وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد رئيسا للحكومة التونسية كلف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس الاثنين، وزير الداخلية السابق الحبيب الصيد (65 عاما) الذي تولى مسؤوليات في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تشكيل و رئاسة الحكومة الجديدة بعدما رشحه إلى هذه المهام حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة. وقال الصيد للصحافيين إثر لقاء مع الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج الرئاسي «رئيس الجمهورية (...) كلفني ببدء المشاورات لتكوين أول حكومة في الجمهورية الثانية. وابتداء من اليوم ( أمس)، نشرع في المشاورات مع الأحزاب والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، ونحاول قدر المستطاع انهاء المشاورات في اسرع وقت ممكن». ورشح حزب «نداء تونس» الذي أسسه الباجي قائد السبسي، الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة، باعتباره وبحسب الدستور التونسي، الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد في مجلس نواب الشعب (البرلمان) المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر. وقال محمد الناصر نائب رئيس حزب نداء تونس في تصريحات للصحافيين أمس، إثر تقديمه ملف ترشيح الحبيب الصيد إلى الرئيس التونسي، أن الصيد «شخصية مستقلة» وصاحب «كفاءة وخبرة» خصوصا في المجال الأمني مذكرا بأنه عمل في «حكومة الثورة». وبعدما أطاحت الثورة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، تولى الحبيب الصيد وزارة الداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي التي قادت البلاد حتى اجراء انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011. وقد عينه الاسلامي حمادي الجبالي رئيس الحكومة المنبثقة عن انتخابات المجلس التأسيسي، مستشارا للشؤون الأمنية. وكان الصيد شغل مسؤوليات عدة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منها رئيس ديوان (مكتب) وزير الداخلية. وأضاف محمد الناصر أن حزب نداء تونس أجرى مشاورات مع أحزاب «الاتحاد الوطني الحر» (16 مقعدا في البرلمان) و»آفاق تونس» (8 مقاعد) و»المبادرة (3 مقاعد) حول ترشيح الصيد لرئاسة الحكومة. ويملك نداء تونس 86 مقعدا من إجمالي 217 مقعدا في البرلمان. ولا يملك الحزب الأغلبية المطلقة من المقاعد التي تؤهله قانونيا لتشكيل الحكومة بمفرده أي 109 من إجمالي 217 مقعدا. وأكد حزب نداء تونس مؤخرا بلوغ الأغلبية المطلقة بفضل «مساندة» أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان. ورحبت حركة النهضة الإسلامية بترشيح الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة. وكانت حركة النهضة حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014 وحلت الثانية في الانتخابات التشريعية الاخيرة بحصولها على 69 مقعدا في البرلمان. وقال زياد العذاري الناطق الرسمي باسم الحركة لوكالة الأنباء الفرنسية «تلقينا بشكل ايجابي تعيين الحبيب الصيدي نظرا لخصاله الشخصية والمهنية والوطنية». وردا على سؤال حول ما إذا كان نداء تونس أجرى مشاورات مع النهضة بخصوص ترشيح الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة، أفاد العذاري «وقعت استشارتنا في هذا الموضوع وكان ردنا ايجابيا». وتابع «عبّرنا قبل الانتخابات عن موقف مبدئي بأننا مع (تشكيل) حكومة وحدة وطنية، وإن قدّم رئيس الحكومة المعيّن (الصيد) اقتراحا في هذا الاتجاه سنكون في منتهى السعادة بمناقشة هذا الامر». واعتبر المحلل السياسي واستاذ التاريخ السياسي المعاصر بالجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي ان ترشيح الصيد «الذي يملك خبرة في المجال الأمني» لرئاسة الحكومة الجديدة يعكس ما توليه السلطات الجديدة في تونس من أهمية للملف الأمني. وأوضح ان «الملف الامني ملف مزدوج: هناك تهديدات داخلية من الجماعات السلفية (الجهادية) المتشددة، وأخرى خارجية جراء الفوضى والحرب الدائرة في ليبيا» المجاورة. وأضاف «يمكن لشظايا (تداعيات) الحرب في ليبيا أن تصل تونس كما يمكن أن تدفع هزيمة محتملة للمتشددين في ليبيا بأعداد منهم الى الهرب الى تونس». وانتقد حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب يسارية) والذي حل الثالث في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ترشيح الحبيب الصيد لمنصب رئيس الحكومة. وقال الهمامي لإذاعة «شمس إف إم» التونسية الخاصة «الحبيب الصيد عمل مع النظام القديم (نظام بن علي) ومع الترويكا». والترويكا هي اسم الائتلاف الحكومي الثلاثي الذي شكلته حركة النهضة الاسلامية بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، مع حزبيْ «المؤتمر» و»التكتّل» العلمانييْن. واعتبر ان الباجي قائد السبسي الذي أعلن في وقت سابق أن رئيس الحكومة الجديدة لن يكون من وزراء بن علي، قد أخل بوعده. وفي مسعى للطمأنة، قال مهدي جمعة رئيس الحكومة المنتهية ولايته، الذي يقوم بزيارة إلى باريس في تصريحات للصحافيين «لدينا اليوم دولة قائمة على مؤسسات، وفوق الأشخاص».