أكد عدد من الحرفيين المشاركين في الطبعة الأولى من السوق التقليدي لمدينة الجزائر بقصر رياس البحر بالعاصمة، أن الأسواق العصرية اليوم لا تشجع على استهلاك السلع التقليدية وأن الحل هو عودة السوق بمفهومه القديم. وقال الحرفيون المشاركون في الطبعة الأولى من تظاهرة السوق التقليدي لمدينة الجزائر بقصر رياس البحر بساحة الشهداء، أن عودة السوق في شكله القديم سيعوضهم عن إجحاف الأسواق العصرية في حق السلع التقليدية. وترى الحرفية المختصة في الرسم على الزجاج والفخار، راضية جاري، أن السوق في شكله الحالي لا يشجع السلع التقليدية على الاستمرارية وأن السلع المستوردة، خاصة الصينية منها، اجتاحت الواجهات عوض كل ما هو أصلي. واعترفت الحرفية القادمة من بلدية حجوط، أن ولايتها تيبازة كانت تعج بالأسواق التقليدية في كل حي وكان الجميع يعرض سلعته، وفق تنظيم متفق عليه من قبل الجماعة، عكس الفوضى التي تسود اليوم. ويتفق زميلها رشيد بسكري، حرفي في صناعة الأحذية التقليدية والسلالة، حيث قال إن السوق بمفهومه العصري لا يتحمّل الصناعة التقليدية وأن أعماله يوزعها على بعض المحلات هنا وهناك ويعرضها بدار الصناعات التقليدية حيث الإقبال عليها ضعيف. ويرى الحرفي الشاب، أن فكرة السوق التقليدي كانت رائجة في وقت سابق في ولايته حيث كان الناس يبيعون ما تنتج أيديهم من خضر وحبوب وأدوات وألبسة، متأسفا عن غياب مفهوم السويقة في المدن الكبرى كالجزائر العاصمة. من جهتها، سجلت بابا موسى زينب، حرفية مختصة في فن الموزاييك وصناعة حلي بمواد مسترجعة، أهمية تنظيم سوق تقليدي في قلب مدينة الجزائر وقالت إنها فرصة ذهبية للترويج لأعمالها. واعتبرت ذات العارضة العاصمية، أن اختيار حصن 23 مكانا للسوق فكرة فريدة من نوعها وهي تؤكد السلوكات الاجتماعية والاقتصادية والفنية التي كانت تميز سكان مدينة الجزائر. كما اعترفت بابا موسى أن أجواء السوق التقليدي مميزة قد تحفز المتجول فيها على اقتناء شيء ما، عكس السوق العصرية التي قد تخلّف في نفس الزبون شعورا بالنفور. أما يوسف خوجة أمينة، حرفية مختصة في النسيج بولاية الجزائر، فتقول إن هذا السوق في طبعته الأولى هو تكريم لكل الأسواق التي كانت تعرفها المدن السياحية كتونس والمغرب والجزائر أيضا. وأكدت الحرفية أنه وراء كل السوق، هناك فكر أصيل وتراث وحرف فنية جسّدها الفرد الجزائري في أدوات منزلية متعدّدة، منها (الكانون) و(الحايك) والزرابي و(الطاجين) و(القصعة) و(الحصيرة)، فكانت كلها فنا شعبيا بامتياز. وفي نظر هذه الحرفية، كانت الصناعة التقليدية هي سيدة الأسواق في الماضي وكان الفرد الجزائري يستعمل تلك الحاجات في حياته اليومية وهي، رغم بساطتها، دليل على المعرفة والابتكار. كما ذكرت يوسف خوجة في معرض حديثها، أن فكرة السوق مرتبطة بالمدينة القديمة، فمن أعلى القصبة إلى أسفلها، كان النشاط التجاري المكثف منظما حيث كان مربو الخيول والنحاسيون والحدادون بساحة الشهداء. وأكدت أن السوق القديمة لمدينة الجزائر كان سوقا متفتحا على جميع الحضارات والثقافات وقد ارتبط بالموحدين والعثمانيين والرومانيين أيضا حيث لم تكن تخلو العروض من أوان رومانية. وخلصت المتحدثة إلى القول أن السوق كان هو روح مدينة الجزائر فيه سادت أفكار وتعايشت وفي أرجائه أجواء اجتماعية وروحانية لم تعد موجودة في أسواق اليوم. جدير بالذكر أن السوق التقليدي نظم بساحة قصر رياس البحر قبالة ساحة الشهداء من 27 إلى 29 أوت الجاري، وقد عمد القائمون عليه على إعادة تشكيل السوق في شكله القديم بتنظيم الباعة بمختلف اختصاصاتهم من نساجة ونقش على النحاس ومأكولات وحلي وغيرها.