شكلت مسألة التركيبة التي ستعرفها الحكومة التونسية المنبثقة عن نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، موضوع الساعة؛ سواء في الأوساط السياسية أو الإعلامية في تونس. والجميع يتساءلون: مع من سيتحالف رئيس حركة نداء تونس باجي قايد السبسي، لتشكيل طاقمه الوزاري؟ وتناولت مختلف الصحف التونسية بإسهاب، هذه القضية بسيناريوهات متعددة وخيارات متاحة، وأخرى مفروضة على حركة نداء تونس الفائزة بهذه الانتخابات. وإذا كانت مختلف العناوين الصحفية أشارت إلى عدة بدائل أمام السبسي، إلا أن ذلك لم يمنعها من الإشارة إلى احتمال حدوث تقارب مفروض بين "نداء تونس" و«حركة النهضة"؛ على خلفية حصولهما على أغلبية نيابية مطمئنة، تسمح بتشكيل حكومة تصمد أمام أية هزات؛ بالنظر إلى أغلبية الثلثين التي حصل عليها كل حزب في البرلمان الجديد. وذهبت صحيفة "لا بريس" الناطقة بالفرنسية، إلى القول في افتتاحيتها، إن أحسن سيناريو يبقى إقامة تحالف بين "نداء تونس" و«النهضة"؛ بقناعة أنه يضمن تشكيل حكومة مستقرة طيلة الخمس سنوات القادمة. وذهبت الصحيفة إلى القول إن استبعاد الحزب الإسلامي الذي يبقى القوة السياسية الثانية في البلاد، يحمل مخاطر حقيقية، قد تؤدي إلى اندلاع حرب إيديولوجية مع كل الانعكاسات السلبية التي يمكن تصورها. وذهبت صحيفة "لوتون" الناطقة بالفرنسية من جهتها، إلى القول إن نداء تونس يوجد في مأزق حقيقي؛ على اعتبار أن الأحزاب المحسوبة على نفس العائلة السياسية، هي أحزاب غير ذات وزن؛ بالنظر إلى عدد المقاعد التي حصلت عليها في التركيبة النيابية الجديدة، ويجعل من تحقيق أغلبية الثلثين الضرورية لتشكيل حكومة معها شبه مستحيلة، وهو ما جعل الصحيفة تتساءل عن الكيفية التي سيعالج بها باجي قايد السبسي مثل هذه الوضعية في غياب حزب قوي يقاسمه نفس الأفكار السياسية؛ مما جعلها لا تستبعد "اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية، تضم فرقاء الأمس". ويأتي إجماع مختلف الصحف التونسية على احتمال الأخذ بخيار إقامة وفاق بين الغنوشي والسبسي رغم أن قياديين في حركة نداء تونس، أكدوا استحالة التعايش مع حركة النهضة، وبالتالي عدم التنسيق معها لتشكيل حكومة جديدة. والمؤكد أن الأمور الجدية لتشكيل الحكومة التونسية، ستنطلق بعد الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات النيابية مساء اليوم، وحينها سيعرف الموقف النهائي لنداء تونس من النهضة ومختلف الأحزاب الأخرى، وسيكون قايد السبسي مرغما على كشف بعض أوراقه على مقربة من الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها ويطمح أن يكون رئيسا لتونس، التي سبق وأن أدار شؤونها كوزير أول في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.