تنطلق، ابتداء من اليوم، المرحلة الجدية للتحضير لمحليات 23 نوفمبر المقبل بالنسبة للأحزاب السياسية، وبعدما غطت معظمها في سبات عميق بعد ظهور نتائج تشريعيات 4 ماي، يبدو الدخول الاجتماعي المقرر رسميا اليوم فرصة مواتية لزعماء الأحزاب من أجل ترتيب البيت والشروع في مرحلة جمع التوقيعات وإعداد القوائم الانتخابية للرهان المحلي الذي سيشهد مشاركة كل التشكيلات السياسية الناشطة، تقريبا، بما فيها تلك التي قاطعت موعد 4 ماي الماضي. وأعلنت عديد الاحزاب خلال الساعات القليلة الماضية بدء عملية جمع التوقيعات اللازمة للترشح للمحليات المرتقبة في 23 نوفمبر 2017 ، كما شرعت أخرى في تنظيم فعاليات شبانية ونسوية لاستقطاب ما أمكن من المترشحين لملئ القوائم. ويحدد القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، شروط الترشح للانتخابات المحلية، حيث توجب المادة 73 تزكية قائمة المترشحين من طرف حزب أو عدة أحزاب سياسية، أو أن تكون مقدمة بعنوان قائمة حرة. فبالنسبة للأحزاب السياسية، تشترط ذات المادة تحصلها على 4 بالمائة من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المترشح فيها خلال الانتخابات المحلية الأخيرة، أو أن تتوفر على 10 منتخبين، على الأقل، في المجالس الشعبية المحلية للولاية المعنية. ويلزم القانون، الحزب السياسي الذي لا يتوفر على هذين الشرطين أو الذي يشارك لأول مرة في الانتخابات أو في حالة تقديم قائمة حرة، تدعيم قائمته الانتخابية ب50 توقيعا على الأقل، من ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية فيما يخص ل مقعد مطلوب شغله. ولا يسمح لأي ناخب أن يوقّع على أكثر من قائمة، حيث يعتبر التوقيع لاغيا في هذه الحالة، كما يعرض صاحبه لعقوبات تضمنها ذات القانون. وتنص المادة 74 على أن التصريحات بالترشح ينبغي أن تقدم 60 يوما قبل تاريخ الاقتراع، وتمنع المادة 75 القيام بأي إضافة أو إلغاء أو تغيير للترتيب بعد إيداع قوائم الترشيحات ماعدا في حالة الوفاة أو حصول مانع شرعي، حيث يتم في هذه الحالة منح أجل آخر لإيداع ترشح جديد لا يتجاوز 40 يوما قبل تاريخ الاقتراع. وبعدما اقتطعت مناسبة عيد الاضحى قرابة الأسبوع من الوقت الفاصل بين استدعاء رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة وإغلاق باب الترشح للمحليات المقبلة في 24 سبتمبر، تواجه الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات إشكالية عويصة، تتمثل في ضيق الوقت أمام إعداد قوائمها الانتخابية، ولم تتبقّ لها سوى بضعة أسابيع لاستكمال هذه العملية المعقّدة جدّا، لاسيما بوجود النسب المئوية الإقصائية التي ستجعل عدة أحزاب تجد أنفسها أمام حتمية جمع التوقيعات التي تستغرق وقتا طويلا أو التحالف ليسمح لها بالمشاركة، وهي العملية التي تبدو صعبة بفعل الظروف التي تُجرى فيها الانتخابات. وفي ظل العجز المسجل في حشد القواعد وإعداد القوائم على المستوى المركزي للاحزاب، لجأت عديد التشكيلات إلى منح المكاتب الولائية الصلاحيات الكاملة لمعالجة القوائم على المستوى المحلي، خلافا للتشريعيات الاخيرة، الامر الذي ينبئ بتغليب كفة المحسوبية والعروشية و الشكارة في عديد البلديات عبر الوطن. وأمام هذه المعطيات، يحذر مختصون من لجوء احزاب سياسية الى ملئ قوائمها بأشخاص غير اكفاء لتسيير الجماعات المحلية، خصوصا في ظل تواصل عزوف الشباب عن العمل السياسي وعدم قيام الطبقة السياسية بدورها على اكمل وجه في تأطير المناضلين والتحضير الجيد لانتخابات 23 نوفمبر 2017 التي جاءت في وقت تعيش فيه عديد التشكيلات السياسية صراعات داخلية من مخلفات نتائجها السلبية في التشريعيات الماضية. بالمقابل، يتمثّل أكبر تحدٍّ للأحزاب في كيفية إقناع المواطنين بالتوجّه نحو صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، ولو كانت هذه الإشكالية أقلّ طرحا في المحليات مقارنة بالتشريعيات، لأنّ المواطن يرى في أعضاء المجالس البلدية أكثر تمثيلا له من أعضاء المجلس الشعبي الوطني.