تطور خطير تشهده العلاقات السياسية بين دول الخليج، ما ينذر بحرب عسكرية قد تعلنها المملكة العربية السعودية وحلفائها على حليفة الأمس دولة قطر خلال القادم من الايام، اذا لم يتم احتواء الوضع بطرق سلمية، خاصة مع تصاعد التوتر في المنطقة، حيث أمرأت قطر قواتها للاستعداد وإطلاق النار على أي قطعة عسكرية تدخل الحدود القطرية للدولة، وهذا دون الرجوع الى القيادة . أعلنت قطر في بيان عسكري، استهدافها لأي قوة عسكرية تنتهك مياهها الاقليمية او اراضيها البرية، وهو تهديد مباشر للدول التي أعلنت قطع علاقاتها الديبلوماسية مع الدوحة، ما يلخص حجم التوتر الذي تعيشه منطقة الخليج، خاصة مع حصار سياسي واقتصادي أعلنته هذه الدول على حليفة الأمس، مما استدعى المواطنين والمقيمين في قطر لادخار المؤن والطعام، وهي الصور المنتشرة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي استغلتها وسائل الاعلام السعودية من أجل تبيان الخوف الذي يعيشه المواطنون القطريون من الحصار المضروب على بلادهم. غزو قطر ليس مستبعدا في ظل هذه الاجواء المتشنجة الخليج، والتي قد تؤدي الى اندلاع حرب عسكرية رابعة بالمنطقة، اذا ما فشلت الوساطات السياسية في حل الازمة التي تبدو بالغة التعقيد، بعد ثلاث حروب متتالية لم تعرف فيها المنطقة الاستقرار على غرار حرب الخليج الاول سنة 1980، والثانية سنة 1990، لتتجدد الحرب مع الغزو الامريكي للعراق سنة 2003، ولا يستبعد الاعلامي والكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان، أن تجر هذه الازمة الاخيرة بين دول الخليج الى اندلاع حرب عسكري، من خلال التدخل في قطر من قبل حلفاء السعودية في ظل ما أسماه بالتواطؤ الأمريكي، والصمت التركي، والتجاهل الدولي، وهي أمور، منفردة او مجتمعه على حد قوله تثير الاستغراب والقلق، ويقول الكاتب خلال مقال نشره على جريدته الالكترونية رأي اليوم الصادرة بلندن، أنه قد جربت الدول الأربع على غرار السعودية والبحرين ومص التدخل العسكري سابقا لإعادة الشيخ خليفة بن حمد جد الأمير الحالي الى عرشه بعد إطاحته من الحكم على يد ابنه الشيخ حمد في انقلاب ابيض، ودخلت القوات الغازية الأراضي القطرية عام 1996 ولم يفشل هذا التدخل الا "الفيتو" الأمريكي وقاعدة العيديد . كما رسم الكاتب الفلسطيني سيناريوهان لعملية التغيير في القيادة القطرية التي يتحدث عنها المحور الرباعي السعودي الاماراتي المصري البحريني فاما السيناريو الاول فيتمثل في حدوث انقلاب داخلي عسكري او امني، يقوده احد اجنحة الاسرة الحاكمة بدعم ضباط كبار، واحتمالات النجاح هنا تبدو ضعيفة لان الأمير هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن ناحية أخرى يعتبر وزير الدولة لشؤون الدفاع السيد خالد العطية ابن خال الوالد الأمير حمد بن خليفة، ومن الموالين جدا له ولنجله الأمير تميم، مضافا الى ذلك ان الأمير الوالد اشرف بنفسه على تركيبة الجيش بحيث يكون مواليا له. في حين يتمثل السيناريو الثاني في ترتيب غزو خارجي تشارك فيه قوات برية إماراتية سعودية مصرية بغطاء جوي سعودي اماراتي، وتوجد قوات ودبابات مصرية في الامارات، مثلما افاد مصدر مصري موثوق، والسيناريو الثاني هو الأكثر ترجيحا في حال اللجوء لقرار التدخل العسكري. ويرجح الكاتب ان التحضيرات ربما اكتملت لتهيئة البديل في القيادة القطرية خاصة وان الصحف المصرية احتفلت بالشيخ الدكتور سعود بن ناصر آل ثاني المرشح الأبرز لخلافة الأمير تميم الذي تعتبره