته عن طريق الوكالة الولائية للتشغيل، ولم تخف المتحدثة ان هذه الفرصة من بين عدة فرص التي يحظى بها الحرفي، على غرار استفادته من شهادة التأهيل كما يتم مساعدته من قبل الصندوق الوطني لترقية النشاطات التقليدية الفنية. وأوضحت رئيسة مصلحة بغرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية معسكر، ان هذا الدعم يتم بدون مقابل حيث لا يعيد الحرفي أي سنتيم وهو موجّه فقط لشريحة الصناعة التقليدية الفنية خاصة التي تعتد على اليد خوفا من زوالها واندثارها مما دفع بالدولة إلى إنشاء هذا الصندوق لدعم هذه النشاطات سواء بالنسبة للمرأة الماكثة بالبيت او الرجل الذي يمتهن حرفة تقليدية كالنقش على الخشب، الحدادة الفنية، الخياطة التقليدية، الطرز التقليدي وغيرها من النشاطات التقليدية