استعادت البرك المائية والسدود والأودية الكبرى بعين الدفلى نشاطها الموسمي، الذي لم يعد يقتصر على سقي المحاصيل الزراعية وتزويد السكان بمياه الشرب، حيث أصبح لها نشاط موسمي فرضته التغيّرات المناخية، مما دفع بالعديد من سكان المناطق المجاورة لها لأن يسبحوا فيها وهو ما حولها، مع مرور السنوات، إلى شواطئ جوارية قاتلة توفر بعض المتعة للزائرين، لكنها تواصل حصد الأرواح البشرية كل صيف. وتتوفر ولاية عين الدفلى على 5 سدود كبيرة وعدة أحواض وحواجز مائية لا يستبعد أن تحدث حالات غرق خاصة في أوساط الأطفال والشباب خلال موسم الصيف، أين تصل درجة الحرارة الى 45 درجة تحت الظل. وعلى الرغم من حملات التحسيس والنداءات المتكررة من الحماية المدنية التي تحذّر الشباب من الذهاب الى أحواض الموت هذه، إلا أن الإقبال عليها لم ينقص خاصة بالمناطق الريفية التي لا تتوفر على مسابح أو هياكل مناسبة لقضاء قسط من الراحة. وأصبحت حالات الغرق حاليا، مثل حوادث المرور، جزءا من الحياة اليومية للمواطنين في هذه المناطق خلال موسم الصيف حيث لا يمر يوم بدون أن يحمل أنباء من الأسى والحزن. تسجيل أكثر من 80 قتيلا منذ 2010 ويظهر للمرء أن الحواجز المائية والسدود أماكن آمنة هادئة غير أنها ليست كذلك لما تشكّله من أخطار على المستحمين فيها، بسبب ما تكدسه من وحل يجذبهم بشكل لا يقاوم في الأعماق ومن ثمّة القضاء عليهم نهائيا تحت الماء. وحسب مسؤول مصلحة الوقاية بمديرية الحماية المدنية لعين الدفلى، النقيب علي بن يحيى، فإن 83 جثة هامدة انتشلها غطاسو هذا الجهاز من سدود الولاية منذ سنة 2010. وأضاف أنه منذ بداية السنة الجارية، هلك 19 شخصا غرقا بالسدود والحواجز المائية للولاية، مشيرا الى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب الحرارة التي لا تزال تجتاح المنطقة. وذكر أنه بمجرد إخطار مصالحهم بحدوث مأساة والوقت الذي تستغرقه للوصول الى مكان الحادث، يجدون الشخص قد فارق الحياة مبرزا أهمية عملية التحسيس لتفادي مآس جديدة. الحرارة والفراغ.. عاملان يغذيان الظاهرة حرارة الصيف غير المحتمّلة ونقص الترفيه على مستوى المناطق النائية للولاية، يجعلان عددا من الشباب ينشغلون بأمور أخرى لقضاء أوقات هذه الفترة من العطلة الدراسية. وعلى غرار العديد من الولايات الداخلية، فإن شوارع مدن عين الدفلى تصبح خالية تماما عند منتصف النهار بسبب الحرارة الشديدة التي تدفع الشباب لإيجاد مخرج للفرار من هذا الحال. وقال تلميذ بالمتوسطة، 13 سنة: ندرك أن السباحة داخل مياه السدود أو الحواجز المائية خطيرة، ولكن، للأسف، لا يوجد ما ينعشنا هنا. نحب قضاء عطلتنا على شواطئ تيبازة أو الجزائر ولكن ليست لدينا الوسائل . وأشار الى أن القلتة هي بمثابة مسبح بالنسبة له وهي الوجهة التي يقصدها الشباب خاصة خلال نهاية الأسبوع ويصل الحال بالبعض منهم الى أن يقفزوا من على الأشجار الموجودة داخلها دون مراعاة الأخطار المنجرة عن ذلك التصرف. ..وللأولياء دور رئيسي في الوقاية من الظاهرة وأجمع العديد من الأشخاص أنه، في معظم الأحيان، يذهب الشباب إلى السدود من أجل السباحة دون علم أوليائهم الذين عليهم أن يبقوا يقظين ويحسّسوا أطفالهم دوما بالمخاطر الناجمة عن التردد على مثل هذه الأماكن. وذكر عبد القادر، الذي فقد ابن شقيقه غرقا في سد أولاد ملوك السنة الماضية، أن الطفل عندما لا يقول لوالده انه ذاهب الى السد، هو بالتأكيد اعتراف ضمني منه بخطورة هذه الأماكن، معتبرا أن رب العائلة يجب عليه مراقبة أولاده بصفة مستمرة. وحذّر من خطورة السباحة بالسدود بقوله كثيرا من الشباب يحسنون السباحة بالبحر والمسبح ولكن على مستوى السد، فإن السباحة تصعب عليهم بسبب طبيعة مياهه . المسابح الجوارية للقضاء على الظاهرة أو التخفيف منها وإلى جانب وضع برنامج خاص لتعليم أطفال المناطق النائية للولاية السباحة على مستوى المسبحين نصف الأولمبيين بخميستي وعين الدفلى، فإن إنجاز مسابح جوارية يشكّل أحد الحلول لظاهرة الغرق داخل السدود، حسبما أكد مسؤول المديرية المحلية للشباب والرياضة، محمد الأمين بختي. وأشار المسؤول الى أن هذه المسابح التي تتوفر على جميع المرافق تسمح لشباب المناطق المنعزلة من الولاية بقضاء أوقات ممتعة بدون خطر والوقاية من الحرارة الشديدة المسجلة في الخارج. وكشف أن 10 مسابح قابلة للفك سيتم وضعها لشباب المناطق النائية للولاية خلال الموسم الصيف الحالي. ومن جهته، ذكر المكلف بالاتصال على مستوى مديرية الشباب والرياضة، شباب بن يوسف، أنه سيتم في الأيام القادمة فتح المسبح الموجود بالمركب الرياضي الجواري لبلدية العبادية، وهو ما يجنّب الشباب، كما قال، خطورة الذهاب الى السدود للسباحة.