مصر والسعودية والامارات الوريث "الشرعي" للشيخ احمد بن علي اول امير لقطر بعد استقلال عام 1971، واطيح به بانقلاب ابيض على يد جد الأمير الحالي الشيخ تميم بن حمد عندما كان في زيارة الى طهران. ومثلما فوجئنا فجر اليوم الاثنين بهذه الخطوات الحاسمة، لن نستغرب ان نصحوا فجر يوم رمضاني آخر، وربما قبل عيد الفطر، على انباء عن تدخل عسكري جوي وارضي وبحري يطيح بالامير الحالي، وياتي بمن يخلفه على ظهر دبابات سعودية مصرية إماراتية بحرينية، فمن سيمنع هذه الخطوة. موضحا أن جميع هذه الأطراف، ومنهم حلفاء أقوياء لقطر، تدير وجهها الى الناحية الأخرى، او تدس رأسها في الرمال، ولا تريد ان تعرف لانها لا تريد ان تتدخل، حتى الآن على الاقل. قطر تبدي استعدادا للحوار لحل الازمة ستتخذه رحلات خطوط الطيران القطرية، بدءا من صباح اليوم الثلاثاء أيدت قطر المساعي المبذولة لإجراء محادثات مع جاراتها في الخليج لاحتواء الأزمة بعد قطع السعودية والبحرين والإمارات ومصر ودول أخرى علاقاتها الديبلوماسية معها، لاتهامها بدعم الإرهاب، وعرضت الكويت، وهي إحدى الدول التي تشارك في هذا الخلاف - التوسط لإجراء محادثات بين الأطراف، وقالت قطر إنها مستعدة للحوار. وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في لقاء مع شبكة الجزيرة إن قطر تسعى إلى حوار منفتح وصريح . وأرجأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خطابا كان سيوجهه إلى الشعب القطري يتناول قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع بلاده لإتاحة الفرصة والوقت أمام الكويت للوساطة، وقرر اليمن وحكومة شرق ليبيا وجزر المالديف أيضا قطع العلاقات مع قطر وإغلاق الأجواء، وقال الوزير القطري للجزيرة إن الشيخ تميم تحدث هاتفيا ليل الاثنين مع الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وقرر تأجيل إلقاء خطاب للشعب القطري نزولا على رغبته، وأوضح أن قطر قررت ألا تتخذ أي إجراءات مضادة. وقال الشيخ محمد إن قطر تريد أن تتاح لأمير الكويت فرصة التحرك والتواصل مع أطراف الأزمة ومحاولة احتواء الموضوع . وأضاف أن أمير الكويت كان له دور كبير في شقاق خليجي عام 2014 وأن الشيخ تميم ينظر له كوالد ويحترم رغبته بتأجيل أي خطاب أو خطوة إلى أن تكون هناك صورة أوضح للأزمة. وأدى أمير الكويت دور الوساطة لعقود في نزاعات إقليمية واستقبل الشيخ تميم الأسبوع الماضي بينما كانت ملامح الأزمة تتشكل. ويحظر قرار قطع العلاقات على مواطني السعودية والإمارات والبحرين السفر لقطر أو الإقامة بها أو المرور عبرها. كما يقضي بمغادرة المقيمين والزوار من هذه الدول قطر خلال 14 يوما. وينبغي على القطريين مغادرة هذه الدول خلال 14 يوما أيضا. وهذه الإجراءات أكثر صرامة من خطوات أخرى اتخذت خلال شقاق دام ثمانية أشهر في 2014 عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة واتهمت قطر بدعم جماعات متشددة. على كأس العالم 2022 في خطر يتوقع خبراء في الشؤون الرياضية أن تؤدي الأزمة الدبلوماسية الحادة التي اندلعت بين عواصم خليجية عدة والدوحة، إلى انعكاسات سلبية على استضافة قطر المرتقبة لكأس العالم 2022 في كرة القدم، ولقيت هذه الخطوة التي شملت سحب السفراء وإغلاق المجال الجوي والحدود البرية والمنافذ البحرية، انتقاد الدوحة التي رأت فيها سعيا إلى فرض الوصاية عليها. كما يتوقع أن تنعكس الخطوة على كأس الخليج العربي خليجي 23 المقرر أن تستضيفها قطر في ديسمبر