نجد بعض المسؤولين في الطاقة مختلفون في احْتمال إرتفاع الإنتاج الوطني من الطاقة، بغية المحافظة على الأسعار في السوق العالمية من أجل مواصلة برنامج تنميتها والنمو الإقتصادي، ولكن هذه الرؤية لا يتقاسمها الكثير من الخبراء في قطاعي الطاقة والإقتصاد الوطني، حيث يرى البعض في ارتفاع الإنتاج وتوفير الصادرات الطاقوية في هذه الفترة التي إنخفضت فيها الأسعار يتطلب رفع الإنتاج والصادرات الوطنية بكمية أكثر، من شأنه أن يهدّد مستقبل الأسعار، لأن الدول المستهلكة ومن خلال الانخفاض الحالي للأسعار، ستمكّنها هذه الخطوة من شراء البترول وادّخار كميات معتبرة لاستعمالها في فترة الشتاء التي تعرف طلبا عالميا كبيرا خلال هذه الفترة. ويرى بعض الخبراء بأن إنخفاض الأسعار سيطول مداه وإذا أرادت الدول المنتجة إرتفاع الأسعار ما عليها إلاّ تخفيض الإنتاج في فصل الصيف للتصدي لحجم الادخار التي سيستعملها الدول المستهلة للبترول خلال فصل الصيف للشتاء لضمان مصالحهم، كما أنهم سيستعملون هذا المخزون للسيطرة على الأسعار في السوق ودفعها نحو الإنخفاض أكثر، وما زاد الطين بلة، هو أن إيران ستلتحق إلى السوق العالمية، بعد تحقيق إتفاقات مع الغرب على النووي، ويعرفون بأن المملكة السعودية سترفض لا محال أن تتخلى عن حصة إيران التي عملت على تسديدها في السوق بإرتفاع إنتاجها، وهذا سيعرقل أي خطة تنتهجها الأوبيك، ولا يريد بعض أعضائه إحترام الحصة التي حددت لهم، ورجوع إيران لسوق النفطي بحصته لا يخدم سياسة الأوبك إذا رفضت السعود ية التخلي عن حصة إيران، وهذا معناه دخول كميات مرتفعة في السوق التي يكون لها إنعكاس في الأسعار لتنخفض أكثر. كما أن الرفع من نسبة إنتاج البترول لن يكون مجديا وله إنعكسات سلبية ومقلقة، حيث ستؤدي إلى تضخم الإنتاج مما سيزيد في معاناة المنتجين مع إنخفاض الأسعار وتدهورها الدائم، وفي هذه الحالة على الجزائر مقاومة هذا التدهور للأسعار بتحديد القيمة المأوية الدائمة لميزانيتها حتى لا تبقى رهينة السوق البترولي والأسعار فيه، خاصة وأن السوق بقي يتداول بين 45 و50 بالمائة دولار، ويمكن لرجوع إيران لسوق البترول بحصته إن لم تتخل السعودية عن حصة إيران، أن يعرف إنخفاض أكثر لأسعار البترول، كما أنه على الجزائر أن تضع في الحسبان بأن المملكة السعودية لا تريد التعامل بحكمة مع سياسة واستراتجية الأوبيك من أجل إستقرار السوق والأسعار، ويرى الخبراء بأن الأسعار في السوق ستبقى غير مستقرة لمدة طويلة ولا يرى آفاقا لإرْتفاعها أو رجوعها للمستوى الذي كانت تعرفه إذا لم تتحكم الأوبيك في استراتجيتها ولا يحترم أعضائها الحصة التي حددت لهم، وإذا توصلت الجزائر إلى تضاخم إنتاجها جراء إكتشافها لمنابع جديدة، ما عليها إلا ضمان طلباتها الداخلية بتحويلها بكل الموارد التي تنتج من البترول مثل صناعات التصفية وإنتاج الزيوت وكل المشتقات بدل أن تأتي بها من الخارج، ووضع الصناعات التحويلية. وقد أصبحت ضرورية للجزائر في إطار البعث بالصناعة في الجزائر، لأن زيادة الإنتاج لهذه المواد وتحويلها في الوطن سيساعد الجزائر على تسديد الطلبات الوطنية وتوفير ما تصدره للخارج إذا أرادت ذلك، كما أن تقوية الإنتاج الطاقوي في الوقت الحالي لا يحلّ أزمة إنخفاض الأسعار في السوق، وحان الوقت للإحتفاض بمنتوجنا ضمن مخطط إستراتيجي لضمان حقوق الأجيال المستقبلية واستعمال مواردنا الطقوية بصفة محكمة بتنويع صادراتنا الوطنية عن الفلاحة والصناعة لبلورة سياسة منسقة بين وحان الوقت بالنسبة للمنتجين والمستهلكين للعمل من أجل إستقرار الأسعار لضمان مصالح الجميع بصفة دائمة ومستقرة، وعلى الجزائر التخطيط لنمط إستهلاك وطني فيما يخص الطاقة، وما تحوله من منتوجات من أجل السير نحو اقتصاد وطني يعيد الروح للصناعات الطاقة المتجددة منها الكهربائية والشمسية والرياحية وغيرها.