دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، لالتقاء كل الإرادات الوطنية في كنف من التضامن والتعاون والوئام، لتمتين قوام ما سيتم إنجازه، وإرساء الأسس التي تمكّن من تنفيذ البرنامج الجديد على أكمل وجه وفي أفضل الظروف، متعهدا بالعكوف قريبا على إنجاز التزاماته، بإحداث تطوير عميق في الدستور وترقية الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لبناء جزائر قوية تسير نحو العصرنة. وقال الرئيس بوتفليقة في رسالة بمناسبة إحياء الذكرى ال69 لمجازر8 ماي 1945، قرأها نيابة عنه أول امس بولاية البويرة التي احتضنها الاحتفالات الرسمية بهذه الذكرى، محمد علي بوغازي، مستشار برئاسة الجمهورية سأعكف، في القريب، على إنجاز ما التزمت به من إحداث تطوير عميق في الدستور، وفي ترقية مناخ الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ترقية تفضي إلى جزائر قوية متوثبة نحو التقدم والحداثة . وأضاف الرئيس بوتفليقة في هذا السياق قائلا إن بناء الدولة القوية، العادلة القائمة على الحرية، على مكارم الأخلاق، وعلى المؤسسات الملتزمة بواجباتها وحدود صلاحياتها، وعلى احترام حرية المواطن، وتيسير حياته وتأمين رقيه وازدهاره، في كنف التوازن بين الحقوق والواجبات،لا يتحقق إلا بتضافر جهود الجميع واتحادها، في جو هادئ متحد بعيد عن مناخ الشحناء والتنافر . واضاف رئيس الدولة وليس القصد هنا الدعوة إلى الحجر على حرية الرأي والنقد والحق في الاختلاف، من حيث هي مقومات البناء الديمقراطي الذي لا محيد عنه، بل القصد هو أن تلتقي كل الإرادات الوطنية في كنف من التضامن والتعاون والوئام، لتمتين قوام ما ننوي إنجازه، وإرساء الأسس التي تمكن من تنفيذ البرنامج الجديد على أكمل وجه وفي أفضل الظروف . الديمقراطية لا تعني التشنج والتلاسن والتهويل وعند تطرقه لقواعد اللعبة الخاصة بالديمقراطية، ذكر الرئس بوتفليقة، أن الديمقراطية لا تعني التشنج والتلاسن والتهويل، ولا توجد ديمقراطية سليمة تبنى على التنافر المنهجي وتحتكم الأطراف الفاعلة فيها إلى معيار الخصومة الدائمة والتضاد المحتوم. فثمّة أوضاع معينة تملي طرح الخلافات جانبا، والتعاون في نطاق القواسم المشتركة، ومن منطلق الحرص على المصالح العليا للأمة والوطن . بوتفليقة يتعهد بمواصلة محاربة الفساد وبناء منظومة اقتصادية وبخصوص تحديات المرحلة القادمة، أشار الرئيس بوتفليقة في رسالته إلى أن هناك العديد من التحديات الجدية القائمة على الصعيد الخارجي، سواء على مستوى الجوار أو على المستوى الدولي، وعلى الصعيد الداخلي، منها تقوية دولة الحق والقانون، وتعزيز الحكم الراشد ومحاربة الانحرافات ومظاهر الفساد وبناء منظومة اقتصادية قوية تعتمد على الموارد الذاتية وعلى التنوع، وتعزيز النسيج الاجتماعي والحماية الصحية والارتقاء بالتعليم في كافة أطواره . وبخصوص فتح المجال أمام الشباب لحمل المشعل، قال رئيس الدولة في هذا السياق إننا أمام مشوار آخر في مسيرة البناء يؤسس للمسقتبل ويملي علينا إتاحة الفرصة للأجيال الجديدة والكفاءات الشابة التي تزخر بها بلادنا، كي تدلي بدلوها في بناء هذا الوطن وتحصينه وضمان منعته . وفيما يتعلق بمسألة تنويع الاقتصاد الوطني وترقيه ليصبح يستجيب لاحتياجات الشعب، أوضح الرئيس بوتفليقة بأنه لم يعد بالإمكان لا الاستمرار في التهاون في العمل، وفي إنشاء الثروة وتحقيق التراكم وفي القيام بالواجبات، ولا التمادي في استغلال ما أتاحه الله لنا من الموارد الطبيعية التي هي ملك للأجيال المقبلة . وفي هذا الصدد، يرى الرئيس بوتفليقة، انه لا يمكن أيضا الاستمرار في الاستهلاك غير المجدي وفي التقصير وضعف الرشاد في التسيير، وعدم إبلاء العمل المنتج الخلاق في جميع حقول النشاط ما يستحقه من أولوية وعناية . وذكر رئيس الجمهورية في رسالته أن الأمم التي اعتمدت على الجهد والعرق نهضت في حين تخلفت الأمم التي اعتمدت على عوائد خاماتها، تماما كما انتصرت بالأمس الثورات التي اعتمدت على طاقة أبنائها وفشلت تلك التي أوكلت مصيرها إلى غيرها . أحداث 8 ماي 45 وحّدت صفوف الشعب الجزائري وأكد رئيس الجمهورية، أن أحداث 8 ماي 1945، وحّدت صفوف الشعب الجزائري وأسقطت كل الرهانات، إلا رهان خيار النضال والكفاح من اجل التحرر والانعتاق. وقال الرئيس بوتفليقة لقد أسرى الثامن من ماي في عروق الجزائريين المعذبين في الأرض حرارة الفداء والتضحية بالدم ، وفي هذا السياق، أضاف رئيس الجمهورية في رسالته قائلا أن ال8 ماي 1945 حقّق في صفوفهم الإجماع، كي تصبح الكلمة لهم وقد صدحوا بها عاليا، وتحولت مأساة ماي إلى أمجاد نوفمبر. وبالرغم من فداحة النكبة النكراء القاسيةو كان الثامن من ماي 1945 شاهد الإثبات على سقوط كل الرهانات، إلا رهان واحد وخيار لا محيد عنه هو التحرر والانعتاق بالاتكال على الله وعلى الذات ورص الصف حول البندقية للفوز بالخلاص وتحقيق تقرير المصير . وأشار الرئيس بوتفليقة في رسالته إلى أن الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية آنذاك، قد أعطوا المثل على أنهم الأكثر استجابة وفهما لحركة العالم وللمسار التاريخي الجديد الذي ابتدأ بظهور منظمة الأممالمتحدة، وللمفاهيم التقدمية الداعية لتقرير مصير الشعوب وحماية الحقوق الأساسية للإنسان . وجاء في رسالة الرئيس بوتفليقة أن هذا اليوم كان حجة كافية سفهت أوهام المغررين بأكاذيب المساواة والاندماج ومن سار في ركابهم من المترددين والمتخاذلين، ومؤشرا على أنه لا مناص للجزائريين أن يدفعوا ثمنا أكبر. وذلكم ما حصل بعد بضع سنوات عندما اندلعت ثورة نوفمبر المباركة، فكانت المحطة المفصلية الأخيرة التي حدّدت المسلك لأبناء هذا الوطن ولبلوغ المصير الذي يرتضونه لأنفسهم .