المقبل. وقال كريستيان أورليكسن، المحلل المتخصص بالشأن الخليجي في معهد بايكر التابع لجامعة رايس الأمريكية، لوكالة فرانس برس إن ما حصل الاثنين هو تصعيد هائل في الضغط على قطر . وأضاف: أعتقد أنه سيكون له تأثير مهم إذا ما طال أمده . ونالت قطر في العام 2010 استضافة كأس العالم 2022، في خطوة مرتقبة لكونها المرة الأولى التي تقام فيها البطولة الكروية، الأبرز عالميا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على الرغم من أن فوز الملف القطري شابته اتهامات بالفساد ودفع الرشى. وكان الاستقرار الأمني والسياسي الذي تنعم به دولة قطر، أحد الأعمدة الأساسية في ملف ترشحها، إضافة إلى البنية التحتية الضخمة والمنشآت الحديثة التي ستكلف عشرات مليارات الدولارات. وتدفع الأزمة الراهنة إلى طرح علامات استفهام حول الاستقرار السياسي في الخليج، والذي قد يؤثر سلبا على استضافة بطولة من هذا الحجم، علما أن دولا عدة قد تكون مستعدة لاستضافة المونديال، وإن لم تحظ بفترة طويلة للتنظيم والتحضير. ويقول أورليكسن تدرك قطر أن هناك ثمة بدائل، لذا ستبقى مترقبة . وسبق أن طرح اسم الولاياتالمتحدة، التي خسرت أمام قطر في السباق إلى مونديال 2022، كبديل محتمل للاستضافة في حال لم تقم البطولة الكروية في قطر لأي سبب من الأسباب. وأتى قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد نحو أسبوعين من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، أعطت زخما للدور القيادي السعودي في الخليج، وشدد فيها ترامب خلال قمة في الرياض جمعته مع زعماء دول إسلامية، على ضرورة توحد هذه الدول في مكافحة التطرف. وأكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على أنه على تواصل دائم مع لجنة المشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم كأس العالم في قطر. وشدد على أن أي تعليق إضافي لن يصدر في الوقت الراهن . ويرى أستاذ مؤسسة الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية سايمون شادويك أن الأزمة الدبلوماسية الراهنة تطرح مسألة أساسية هي تقييم المخاطر والتخطيط للطوارىء بالنسبة إلى كأس العالم. ويضيف كلما اقتربنا من سنة 2022، أصبحت قطر مكشوفة أكثر. على صعيد السمعة والإحراج، هذه مسألة كبيرة بالنسبة لقطر . وتعمل قطر، على قدم وساق، تحضيرا لكأس العالم، وسط ورشة ضخمة تنفق عليها أسبوعيا 500 مليون دولار، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين قطريين. وكشفت الدوحة النقاب في مايو/أيار الماضي عن استاد خليفة الدولي، أول الملاعب المضيفة للمونديال، بعد إعادة تأهيله. وللمناسبة، قال مساعد الأمين العام لشؤون البطولة في اللجنة القطرية المنظمة ناصر الخاطر أن بلاده تتوقع قدوم 1,3 مليون مشجع، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى الموقع الجغرافي لقطر، سنرى أن غالبية المشجعين سيأتون من المنطقة، لاسيما من المملكة العربية السعودية . كما أبرزت قطر أن استضافة كأس العالم ستنعكس إيجابا على كامل منطقة الخليج، وليس فقط على الدولة التي شهدت طفرة عمرانية واقتصادية خلال العقدين الماضيين. إلا أن الأزمة الحادة المستجدة قد تلقي بظلالها على الموعد المرتقب، وإن كان يبعد خمسة أعوام. ويرى أورليكسن أن إحدى الأرضيات التي استندت عليها قطر (في ملف المونديال) كانت أنها إحدى أكثر الدول استقرارا في المنطقة. القطرة التي أفاضت الكأس هيمنت الأزمة بين قطر والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى، وأصداء الهجوم الذي تعرضت له لندن السبت الماضي على صحف الثلاثاء البريطانية، التي تناولت هذين الموضوعين في افتتاحياتها ومقالات الرأي فيها فضلا عن تحقيقاتها وتقاريرها. وكرست غير صحيفة مقالها الافتتاحي لتناول الأزمة القطرية كما هي الحال مع صحيفة التايمز، وصحيفة الفايننشال تايمز التي نشرت أيضا في صفحتها الأولى تقريرا لمراسلها من دبي، سيمون كير، يرى فيه أن ما حرك السعودية ومصر ودولة الإماراتالمتحدة والبحرين لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق الحدود معها والأجواء والموانئ بوجه وسائل نقلها، كان فدية بمبلغ مليار دولار قدمتها قطر لتحرير أعضاء في عائلتها الحاكمة كانوا في رحلة لصيد الصقور واختطفوا في العراق. وينقل المراسل عن أشخاص، يقول إنهم على صلة بالصفقة التي تمت في أبريل/نيسان، قولهم إن ما اغضب السعودية وحلفاءها هو دفع الدوحة لفدية الى جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تقاتل في سوريا ورجال أمن إيرانيين. وتقول الصحيفة إنها تحدثت إلى اشخاص من كل الأطراف المشتركة في صفقة إطلاق سراح الرهائن، من بينهم مسؤولان حكوميان وثلاثة قياديين من الميليشيات الشيعية العراقية وشخصيتان قياديتان في المعارضة السورية. وتضيف أن مبلغ 700 مليون دولار دفع إلى شخصيات إيرانية وميليشيات محلية تدعمها إيران، لتحرير القطريين ال 26 المختطفين في العراق. كما دفعت الدوحة من 200 إلى 300 مليون دولار إلى جماعات إسلامية في سوريا، ذهب معظمها إلى جماعة فتح الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة مقابل إطلاق سراح 50 مسلحا شيعيا كانوا في قبضتهم. الصحف القطرية : كلنا تميم ! صدرت الصحف القطرية الرئيسية صباح اليوم بعناوين صارخة على صفحاتها الأولى، تؤكد تكاتف القطريين وراء قيادتهم وصمودهم أمام تداعيات الأزمة الدبلوماسية مع عدد من الدول العربية. ونشرت صحيفة الشرق على صفحتها الأولى صورة كبيرة للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع عنوان كلنا تميم كلنا قطر ، وكُتب تحت الصورة بحروف أقل حجما: صاحب السمو يعرب عن تقديره لموقف أمير الكويت ويؤجل خطابه للشعب . وقدمت صحيفة الراية تفسيرا مماثلا للوضع في عنوانها الرئيسي الذي جاء فيه: الشعب قال كلمته: قطر لن تركع..وكلنا حولك يا تميم ، بالإضافة إلى مجموعة من العناوين الفرعية، تشير إلى الجهود المستمرة لاحتواء الأزمة واستمرار اتصالات القيادة القطرية مع أطراف دولية وإقليمية. أما صحيفة الوطن ، فركزت على الاتصالات القطريةالكويتية لاحتواء التوتر، لكنها صاغت العنوان الرئيسي للعدد بلغة التحدي: قطر يا سادة ذات سيادة.. بيانان لمجلس الوزراء والخارجية يفندان قرارات قطع العلاقات.. افتراءات.. ادعاءات.. أكاذيب . كما نقلت الصحيفة، على صفحتها الأولى، تأكيد وزير خارجية البلاد أن فرض الوصاية مرفوض ، وتأكيد مجلس الوزراء على اتخاذ كل ما يلزم من احتياطات لضمان سير الحياة الطبيعية في البلاد رغم عقوبات الجيران. أما صحيفة العرب ، فاختارت عبارة قطر ترفض الوصاية عنوانا رئيسيا، بالإضافة إلى مجموعة اقتباسات من تصريحات جهات مختلفة تقلل من أهمية تأثير الأزمة الدبلوماسية في حياة البلاد وموقعها الدولي، مشيرة في هذا الخصوص إلى تصريحات البنتاغون حول انعدام أي خطط لتغيير الوجود الأمريكي في قاعدة العديد الجوية، وإلى دعوات أمريكا وتركيا وروسيا وإيران إلى الحوار لحل الخلاف.