من عادة المغرب، عندما يحاصر على الساحة الديبلوماسية الدولية ويتجاوز كل الخطوط الحمراء إزاء حقوق الإنسان بشأن الصحراء الغربية وشعبها، يتوجّه للجزائر بتجنيد وسائله الإعلامية ومسؤوليه لمهاجمتها، والجديد في هذا أنه تكالب عندما عرف أن ويليام روس سيأتي من جديد إلى المنطقة ليحيي مبادرته الوساطية بين المغرب وجبهة البوليزاريو لبعث المفاوضات. الجزائر بقيت متمسكة بما سطّرته منظمة الأممالمتحدة وتبقى مساندة للشعب الصحراوي حتى ينال قضيته وتقرير مصيره ككل الشعوب، حسب ميثاق الأممالمتحدة الذي أقر الحق لكل الشعوب أن تعبّر عن تقرير مصيرها، وتحقيق الاستقلال الوطني، إلا أن الآلة الإعلامية والدبلوماسية المغربية، على غرار مسؤولي ووزراء خارجية المغرب الذين تعاقبوا على هذه المسؤولية، يصوبون دائما بنادق تهجماتهم تجاه الجزائر بمعاداة كاملة، خاصة الافتراءات التي تقول بإعاقة الجزائر للاتحاد المغاربي، وهذه الخدعة لم ولن تنطلي على الشعب المغربي الشقيق الذي يعرف أتم المعرفة الذي يعرقل وجود اتحاد مغاربي، باعتباره دولة محتلة للصحراء الغربية. ما يؤسفني حقا هو أننا كجزائريين كنا نظن أن محمد السادس نظرا لشبابه سينهج سياسة جديدة ترقى بالمغرب دوليا ولكنه، مع الأسف، بقي يمارس نفس السياسة التوسعية التي ينتهجها المغرب ونفس معاملة القمع ضد الشعب الصحراوي، نفس السياسة التي تمارسها إسرائيل إزاء الفلسطينيين، ولا ننسى بأن ملك المغرب يأخذ نصائحه من الصهاينة الذين سمح لهم بأن يضعوا خلية مخابرة للموساد لتتجسس على دول المغرب والجزائر خاصة، وهذه أسباب ديمومة السياسة القديمة التي يمارسها المغرب الذي لا يهمه الاتحاد المغاربي بل انضم إلى مجلس بلدان الخليج الذي تسيطر عليه المملكة السعودية التي لا تكن الصداقة للجزائر وللأنظمة الجمهورية، وما معنى أن ينضم المغرب لمجلس الخليج دون أن يكون لديه أي ارتباط بالخليج، معناه أن السعودية تضع المغرب تحت حمايتها إن لم نقل تحت وصايتها. أما الأجندة الجزائرية فمعروفة عالميا انطلاقا من مبادئها المساندة للقضايا العادلة في العالم من خلال دعم قضية الشعب الصحراوي مهما كانت وممثلها الشرعي هو البوليزاريو وهو الذي يعبّر عما يريده شعب الصحراء الغربية في استفتاء تقرير المصير. المغرب أصبح يستعمل لعبة سياسية من أجل ذر الرماد في العيون، فاقتراح مشروع الاستقلال الذاتي للصحراء، يريد منه كسب الوقت وهذا سيسمح في الأراضي الصحراوية بإقامة أغلبية مغربية يكون لها حق الاستفتاء في القضية لتعبّر بها هذه الأغلبية بالالتحاق بالمغرب ويكون لديه الوقت الكافي لإنهاء قضية الصحراء الغربية بالكيفية التي يصبو إليها والتي تعني إدماجها للمغرب ومن يدعمون هذا الإقتراح، على غرار فرنسا التي تعرف ما يصبو المغرب إليه من هذا الإقتراح، والذي يعتبر مؤامرة ضد قضية الشعب الصحراوي ونفاق مسؤولي المغرب هو اتهام الجزائر وابتزازها بتصريحاتهم أصبحت عادة نكراء يطلقها نظام المغرب وهي عبارة عن استفزازات موسمية للضغط على الجزائر، بسبب ملف غلق الحدود الذي تسبّب في غلقه المغرب، والآن يريدها مفتوحة ليستفيد من الاقتصاد الجزائري والجزائر تريد حدودا مفتوحة يستفيد منها اقتصاد البلدين ليكون متكاملا لا الاستفادة من جهة واحدة. وتبقى التصريحات المغربية والتهجمات الإعلامية تنم عن أن المغرب يعيش حالة حصار دبلوماسي كبير جدا، وبالتالي يعلق شماعة فشله على الجزائر دائما، رغم أن الأحرى به إذا أراد أن يخرج من العزلة، فعليه أن يكون جديا في مفاوضاته مع الصحراويين وأن يسمح للشعب الصحراوي أن يقر تقرير مصيره بنفسه في استفتاء حر ونزيه، وأن يسمح للاتحاد المغاربي أن يسيّر شؤونه دون أن يربطه المغرب بالقضية الصحراوية، وتكون الجمهورية العربية الصحراوية كاملة العضوية في الاتحاد.