بن علي يغادر تونس و الغنوشي يتولى الرئاسة مؤقتا أعلن أمس الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي عن توليه رئاسة الجمهورية مؤقتا نظرا "لتعذر قيام الرئيس بمهامه " في بلاغ أعلن مباشرة على شاشة التلفزيون وسط أنباء عن مغادرة الرئيس للبلاد. ووصف التلفزيون الرسمي الإعلان بالتاريخي الذي جاء تلبية لرغبة الشعب. الوزير الأول التونسي ألقى بلاغه من قصر قرطاج وكان محاطا برئيس البرلمان فؤاد لمبزع ورئيس لجنة المستشارين عبد الله القلال وجاء فيه انه "طبقا لأحكام الفصل 56 من الدستور الذي ينص على أنه في صورة تعذر على رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض سلطاته إلى الوزير الأول" وعلى ضوء ذلك يضيف الغنوشي" اعتبارا لتعذر على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بصفة وقتية أتولى بداية من الآن ممارسة سلطات رئيس الجمهورية". ودعا الرئيس بالنيابة "كافة أبناء تونس وبناتها من مختلف الحساسيات السياسية والفكرية ومن كافة الفئات والجهات إلى التحلي بالروح الوطنية والوحدة" لتخطي المرحلة التي وصفها بالصعبة.وتسارعت الأحداث أمس في تونس بعد الرفض الشعبي للإجراءات التي أعلن عنها بن علي في خطابه أول أمس والذي التزم فيه بعدم الترشح لعهدة جديدة وإطلاق الحريات، قبل أن يعلن أمس عن حل الحكومة وإجراء تشريعيات مسبقة، وهي الإجراءات التي لم تعد الهدوء إلى الشارع الذي رفع مطلب رحيل الرئيس. رحيل بن علي عن الحكم في تونس جاء مشابها في صيغته الدستورية للطريقة التي رحل بها سلفه لحبيب بورقيبة قبل ثلاث وعشرين سنة، مع فارق بسيط يتمثل في تعذر ممارسة المهام لأسباب صحية في حالة بورقيبة و"تعذر وقتي" في حالة بن علي، لكن المصير المأساوي نفسه تكرر مع الرجلين مع عصيان مدني رافق الحالة الثانية.الرئيس بالنيابة والتزم باحترام الدستور الذي وعد بن علي قبل أقل من أربع وعشرين ساعة باحترامه وعدم الترشح لعهدة جديدة كما تطالبه بعض الأطراف، بل أن بن علي اعترف بأنه تعرض للمغالطة وأنه سيحاسب الذين غالطوه قبل أن يؤكد بأنه فهم التونسيين وسيترجم هذا الفهم إلى إجراءات تتمثل في إطلاق الحريات السياسية وحرية الإعلام. لكن هذه الإجراءات جاءت متأخرة على ما يبدو، حيث أجاب التونسيون بمظاهرات عارمة في العاصمة حاصروا خلالها مقر وزارة الداخلية رافعين لافتات تطالب برحيل الرئيس.وتناقلت نهار أمس تلفزيونات ووكالات أنباء عالمية صور محتجين يخاطبون عناصر الجيش التي نزلت إلى الشارع بل ويصافحونهم وبلغ الأمر إلى حد العناق في مشهد نادر بين الجيش والشعب في مثل هذه الأوضاع في شارع عربي. و تناقلت تلفزيونات صورة محتج يقول لجندي "لا تعاملونا كما فعل الحاكم" في إشارة إلى رجال البوليس، وصورة مناضل يساري يناقش جنديا أمام وزارة الداخلية بل وصورة مواطن يصافح جنديا ويرفع يده في إشارة النصر، كان ذلك قبل الإعلان عن رحيل الرئيس، وسط غموض في موقف الجيش الذي تحرك لضمان الأمن قبل أن تتحدث وكالات أنباء عن تحركه في اتجاه قصر قرطاج.و يسود غموض حول مستقبل الحكم في تونس ففي الوقت الذي تحدث فيه معارضون عن نهاية نظام بن علي تحدث آخرون عن تكتيك من الرئيس، فيما تحدث آخرون عن استمرار نفس النظام مستدلين على ذلك بظهور الغنوشي و لمبزع و القلال في قصر قرطاج. ونفس الغموض ساد حول مغادرة زين العابدين بن علي حيث نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناطق باسم الحكومة المالطية أن طائرة بن علي حلقت في الأجواء المالطية قبل الساعة السابعة مساء بتوقيت غرينيتش في اتجاهها نحو الشمال.ونقلت ذات الوكالة عن الرئاسة الفرنسية تأكيدا بعدم توصلها بأية معلومة عن توجه بن علي إلى فرنسا، بعد تردد أنباء عن توجه الرئيس التونسي إلى مالطا أو فرنسا ، وأكد الإليزي أن الرئيس ساركوزي والوزير الأول فرانسوا فيون عقدا اجتماعا بشأن الوضع في تونس، في وقت كانت وسائل إعلام تتحدث عن تواجد بن علي بالأراضي الفرنسية.وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في وقت متأخر من مساء أمس أن باريس لم تتلق طلب استقبال في هذا الشأن وأنها ستتخذ القرار في حالة تلقيه بالتشاور مع السلطات التونسية.