قسنطينة ودعت «قزمها العملاق» مبروك ودع القسنطينيون من سكان المدينة القديمة (الأربعين شريفا، سيدي الجليس، الشارع، رحبة الصوف، الرصيف، الشط، البطحة والسويقة) بعد ظهر أمس، رمزا من رموز الصخر العتيق، والمتمثل في الفقيد مبروك علاق المدعو «كعبور»، والذي وافته المنية مساء الأربعاء الفارط، عن عمر ناهز 62 سنة. مبروك الذي شيع إلى مثواه الأخير بالمقبرة المركزية في موكب جنائزي مهيب، من مواليد سنة 1953، يعد من رموز قسنطينة القديمة، والذي كان يقيم بما يعرف لدى القسنطينيين ب «الغار»، مسكن بحي ابن باديس (أسفل الأربعين شريفا)، ببيت شعبي متواضع أقامت به بعض العائلات القسنطينية المعروفة، على غرار عائلة لمسامري الفنية. الفقيد كان معروف بالطاولة العملاقة التي كان يسترزق منها، والتي يعرفها أطفال كل الأطوار الدراسية الذين كانوا يمرون يوميا بجسر باب القنطرة، بحيث كانوا يفضلون شراء مختلف أنواع الحلوى والشكلاطة من عنده، رغم أنه كانت هناك طاولة أخرى بجانبه لصاحبها المدعو «حدوش المعوق» رحمه الله، لا لشيء سوى لأن مبروك كان وقتذاك «قزم» قسنطينة المشهور، إلى جانب قزم «مقعد الحوت» والثالث ابن سوق العصر. مبروك الذي نشأ وترعرع بالشارع الرئيسي الذي يتوسط كل الأحياء الشعبية للمدينة القديمة، والمعروف ب «طريق جديدة»، أو شارع العربي بن مهيدي، شاء القدر أن لا يغادر هذا الحي إلا نحو مثواه الأخير، على الرغم من المحاولات العديدة للخيريين ومديرية النشاط الاجتماعي لجعله من مقيمي دار العجزة يوم كانت بالهرية، وحتى دار الرحمة بجبل الوحش، وهذا لأنه كانت لديه عزة نفس، وبالتالي كان يرفض أن يكون محل شفقة. وداعا مبروك كنا نأمل أن يراك ضيوف قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، ويتعرفون عليك كرمز من رموزها، التي ستبقى تحتفظ بها الذاكرة الشعبية لسكان الصخر العتيق.