ينتظر التونسيون تشكيلة الحكومة الجديدة التي ستختارها حركة نداء تونس ، بعد أن فازت بالمرتبة الأولى في التشريعية الأخيرة ويتساءل الرأي العام عن إشراك حركة النهضة من عدمه في الطاقم الحكومي أو تفضيل التحالف مع الأحزاب العلمانية فقط. وفي هذا الإطار، يرى عدد من المحللين السياسين أن حركة نداء تونس ستعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق ما تتطلع إليه معظم الاحزاب السياسية وإشراك حركة النهضة فيها لضمان الاستقرار في المرحلة القادمة. وكان رئيس حركة النهضة ، راشد الغنوشي، قد لمح في تصرحات سابقة أن تونس تحكم بالتوافق وبقاعدة واسعة وأن حركته متفتحة على كل الخيارات بغض النظر عن الموقع الذي ستكون فيه المهم ان تكون في خدمة الشعب، ويعتقد فريق آخر ان إستبعاد حركة النهضة التي تعد المنافس القوي لحركة نداء تونس من الحكومة القادمة قد يؤدي الى تقويض سياسات التفاهم التونسية والتسبب في إحداث مأزق سيؤثر على المشهد السياسي والاداء الحكومي. ويستند هذا التيارعلى أن تقويض سياسة التفاهم بين الساسة التونسيين من دون شك سيعمق الانقسامات بين الاحزاب العلمانية والإسلاميين مما سيدفع الجماعات الإسلامية المتشدّدة الى العنف. ويذكر أن سياسة التوافق التي أنتهجها التونسيون السنة الماضية قد ساهمت في خفض التوتر وأنهت مأزقا سياسيا وأدت الى المصادقة على الدستور الجديد الذي حظي بإشادة واسعة في أوساط الرأي العام الوطني. ففي حال تخطي حركة النهضة ، فإن خيارات رئيس نداء تونس الباجي قايد السبسي ستكون ضيقة لاسيما وان تحالفه مع الاحزاب العلمانية الصغيرة لضمان 109 مقاعد كي يشكّل الحكومة سوف لن يكون بالأمر السهل. فحركة نداء تونس تختلف وجهة نظرها فيما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية القادمة مع توجه الجبهة الشعبية المتشدّدة مما يفرض على حزب الباجي قايد السبسي اللجوء الى حركة النهضة لتشكيل تحالف سياسي برأي المتتبعين للمشهد السياسي التونسي. ويلاحظ في نفس السياق أن بناء تحالف برلماني وحكومي مع أحزاب صغيرة سيقلل من فعالية الأداء السياسي ولهذا، فضّلت حركة نداء تونس عدم التسرع وإرجاء كل شي لما بعد الانتخابات الرئاسية للفصل في الاختيار النهائي. وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى ان الباجي قايد السبسي كان قد أكد في تصريح له عقب فوز حزبه في التشريعيات بانه لن يحكم بمفرده، وأن كل شيء سيبقى الى ما بعد الانتخابات الرئاسية علما أنه بالامكان أن يخرج الجناح المتشدد داخل حركة نداء تونس بمفاجأة قد تخالف كل الحسابات. وللإشارة، فإن الرئيس الذي ستفرزه الانتخابات الرئاسية التي ستجرى يوم 23 نوفمبر الجاري هو الذي يتولى تكليف رئيس الحكومة الذي سيقدمه الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة.