انتخاب رئيس جديد لتونس في ظرف شهرين أدى رئيس البرلمان التونسي فؤاد لمبزع أمس السبت اليمين الدستورية لتولي رئاسة تونس بالوكالة، وقبل ذلك كان المجلس الدستوري التونسي قد أعلن الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية أو ما أسماه "شغور السلطة"، كما أعلن عن تعيين فؤاد المبزع رئيسا للبلاد بالوكالة كما ينص عليه الدستور، وهو ما يضع حدا لحكم الرئيس المخلوع بن علي ويبعد أية إمكانية لرجوعه لسدة الحكم في تونس من الناحية القانونية والدستورية . و أعلن رئيس المجلس الدستوري أن الشروط الدستورية قد توفرت لتولي رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع مهام رئيس الدولة بصفة مؤقتة، وذلك استنادا إلى المادة 57 من الدستور التي تنص على التعيين الفوري لرئيس مجلس النواب في مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه ستون يوما، كما تنص ذات المادة أنه على القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة أن يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس النواب وعند الضرورة أمام مكتب المجلس، في حين أنه لا يجوز له الترشح لرئاسة الجمهورية حتى ولو قدم استقالته، وتحدد المادة 57 من الدستور أنه خلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات. هذا التغيير المفاجئ جاء بعد الضغوط الكبيرة التي خضع لها الوزير الأول محمد الغنوشي الذي أعلن نفسه أول أمس الجمعة رئيسا بالوكالة مباشرة بعد مغادرة الرئيس بن علي الأراضي التونسية تحت ضغط الجماهير التونسية التي طالبت برحيله، حيث نقلت تقارير إخبارية مطالبة التونسيين بتسليم الغنوشي الرئاسة المؤقتة لرئيس البرلمان، كما دعا من جهتهم العديد من رجال القانون التوانسة إلى ضرورة تصحيح الوضع المخالف للدستور الذي تمثل في تسلم الوزير الأول الرئاسة بدلا من رئيس البرلمان، وعبّر الشارع التونسي عن تخوفه من استيلاء الغنوشي وهو أحد وجوه السلطة المقالة على الرئاسة، وردد المتظاهرون هتافات مناهضة له، تتهمه بأنه جزء من النظام الحاكم التونسي وأحد رجال الرئيس بن علي، مطالبين بتنحيته ومحاكمته، حيث خرجوا ليلة أول أمس وصباح أمس إلى شوارع العديد من المدن متظاهرين ومطالبين بانسحابه رغم حالة الطوارئ التي تحظر أي تجمع وتسمح لقوات الأمن باستعمال الرصاص ضد الذين ينتهكون هذا القرار، وهو ما كان بالفعل حيث تنحى محمد الغنوشي صباح أمس تحت الضغط من رئاسة الدولة التي تولاها لأقل من 24 ساعة. وكان تعيين الغنوشي قد تم بناء على الفصل 56 من الدستور، ما كان سيسمح بعودة زين العابدين بن علي، لكن ضغوط القانونيون وجزء من المعارضة والشارع، أدى إلى عودة الوضعية السليمة دستوريا وفق المادة57 من الدستور التي تنص أيضا على تنظيم انتخابات تشريعية في مدة أقصاها ستين يوما بينما لا تنص المادة 56 على انتخابات، وهو ما لوحظ بالفعل حيث أن الغنوشي لم يتطرق إلى انتخابات في إعلانه عن تسلم الرئاسة المؤقتة واقتصر على الوعد بتطبيق القرارات التي اتخذها بن علي لا سيما انتخابات مبكرة في غضون ستة أشهر. ومن جهة أخرى أعلن أمس الرئيس المؤقت فؤاد المبزع عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وكلف محمد الغنوشي بهذه المهمة، وقال المبزع في كلمة وجهها إلى الشعب التونسي وبثها التلفزيون الرسمي أن مهام الحكومة السابقة انتهت وذلك بعد استشارة المجلس الدستوري حول سير المؤسسات الدستورية، وأكد تكليف الغنوشي ببدء مشاوراته لتشكيل حكومة وحدة وطنية في أقرب وقت، حيث أعلن بعض قادة أحزاب المعارضة أن الغنوشي قد التقاهم في سبيل هذا المسعى، وأعلن البقية استعدادهم للإسهام في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .