فيلم (كفرناحوم) للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، والذي يتحدث عن الطفولة المهملة والمعذبة يترك انطباعا قويا في مهرجان كان السينمائي. بدا الإنهاك جليا على الطفل زين الرافعي بطل فيلم (كفرناحوم) للمخرجة اللبنانية نادين لبكي، إذ غلب النعاس هذا اللاجئ السوري خلال مؤتمر صحافي غداة عرض العمل في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي. فقد تركت نادين لبكي الطفل يغفو خلال ردها على أسئلة الصحافيين بشأن فيلمها الذي أثار إعجابا كبيرا في المهرجان تجلى خصوصا من خلال تصفيق الحاضرين وقوفا لدقائق طويلة بعد عرضه، يوم الخميس. وكان الفتى المولود في 2004 أكد في وقت سابق ردا على أسئلة للقناة التلفزيونية الخاصة بالمهرجان أنه شعر خلال التصوير (بالدلال أكثر مما شعرت به لدى والديّ). وأشار إلى أنه يرغب في أن يصبح ممثلا، كما أنه كشخصيته في الحلم يحلم بالعيش في أوروبا. وقالت المخرجة (من الممكن أن يتم استقباله مع عائلته في النرويج. المستقبل غامض بعض الشيء، آمل أن يساهم هذا الفيلم في فتح آفاق جديدة أمامه). وقالت لبكي قبيل مجيئها إلى الدورة الحادية والسبعين حيث تنافس للفوز بجائزة السعفة الذهبية في المسابقة الرسمية (هذا الطفل الذي أراه في الشارع عندما يختفي إلى أين يذهب؟ ماذا يحلّ به؟ من هم أهله؟ كيف هي حياته؟ هذا ما كان يهمّني). وأوضحت المخرجة التي اكتشفها مهرجان كان العام 2007 بفضل فيلم (سكر بنات): (حاولت من خلال هذا الفيلم أن أكون صوت هؤلاء الأطفال). ولجأ زين الرافعي المولود في درعا في جنوب غرب سوريا مع عائلته إلى لبنان في 2012. ولم ينجح هذا الفتى المقيم في بيروت حاليا في التأقلم مع النظام التعليمي اللبناني وبدأ العمل في سن العاشرة في أعمال بسيطة بينها حمال في متجر كبير بما يشبه الدور الذي يؤديه في الفيلم. وقد رُصد زين على الطريق في 2016 خلال بحث القائمين على فيلم (كفرناحوم) عن ممثلين للعمل. ويتبع الفيلم الفتى زين وهو طفل شارع متمرد في حرب مع والديه اللذين يرفضان إرساله إلى المدرسة ويضربانه. وبلغ هذا السخط ذروته عندما زوجا شقيقته في سن الحادية عشرة. فيهرب زين ويلجأ إلى رحيل وهي أثيوبية لا تملك أوراق إقامة في لبنان ستعهد بحضانة طفلها إليه لتتمكن من العمل.. إلى أن اختفت رحيل في يوم من الأيام.. إلى أن أتت المحاكمة التي ترد في أول الفيلم. وقد لجأت لبكي إلى الكثير من المشاهد الإستعادية لتوضيح المسار الذي أودى بزين إلى هذه النتيجة الصعبة الفهم في البداية. وأوضحت لبكي (كنت أرغب بالتحدث عن المنظومة العامة وطرح تساؤلات عن الطفولة المعذبة والاستعباد المعاصر ومفهوم الحدود وهذه الأوراق التي تحدد وجودنا والتي يُستثنى الناس بدونها من المنظومة). وقد صوّر هذا الفيلم على مدى ستة أشهر مع ممثلين جميعهم من غير المحترفين بينهم زين الذي يؤدي دوره، إلى جانب طفل صغير يتولى المسؤولية عنه على الشاشة. وأكدت نادين لبكي (هؤلاء الأطفال لا يمثلون، بل هم يعكسون حقيقتهم). يذكر أن (كفرناحوم) هو أول عمل لبناني منذ 27 عاماً ينافس على السعفة الذهبية، بعد مشاركة المخرج الراحل مارون بغدادي عام 1991 بفيلم (خارج الحياة) الذي أحرز آنذاك جائزة لجنة التحكيم (بالتساوي مع الدانماركي لارس فون ترير عن فيلمه أوروبا ).